خالد صاغية


لا يكشف المرء سرّاً إن قال إنّ حزب اللّه ليس حزباً إصلاحيّاً. هو لا يملك برنامجاً إصلاحيّاً في لبنان، ولا نيّة لديه لدعم برنامج إصلاح جذريّ، إن امتلكه أيٌّ من حلفائه. وحين كان مطمئنّاً إلى أنّ ما من قوى سياسيّة جدية في البلاد ترغب في طعن المقاومة في ظهرها، لم يُعر أهمية للاشتراك في الحكومة أصلاً.
وليس حزب اللّه من جماعة laquo;الديموقراطيّة أوّلاًraquo;. لا بل إنّه، كحزب أولويّته المقاومة، مستعدّ للتضحية بالكثير من أصول العمل الديموقراطيّ إذا ما تعارضت مع ما يراه مصلحة للمقاومة.
هذا كلّه معروف ومستدلّ عليه بالنظريّة والممارسة. فحزب اللّه الذي نجح في تحرير الأرض وفي تحقيق انتصار تمّوز 2006، هو نفسه الحزب الذي لم يتوانَ عن ارتكاب أحداث 7 أيّار أو عن تنفيذ خطّة انتشار المعاطف السوداء. وفي الحالتين، كنّا أمام قوى سياسيّة تتعمّد إلحاق الأذى بالمقاومة، وأمام مقاومة تردّ على طريقتها التي لا تتوافق والديموقراطيّة. صحيح أنّ حزب اللّه يفضّل أن تحكم البلد أكثريّة داعمة للمقاومة، لكنّه لن يتنازل عن المقاومة إن افتقد أكثريّة كهذه.
إذا كانت هذه هي نظرة الحزب إلى الإصلاح والديموقراطيّة في لبنان، فالأرجح أنّه لا يملك نظرة مختلفة إليهما في سوريا. ولن نجده في أيّ لحظة يضحّي بحليف أو صديق لكونه لا يستوفي الشروط الديموقراطيّة. لذلك، من السذاجة انتظار موقف من حزب اللّه داعم لإسقاط النظام في سوريا. وربّما كان على محترفي إضفاء الصبغة الرومانسيّة على المقاومة وعلى حزب اللّه، أن يكفّوا عن ذلك، إنصافاً للحزب ودوره، وتجنّباً لإصابتهم بإحباطات لا تنتهي. والغريب أنّ مُحبّي حزب اللّه الذين يطالبونه بموقف من النظام السوري هم، على الأرجح، من غير المعجبين بعمامات الحزب أو بأيديولوجيّته الدينيّة، وتقتصر علاقتهم بالحزب على إعجابهم بصواريخه، وهم يعرفون أنّ هذه الصواريخ لا توزّعها الدول الديموقراطيّة عادةً إعاشات على حركات المقاومة الإسلاميّة.
لكن، في المقابل، يبدو أنّ حزب اللّه وقع أسير صورة فُرضت عليه. فتحدّث أمينه العام عن الإصلاح في سوريا، وذهب إلى حدّ الجزم بأنّ القيادة السوريّة عازمة على اتّخاذ خطوات إصلاحيّة كبرى، فيما لم يترجم هذا الإصلاح نفسه حتّى الآن إلا عنفاً فظّاً. ليست الوعود الإصلاحيّة السوريّة ما ينبغي انتظاره من حزب اللّه. لكنّ ما ينتظره الجميع هو أن يكون حزب اللّه حريصاً على كلّ قطرة دم سوريّة بريئة، ليكون وفيّاً لجمهور المقاومة على الأقلّ. ما ينتظره الجميع، ببساطة، هو التعزية بالشهداء الذين أحبّوا سوريا... كما لم يحبّها أحد.