جهاد الخازن

نرفض إطلاقاً أن تتحول البحرين الى لبنان آخر، وسنقاوم ذلك، ومستعدون لدخول حرب مع إيران، وحتى مع العراق، دفاعاً عن البحرين.

الكلام السابق ليس لي وإنما سمعته من وزير خارجية إحدى دول مجلس التعاون الخليجي في جلسة خاصة استمرت أكثر من ساعتين. وهو قال لي أن أختار هل أنقل رأيه منسوباً إليه فيتحدث بديبلوماسية وحذر لا يعكسان حقيقة الوضع، أو أكتم الاسم فيتحدث بصراحة ويعطيني والقراء الصورة الأخرى للأوضاع من دون رتوش أو تزويق.

فضّلتُ الخيار الثاني، وسمعته يقول ان البحرين خط أحمر. كل دولة في مجلس التعاون خط أحمر. الكل واحد، ونحن مستعدون لدخول حرب دفاعاً عن أنفسنا. وإذا حاولت حكومة العراق التدخل في البحرين لمصلحة الشيعة أو إيران فالعراق سيقسّم.

كان الوزير غاضباً من تهديدات إيرانية لدول الخليج كافة، بعضها معلن ومعروف، وبعضها عبر القنوات الديبلوماسية، ومن شبكات تجسس وتخريب في كل دولة، ومن تحريض على الفتنة الطائفية حيث استطاعوا، خصوصاً في البحرين والمملكة العربية السعودية والكويت.

الوزير قال ان العالم حشد تحالفاً دولياً ضد صدام حسين عندما غزا الكويت، إلا أن العالم نفسه أكثر عداء لإيران اليوم منه لصدام حسين قبل 11 سنة، والقادة الإيرانيون مجانين إذا فكّروا في ان يتدخلوا في شأن أي دولة من دول الخليج، لأن هذا التدخل سيعطي العالم العذر الذي يبحث عنه لمحاربة الأطماع الإيرانية.

وهو رأى ان خطورة ايران عبر تصرفاتها في المنطقة وتهديداتها ومحاولاتها التخريب أكبر كثيراً من خطورة برنامجها النووي. ولو أن إيران ما كانت تمارس هذه السياسة العنصرية وتحاول نشر الاضطراب والفوضى، لما كانت دول الخليج قلقة من برنامجها النووي العسكري.

كنت في السابق اختلفت مع الوزير حول البرنامج النووي الإيراني، فأنا أؤيده طالما ان لإسرائيل ترسانة نووية معروفة، وأريد أن تحاول كل دول الخليج وبقية الدول العربية، بما فيها مصر وسورية، أن تسعى لامتلاك سلاح نووي، فهي بمجرد السعي ستجعل الولايات المتحدة ودول العالم كله تسعى الى تجريد الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وكان رد الوزير عليّ دائماً ان المثقفين العرب عائشون في أبراجهم ويكتبون ويحللون من دون ان تكون عندهم تفاصيل كاملة عن حقيقة الوضع على الأرض.

غير أنني وجدت اخيراً أن الرأي الذي سجلته في هذه الزاوية مرة بعد مرة، ليس رأي مثقف يتيم، فقد قرأت أخيراً ان الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية الأسبق، اقترح في كلمة له في مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية، تأسيس جيش خليجي مشترك يملك قدرة نووية عسكرية. وأذكر أن الأمير خالد بن سلطان الذي كان قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات مع الجنرال نورمان شوارتزكوف في حرب الخليج الأولى، اقترح مثل هذا الجيش الخليجي بعد تحرير الكويت سنة 1991، وشرح الفكرة في كتاب مذكراته عن الحرب الذي كان عنوانه laquo;مقاتل من الصحراءraquo;، وفي مقالات منشورة له.

أعود الى الجلسة الخاصة مع وزير الخارجية، فهو قال لي انه بعد الدمار في اليابان الذي سبَّبه المفاعل النووي الذي ضربه تسونامي، زاد القلق الخليجي أضعافاً من البرنامج المدني الإيراني. وهو ذكّرني بالمفاعل في بوشهر، وهي على خط الزلازل في الخليج، وأن ماء الخليج هو المصدر الأول للتحلية في بلادنا، وإذا ضُرب هذا المفاعل لأي سبب من الأسباب وتلوثت مياه الخليج، فالخطر على دول المنطقة أكبر من قنبلة نووية.

وشكا الوزير من اختيار بوشهر تحديداً لبناء مفاعل بتكنولوجيا روسية قديمة متخلفة في موقع زلازل مع مهندسين إيرانيين.

الوزير قال ان النظام الإيراني يتصرف بعدوانية وغطرسة من دون قنبلة نووية، فكيف سيتصرف لو امتلكها؟ وهو رأى ان الإيرانيين اصحاب أكبر مصلحة في السعي لمنع النظام من امتلاك سلاح نووي، لأن هذا النظام أظهر انه مستعد للتصرف مع شعبه كما تصرف القذافي مع الليبيين، وإذا امتلك سلاحاً نووياً لا يعود العالم الخارجي قادراً على نصرة الشعب الإيراني وإنقاذه كما يفعل الآن مع الشعب الليبي.

أكمل غداً مع الوزير عن ايران مرة أخرى، وليبيا ومصر ومواضيع أخرى.