سلمان الدوسري


أما وقد بلغت الحلقوم لدى أهل سوريا، الذين إن نجوا من الموت فلن ينجوا من التعذيب، وإن سلموا من هذا وذاك، فأين المفر من مطاردة الأمن السري؟! فليس أمام العرب، وهذا أضعف الإيمان، إلا الاعتذار عن خذلانهم للسوريين. فردود الفعل العربية، لا تزال في خانة الانتظار والترقب، حتى بعد مقتل 1300 شخص واعتقال 10 آلاف وتهجير مثلهم.

ثلاثة أشهر من القمع الوحشي المتواصل والعرب يتفرجون. اندلعت شرارة المظاهرات ضد النظام. واشنطن تدعو الحكومة السورية لـlaquo;ضبط النفسraquo;، وباريس تندد بـlaquo;العنف ضد المتظاهرينraquo;، بينما تركيا تحذر حليفها وتنصحه بإجراء إصلاحات سياسية، أما الأمين العام للأمم المتحدة فيدعو لفتح تحقيق ومعاقبة المسؤولين عن المجازر. لكن العرب يتفرجون. الاتحاد الأوروبي يحث السلطات على الاستجابة لمطالب المواطنين، ومفوضية حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة تحذر من الدخول في laquo;دوامة العنفraquo;. قتلى القمع يتناثرون في عدة مدن سورية. والعرب كانوا يتفرجون!

laquo;الجيش يتدخل.. واللاذقية تتحول إلى مدينة أشباحraquo;، هكذا كان عنوان الصفحة الأولى من هذه الصحيفة يوم 28 مارس (آذار). درعا تتعرض لحملة منظمة لتجويع صغارها قبل كبارها. قوات الجيش تفتح النيران على المحتجين. حماس تقول إن ما يحدث laquo;شأن داخليraquo;. حزب الله يؤيد النظام ضد شعبه، أما طهران فتنتقد المحتجين وتعتبر ما يحدث laquo;مؤامرة صهيونيةraquo;، بينما العرب يتفرجون. القمع يمتد إلى مدن لم تعرف مسبقا إلا على الخريطة، فنعرف أن تلكلخ قصفت، وبانياس تدمي من القتل، هذا يحدث بينما لا تزال درعا ودوما محاصرتين، وعدد قتلى المدنيين يرتفع إلى ما يقارب 500 شخص، لكن العرب كانوا يتفرجون. تركيا مستمرة في انتقاد حليفها، وتحذر من laquo;القمع الداميraquo;. حمامات دم في مدن سورية عدة. واشنطن تعد لمسودة عقوبات. 4 دول، بالتأكيد ليست عربية، تعد لمشروع قرار بمجلس الأمن لإدانة القمع، حتى روسيا، وهي روسيا، تطالب دمشق بالتحقيق في مقتل المدنيين. أين العرب؟! كانوا صامتين يتفرجون!

مع دخول الانتفاضة شهرها الثالث، يمعن النظام في قمع شعبه، فيقتل البطل حمزة الخطيب، ومشاهد تعذيبه تهز العالم، إلا العرب، فقد كانوا يتفرجون. يدك النظام السوري المنازل بالدبابات، ولما لم تتوقف الاحتجاجات، لجأ إلى الطائرات والمدافع. القتلى في ازدياد والنظام غير عابئ، ولمَ لا، ما دام العرب يتفرجون؟! قوات الأسد تحاصر المدن، التي تتحول إلى مدن أشباح. المقابر الجماعية تكشف عن وحشية النظام، وإيران تشارك بقوة في التنكيل بالمحتجين العزل. الغرب بأكمله يصعّد ويطالب الأسد بالإصلاحات أو الرحيل، أما العرب فلا تسأل عنهم، فإنهم يتفرجون!

العرب، أخيرا، يتحركون. يرفض الأمين العام للجامعة العربية laquo;القسوةraquo; مع سوريا. قبل أن يلطف حديثه، بعد نحو 90 يوما من القمع الدامي، بأدنى درجات الدبلوماسية، وهي laquo;القلقraquo; مما يحدث، بينما السوريون يهجرون من وطنهم، لكن لا حياة أصلا لتناديها في الجامعة العربية، أما مجلس التعاون الخليجي، فاكتفى أمينه العام بالتصريح، فماذا قال؟! laquo;المكان المناسب لمناقشة الوضع السوري هو الجامعة العربيةraquo;. تصريح مفهوم ويأتي تحت باب: سد الذرائع!

فعلا السوريون أدهشوا العالم، وكانت الرسالة واضحة للجميع.. قتل الآلاف وقمع الشعب لن يوقف الانتفاضة. يقول أحد الناشطين السوريين: laquo;المحزن أن اختراع الرصاص المطاطي لم يصل إلى سوريا!.. ما يطلق على المحتجين الذخيرة الحية أو لا شيء!raquo;. نقدم اعتذارنا لأهلنا في سوريا، جميعهم رجالا ونساء وأطفالا، وإن كانوا جميعهم أسودا، ليس بينهم لا أطفال ولا نساء، ونقول لهم: لا تنتظروا العرب، فإنهم صامدون يتفرجون!