شملان يوسف العيسى

أخذت أحداث البحرين الشقيق أبعاداً محلية وإقليمية تتطلب من جميع العقلاء داخل البحرين وخارجها التدخل لمنع العنف والتمزق المجتمعي، بعيداً عن الطائفية وتهديد الوحدة الوطنية، وللعمل على إعادة الحياة الطبيعية لهذا البلد العربي المسالم.

ما يدفعنا للتركيز على البحرين والاهتمام بها هو أن هذه الأحداث غريبة على البحرين وأهلها، فهناك قوى داخلية وخارجية تترصد بهذا البلد وتحاول فرض الوصاية عليه.

إن أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورات والاحتجاجات العربية هذه الأيام، وتداعي وانهيار النظام السياسي في كل من تونس ومصر، هو الاستبداد وغياب الحريات الناظمة للعلاقة بين مجموع أطياف المجتمع الوطني. لذلك لا نريد للبحرين العزيزة علينا ولا لشعبها الطيب إلا أن تتمتن عرى التضامن الداخلي فيها على قاعدة المواطنة الواحدة.

علينا أن نعي أن قضية الطوائف المذهبية قضية حساسة ومعقدة وتحتاج إلى دراسة متأنية ومعمقة لواقعها، وصولاً إلى بلورة موقف حضاري وإنساني متكامل في طريقة التعامل معها، وكيفية الاندماج الطوعي والاختياري للأقليات والأغلبيات معاً في النسيج الوطني ككل.

إننا لا نبالغ حين نؤكد أن معظم الأزمات والانقسامات الاجتماعية والسياسية يعود سببها إلى عدم التصدي بجدية لقضايا الطائفية والمواطنة والمساواة في المجتمع الواحد.

التجارب الإنسانية التي مرت على الكثير من دول العالم، ومنها التجربة اللبنانية في الوطن العربي، تخبرنا بأن الحروب الطائفية الداخلية لا أحد يستفيد منها، بل جميع الأطراف فيها تكون خاسرة حتماً. فقد دخل لبنان الشقيق حرباً أهلية دامت قرابة 15 عاماً وانتهت باتفاق الطائف دون أن ينتصر أي طرف على الآخر، وكان الخاسر الأكبر هو لبنان ذاته، هذا البلد الحر الديمقراطي المتميز بكثرة الخلافات بين سياسييه وطوائفه المتباينة. ولا يزال لبنان حتى الآن يواجه إشكالية عدم وجود حكومة قوية تتفق جميع الأطراف عليها.

والآن، كيف يمكن مواجهة الأزمة في البحرين؟ وما هي الحلول التي يرضى بها جميع الفرقاء حتى نتفادى سيناريو الانهيار والتمزق؟

مطلوب من جميع العقلاء في الطرفين، الحكومة والمعارضة، العودة إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات سياسية بهدف الوصول إلى حلول ترضي الجميع، فلا يمكن تحقيق الوفاق والرضا بين الطرفين دون تقديم تنازلات متبادلة. وهنا يجب أن يتوفر الاقتناع الداخلي الصادق بأهمية الحوار وجدواه.

في بداية أزمة البحرين طرح ولي عهدها تصورات لكيفية الوصول إلى حلول عقلانية للإشكال القائم، لكن دخول قوى التطرف من الجانبين أفشلت المحاولة الأولى. ومع ذلك يبقى الحوار الداخلي بين الحكومة والمعارضة هو الطريق الأقصر لحل المشاكل. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فالمطلوب من قادة دول مجلس التعاون من جهة، وآية الله علي السيستاني من جهة أخرى، العمل معاً لتهدئة الأوضاع، وذلك بطرح حلول وسط ترضي الطرفين، خصوصاً وأن قادة المجلس لهم مكانة خاصة لدى القيادة السياسية في البحرين، كما يحظى السيستاني بقبول كبير لدى شيعة البحرين، لمواقفه المعتدلة ودعوته الدائمة للحوار والديمقراطية كأسلوب لحل الخلافات.