جهاد الخازن


أقترح أن نفتح قاموس اللغة العربية أمام كلمات جديدة - قديمة، مثل بلطجية وشبيحة، طالما أن هؤلاء أصبحوا جزءاً من حياتنا اليومــية، وربما يتحكــمون في كثير من جوانبها.

الموضوع يحتاج الى شرح فأبدأ من البداية، وكان أستاذي في المدرسة الثانوية المربي الفاضل نسيم نصر يشكو من أن اللغة العربية تعاني من كثرة المفردات وصعوبة الاشتقاق، وكان رأيه يعود إليّ وأنا أقيم في لندن، وأرى أن قاموس أكسفورد للغة الإنكليزية، وعمره 127 سنة، يزيد كل سنة كلمات أفرزتها الحياة اليومية. وتعلمت كلمة laquo;واغزraquo;، وهي الحروف الأولى من laquo;زوجات وصديقات (عشيقات)raquo;، وقد اشتهرت بعد كأس العالم في كرة القدم سنة 2006 فدخلت القاموس.

دخل معها في الوقت نفسه تقريباً كلمة laquo;تشافraquo;، وهي الحروف الأولى من كلمات مختلف على بعضها إلا أنها تعني ولداً منحرفاً يقوم بأعمال ضد المجتمع.

قرأت أن حوالى 1900 كلمة جديدة دخلت قاموس أكسفورد هذه السنة، ومنها laquo;بيبraquo; وهي تدليع laquo;بيبيraquo;، أي كلمة تودد فوجئت بأن القاموس يسمح بأن تستخدم للرجال أيضاً.

كان بين الكلمات الجديدة laquo;اومغraquo;، وهي بمعنى laquo;يا إلهيraquo; للتعجب، و laquo;لولraquo; وهذه مشتقة من كلمات بمعنى يضحك، أو تضحك، عالياً.

استعمال الكلمات السابقة موجود منذ سنوات وعقود، إلا أن دخولها القاموس هذه السنة يعني أنها أصبحت رسمياً من اللغة الإنكليزية. والقاموس نفسه يقول إن أول استعمال لكلمة laquo;اومغraquo; سجل سنة 1917، وأول استعمال لكلمة laquo;لولraquo; يعود الى سنة 1960 إلا أنه كان من كلمات معناها laquo;سيدات عجوزات ضئيلات البنيةraquo;.

البلطجية والشبيحة أيضاً وجدوا منذ سنوات وعقود، إلا أنــهم برزوا في مصر وسورية بــكثرة وقوة في الأشهر الأخيرة وأصبح من حقهم دخول القاموس، فيعود القارئ الى الفعل الرباعي laquo;بَلْطجraquo; ليصل الى معنى الكلمة والى المجرد الثلاثي laquo;شَبَحَraquo; ليصل الى laquo;شبّيحraquo; الحي.

هناك كلمات كثيرة أخرى موجودة وتقف على باب القاموس بانتظار أن يسمح لها بالدخول، وأرشح الكلمة اللبنانية laquo;كرشونيraquo;، وهي تستعمل اليوم بمعنى سنسكريتي أو هيروغليفي، أي كلام غير مفهوم للمواطن العصري، وأصلها سرياني، وأعتقد أنها كانت لغة الكنيسة المارونية حتى القرن العشرين، وقرأت أنها كانت لغة سائدة في منطقتنا قبل الفتح العربي.

ثمة كلمات أخرى قديمة ومستعملة وتنتظر أن يفتح لها قاموس العربية أبوابه مثل فتوّة وقبضاي وجدع، ومعانيها متقاربة، وهي تعني الشديد البأس ولكن المهذب، بعكس البلطجي والشبّيح.

وربما زدت laquo;أزعرraquo; وهي في المشرق تعني قليل أدب أو مزعجاً، ولكن من دون أذى كبير، إلا أنها في تونس تعني أشقر. ولن أقول للقراء المشارقة معنى كلمة حسّاس في المغرب، وكل ما أقول هو أنها لا تعني مرهف.

في لبنان هناك طافر وجمعها طفّار، وهي تعني مطلوباً للعدالة وفاراً من وجهها، وقد عرفت كثيرين منهم في جرود الهرمل، وكانوا يرافقوننا في الصيد. والمهم أن الواحد من هؤلاء قد يكون قاتلاً، إلا أن جرائمهم جميعاً تدخل تحت عرف laquo;أرض وعرض وفرضraquo; فهي الجرائم الوحيدة التي يقبل بها العرف المحلي دفاعاً عن أرض أو شرف أو طلباً لثأر.

الكل يعرف معنى شاب وشباب، إلا أنني أقترح زيادة على معناها في القاموس، فأنا ألعب الورق الشدة مع أصدقاء أنا أصغرهم سناً، ومع ذلك يخاطب أحدنا الآخر قائلاً: laquo;جاء الشبابraquo; و laquo;راح الشبابraquo;، في حين أن مجموع أعمارنا يصل بنا الى فتح الأندلس.

ويستطيع القارئ أن يزيد على ما سبق أو ينقص منه، إلا أنني أحذره من مخاطبتي بكلمة laquo;بيبيraquo; أو laquo;بيبraquo; لأن ردي عليه سيجعلني أنضم الى الطفّار في جرود الهرمل.