عبدالرحمن الخطيب
كان أول من حذر من مصطلح الهلال الشيعي الملك حسين، رحمه الله. وتنبه إلى خطورة خبث نيات ملالي إيران، أيضاً الزميل جميل الذيابي، فألف كتاباً بعنوان laquo;إيران ورقصة السرطانraquo;، ولكن بعد أن تحقق قيام دول الهلال الشيعي، بدءاً من إيران إلى العراق وسورية ولبنان، تسعى الأيديولوجية الإيرانية لاستكماله بشكل laquo;بدرraquo;، فقامت إيران باحتلال الجزر الإمارتية الثلاث، وحاولت، وتحاول، انتزاع دولة شيعية في اليمن، وبدأت تتغلغل وتداعب المشاعر المذهبية عند إخواننا الشيعة في بعض دول الخليج، للمطالبة بدويلات شيعية منفصلة، لإتمام شكل laquo;البدرraquo; الشيعي.
وهنا أود تنبيه إخواننا الشيعة في دول الخليج واليمن وغيرها من الدول إلى خطورة إذكاء هذه الفتنة الطائفية، ولفت النظر إلى أن النصوص الفقهية في معظم كتب المذهب الشيعي تُحرّم الخروج على الإمام المسلم.
إن الشيعة هم إخواننا وأرحامنا، ففي عصر الإسلام الأول لم يكن هناك خلاف بين الإمام علي، رضي الله عنه، وبين أهل البيت في مسألة خلافة أبي بكر، رضي الله عنه، وإمارة المؤمنين وإمامة المسلمين، فأهل البيت بايعوه كما بايعه غيرهم، وساروا في مركبه، ومشوا في موكبه، وقاسموه هموم المسلمين وآلامهم، وشاركوه في صلاح الأمة وفلاحها، كان الإمام علي، رضي الله عنه، يؤدي الصلوات الخمس في المسجد خلف الصديق، رضي الله عنه، راضياً بإمامته، ومظهراً للناس اتفاقه ووئامه معه، وكان أحد المستشارين المقربين إليه، يشترك معه في قضايا الدولة وأمور الناس، ويشير عليه بالأنفع والأصلح، ويتبادل معه الأفكار والآراء، لا يمنعه مانع ولا يعوقه عائق، يصلي خلفه، ويعمل بأوامره، ويقضي بقضاياه، ويستدل بأحكامه ويستند، وكان يصاهر أهل البيت به وبأولاده، ويتزوجون منهم ويزوجون بهم، ويتبادلون ما بينهم الهدايا والصلات، ويجري بينهم من المعاملات ما يجري بين الأقرباء المتحابين والأحباء المتقاربين، كيف لا؟ وهم أغصان شجرة واحدة وثمرة نخل واحدة؛ لا كما يصوره ملالي إيران، ومكايدي الأمة المحمدية، والحاسدين الناقمين على الإسلام السنة.
أما خلافة الصديق، رضي الله عنه، فبصحتها وانعقادها وقيامها كان الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، يستدل في أحاديثه. في laquo;نهج البلاغةraquo; يقول، رضي الله عنه: laquo;إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل، وسمّوه إماماً كان ذلك لله رضاً، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولىraquo;. وفي laquo;ناسخ التواريخraquo; يقول، رضي الله عنه: laquo;إنكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي، وإنما الخيار للناس قبل أن يبايعوا، فإذا بايعوا فلا خيارraquo;. هذه النصوص واضحة في معناها، لا غموض فيها ولا إشكال بأن الإمامة والخلافة تنعقد باتفاق المسلمين واجتماعهم على شخص، خصوصاً في العصر الأول، إذ كان باجتماع الأنصار والمهاجرين، فإنهم اجتمعوا على أبي بكر وعمر، فلم يبق للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد. ولأجل ذلك رد، رضي الله عنه، على ابن أبي سفيان والعباس حينما عرضا عليه الخلافة، لأنه لا حق له بعدما انعقدت للصديق، رضي الله عنه. في laquo;بحار الأنوارraquo; للمجلسي اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة، وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر، مستحق للخلود في النار.
يقول الإمام علي، رضي الله عنه، وهو يذكر الفاروق، رضي الله عنه، وولايته مصدقاً لرؤيا النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي رآه وبشر به عمر، رضي الله عنه: laquo;ووليهم وال، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانهraquo;. قال الميثم البحراني، شارح laquo;نهج البلاغةraquo;، وكذلك الدنبلي في laquo;الدرة النجفيةraquo; شرحاً لهذا الكلام: laquo;إن الوالي عمر بن الخطاب، وضربه بجرانه كناية بالوصف المستعار عن استقراره وتمكنه كتمكن العير البارك من الأرضraquo;. وفي laquo;نهج البلاغةraquo;، الكثير من النصوص التي تدل على المعنى نفسه بأن الفاروق كان سبباً لعز الدين، ورفعة الإسلام، وعظمة المسلمين، وتوسعة البلاد الإسلامية، وأنه أقام الناس على المحجة البيضاء، واستأصل الفتنة، وقوّم العوج وأزهق الباطل، وأحيا السنة طائعاً لله خائفاً منه. فعلى سبيل المثال في laquo;شرح نهج البلاغةraquo; يقول الإمام علي، رضي الله عنه: laquo;لله بلاد عمر، فقد قوم الأود، وداوى العمد، وخلف الفتنة، وأقام السنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي بها الضال، ولا المستيقن المهتديraquo;. هذا فلينظر إخواننا الشيعة في الخليج كيف أن علياً، رضي الله عنه، سبق الفتنة وتركها خلفاً، لم يدركها هو، ولا الفتنة أدركته، وانتقل إلى ربه وليس عليه ما يلام عليه، أصاب خير الولاية والخلافة، ولحق الرفيق الأعلى، ولم يلوث في القتل والقتال الذي حدث بين المسلمين طائعاً لله، غير عاصٍ، واتقى الله في أداء حقه، ولم يقصر فيه ولم يظلم.
وكذلك لما تكلم، رضي الله عنه، في رد فدك أبى أن يعمل خلاف ما فعله عمر. يقول السيد مرتضى: laquo;فلما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، كلم في رد فدك، فقال: إني لأستحي من الله أن أردّ شيئاً منع منه أبو بكر، وأمضاه عمرraquo;. وروي عن حسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما أنه قال: laquo;لا أعلم علياً خالف عمر، ولا غيّر شيئاً مما صنع حين قدم الكوفةraquo;. وفي رواية أن علياً قال حين قدم الكوفة: laquo;ما كنت لأحل عقدة شدها عمرraquo;.
وأورد لهم هنا حديثاً واحداً من كتب أهل السنة، لعل إخواننا الشيعة يعترفون بها. في laquo;الصحاحraquo; عن أنس، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: laquo;اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌraquo;.
التعليقات