علي الشرقاوي
في أواخر ستينات القرن الماضي، كنا نقرأ في الكتب الماركسية عن قانون التناقض في الطبيعة والمجتمع والإنسان. هكذا كنا نرى أن التناقض الرئيس في الساحة البحرينية، في فترة ما قبل استقلال البحرين، بين الشعب بكل مكوناته الإثنية ومعه العائلة الحاكمة وبين الاحتلال البريطاني الذي هذب كلمته تحت كلمة الحماية أو الوصاية عبر مجموعة من الاتفاقيات، أما التناقض الثانوي فقد كان مؤجلاً إلى مرحله التخلص من الهيمنة الاستعمارية والاستعداد للديمقراطية. بعد استقلال البحرين عن بريطانيا تحولت المطالب الديمقراطية من خانة التناقض الثانوي إلى خانة التناقض الرئيس، وكان العمل يجري على قدم وساق مندفعين إلى تحويل المجتمع البحريني إلى مجتمع ديمقراطي يساهم فيه الجميع بالبناء والتنمية والإصلاح. وهذا ما حدث، حيث قام النظام بالشروع في عقد مجلس تأسيسي لصياغة الدستور (في الواقع كانت لنا وجهة نظر في هذا الدستور وخاصة في إبعاد المرأة، نصف المجتمع، من الترشيح والانتخاب، هذا الأمر الذي عمل دستور 2002 على تجاوزه واعتبار المرأة ركيزة أساسية فيه)، واستمر النظام السياسي في البحرين العمل على إنجاز التحول الديمقراطي، إلا أن العلاقة مع المجلس الوطني (البرلمان) شابها نوع من أنواع الشد والجذب، مما ساهم في تعطيل الحياة البرلمانية لمدة أكثر من ربع قرن. مجيء جلالة الملك حمد بن عيسى إلى سدة الحكم وعمله من أجل إرساء دولة ديمقراطية حديثة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى عبر الميثاق الوطني، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإعادة المنفيين والعمل على صياغة دستور جديد يتماشى مع التطور التاريخي، ليس في البحرين فقط، إنما على مستوى العالم؛ حقق أغلب المطالب السياسية التي حلم بها الإنسان البحريني منذ عشرينات القرن الماضي. في الأحداث الأخيرة، التي سارت ضمن مخطط مدروس وبشكل ممنهج، عملت جمعية الوفاق وتوابعها تحت قيادة مرجعها الشيخ عيسى قاسم على تحويل التناقض الرئيسي بين النظام والشعب من أجل المزيد من الإصلاحات المعيشية والسياسية إلى تناقض ثانٍ أو عاشر والركض المارثوني لتنفيذ أطروحة الفوضى الخلاقة الإيرانية، والتي تعني شل النظام السياسي وهدم البناء الاقتصادي وسد الشوارع والاعتصام العام لمنع الموظفين والعمال من الذهاب إلى أعمالهم، وإطلاق الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة تحت شعار (الحسينيون واليزيدون)، بمعنى؛ أن كل من هو ليس مع حركة 14 فبراير وجمعية الوفاق والمرجعية، هو يزيدي، وهابي، بلطجي، مجنس، عميل، متخاذل، خائن، وغير ذلك من الصفات، والتي ما كان لأي كان أن يطلقها لو لم تكن هناك خطة محددة مدروسة وضعتها إيران وحزب الله والذي له امتداد في البحرين والكويت والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية. من أبعد التناقض الرئيس الذي كان هو المزيد من الإصلاحات المعيشية والديمقراطية، من الذي جمده، وبالتالي أحرق المكتسبات التي حصلت عليها حركة التنوير الاجتماعي بعد نضال عقود من السنين. أين هم الماركسيون الذين تعلمنا منهم قراءة هذه التناقضات؟ هل نسوا الدياكتيك أو الجدل الماركسي؟ كيف يمكن أن يسكت إنسان على محاولة سرقة وطن؟ كيف يمكن أن يسمى قومياً من يقف مع إيران الشعوبية؟ كيف للماركسي اللينيني أن يجر كالنعجة من قبل مجموعة ولاية الفقيه، هذه المرجعية التي لا تؤمن بالحوار؟ كيف للفكر التنويري أن يقاد من أصحاب الفكر المذهبي الضيق والرجعي. هذه أسئلة ستظل تراود أذهان كل من عاش هذه الفترة الصعبة وشاهد جمعية الوفاق وذيولها وهي تحاول سرقة الديمقراطية البحرينية وتقديمها على طبق من ذهب إلى إيران. لكن الله كان مع البحرين، قيادة وشعباً، مع البحرين محبة وحلماً، مع البحرين ذات العمق الخليجي والعربي. أسئلة طرحناها وأسئلة لم نطرحها بعد وأسئلة سوف تبقى معلقة تنتظر الطرح
التعليقات