ساجد العبدلي

كثيرون ممن هاجموني مع أحداث البحرين واتهموني بالطائفية ضدهم لأنهم شيعة، التزموا الصمت اليوم، بل التحفوا به وناموا، مع اندلاع أحداث الأحواز، لكنني مع ذلك، لن يستهويني أن أطالبهم الآن باتخاذ موقف مما يجري في الأحواز، لمجرد أن أشاهدهم يتهربون من ذلك، لأن طرف المعادلة الثاني هو إيران التي يتعين عليها ألا تستخدم القمع مع متظاهرين سلميين عزل، فما تبثه وسائل الإعلام عما يجري هناك خطير جداً.

مع بداية اندلاع أحداث البحرين، كان لي موقف، لم يخرج عن سياق ما كنت طرحته عن كل التظاهرات والثورات العربية السابقة، قلت فيه إن من حق الناس، بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية والفكرية، أن يطالبوا بحقوقهم الوطنية الشرعية، وأن من الواجب على السلطات البحرينية أن تستجيب للمطالب العادلة، وألا تكون هناك تفرقة بين مواطنيها لأي سبب كان، وأن من المرفوض تماماً اللجوء إلى قمع المتظاهرين ماداموا يلتزمون السلم، وبعدها وحين تزايدت نار الأحداث هناك، والتبست الأمور، كتبت رافضاً أن تخرج التظاهرات عن دائرة الوطنية فترتبط بأي جهة خارجية، بعدما تردد الحديث عن هذا الأمر، وكررت التركيز على أهمية بقائها سلمية تماماً، وفي المقابل لزوم عدم اللجوء إلى قمعها مادامت كذلك، وناشدت ضرورة المعالجة الحكيمة الراشدة.

لكن هذا الرأي لم يعجب الأطراف المتخاصمة، لأنه لم يأت على هوى أي منها، فلا أنا الذي كنت ملت تماماً ناحية المتظاهرين، ولا أنا الذي ملت تماماً ناحية إجراءات الحكومة البحرينية، فظهر من اتهمني بالطائفية وتحيزي لجماعتي السنة من ناحية، ومن اتهمني بالتشيع من الناحية الأخرى، وكذلك ظهر من اتهمني بالضبابية، بينما كنت ومازلت أؤمن بأني اتخذت الموقف المبدئي الموضوعي، الصالح للقياس في حالات تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن، وهو ذاته الذي سأتخذه اليوم في حالة أحداث الأحواز!

لكن الظريف أن كثيراً ممن هاجموني مع أحداث البحرين من طرف أني لم أنتصر للمتظاهرين فيها كانتصاري لمتظاهري تونس ومصر، واتهموني لذلك بالطائفية ضدهم لأنهم شيعة، التزموا الصمت اليوم، بل التحفوا به وناموا، مع اندلاع أحداث الأحواز، لكنني مع ذلك، لن يستهويني أن أطالبهم الآن، وهم من وقفوا بحماسة منقطعة النظير مع المتظاهرين في البحرين، ولا ملامة لهم هنا فهذا حقهم عقدياً وفكرياً، كنت أقول إنه لن يستهويني أن أطالبهم باتخاذ موقف مما يجري في الأحواز، لمجرد أن أشاهدهم يتهربون من ذلك، لأن طرف المعادلة الثاني هو إيران.

لن أفعل هذا، فهو من قبيل العبث الصبياني الذي لن يفيد ولن يغير شيئاً.

ما يهمني، فقط، هو طرح رأيي الذي لن أحابي به أحداً، ولا يهمني إن خسرت لأجله أحداً، مادمت أريد به الله، ولذلك فما كنت لأدخل نفسي في المتاهات التاريخية لما يجري في الأحواز، لأنني لست مؤهلاً لذلك، فضلا عن أكون مطالباً به، وإنما سأقف عند حدود الرأي نفسه الذي أراه صالحا في كل سياق وزمان.

رسالتي هي أن من حق الناس في الأحواز أن تتظاهر سلمياً لأجل مطالباتها وحقوقها التي ترى أنها مشروعة وعادلة، ومن الواجب على الحكومة الإيرانية، وهي التي تحدثت على ألسنة مسؤوليها عن حقوق الشعوب العربية بتقرير مصيرها لمرات ومرات، ألا تستخدم القمع مع المتظاهرين السلميين العزل، وأما ما تبثه وسائل الإعلام عما يجري هناك فهو خطير جداً، ولن يكون مفاجئاً لذلك أن تتصاعد الأمور وأن تندلع مواجهات أكثر دموية، وهو ما لا نتمناه.