حسن علي كرم

لعل المطلوب من المحبين في البلدين تفويت الفرص وإفشال الخطط التآمرية

ان يعترض العراقيون على موقع ميناء مبارك الكبير المزمع بناؤه على جزيرة بوبيان شمالي البلاد، فذلك من حقهم، ولكن ينبغي ان يقوم اعتراضهم على الجانب الفني والقانوني، ولكن عندما يتجاهلون تلك الجوانب ويتهمون الكويت بالاعتداء على مياههم الاقليمية، فذلك ما ينبغي ان نفهم ان في ثنايا معارضتهم خفايا أخرى..
لا خلاف ان من حق العراقيين ان يدافعوا عن مصالحهم. مثلما للكويتيين ان يدافعوا عن مصالحهم ولكن كما اسلفنا الدفاع عن المصالح ينبغي الا يخرج عن الاطار القانوني والفني. وتاليا اذا ما توافرت النوايا الحسنة، فكل المشاكل محلولة..
بناء الميناء وموقعه والعمق او الممر المائي كل ذلك مسائل فنية ومن الخطورة تسييس المسائل الفنية ودفعها لنواحي اخرى.
لا غنى للكويت عن العراق، مثلما لا للعراق غنى عن الكويت، فقدرهما ان يتصالحا ويتعاونا وان يرعيا مصالحهما المشتركة، من هنا يتعين وضع ميناء مبارك اذا ما قدر الله ورأى النور في اطار المصلحة المشتركة، فخير الميناء لن يعود على الكويت وحسب وانما يتوزع خيره على البلدين، حيث سيوضع في خدمة اقتصاد البلدين.
لقد ظل العراق منذ فجر استقلاله يعتمد على الموانئ الكويتية، رغم وجود موانئه المتعددة والرابضة في الجنوب لذلك فالزعم ان ميناء مبارك يؤثر في ميناء الفاو الكبير المزمع بناؤه من الجانب العراقي لعله لا يستقيم مع الواقع التاريخي لتعاون البلدين البحري، سيما في ظل افتقار الدراسات الغنية والاقتصادية في شأن تجاور المينائين وتأثير كل منهما على نشاط الآخر.. ولعل المأمول ان يعمل الميناءان في اطار التكامل لا التنافس، لاسيما ان المنطقة مقبلة على الانفتاح الاقتصادي الذي لا ريب سيعود خيره على شعوب المنطقة وعلى الاخص شعبي البلدين.
كنا نظن اننا قد تخلصنا من فكر الاستقواء والتبعية بعد زوال النظام الاستبدادي، لكن النظام قد زال انما العقلية باقية، وهذه احدى كبائر العراق الراهنة، ولن يهنأ العراق الجديد بالاستقرار السياسي والاقتصادي والامني الا بعملية جراحية ناجعة وسريعة لإزالة آثار النظام السابق التي مازالت واضحة على وجوه وعقليات بعض السياسيين العراقيين وما مسألة الاعتراض على موقع ميناء مبارك الا ذريعة لجر الكويت لمعركة جانبية، او للضغط لتحقيق اهداف اخرى سياسية كتوجيه انظار الشعب العراقي الى مسائل خارجية تغطية لفشل وعجز الحكومة والكتل السياسية لحل المشاكل الخلافية والفشل في انجاز الخدمات الضرورية للمواطن العراقي واهمها الامن والكهرباء والبطالة.
يفترض بالبلدين ان يتجاوزا المسائل الهامشية للانتقال الى مرحلة التنمية المشتركة. والعراق مازال خاضعا تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، وكان ينبغي خروجه من هذا الفصل منذ فترة طويلة الا ان تقاعس الحكومة العراقية عن الاستجابة للطلبات الاممية واهمها المسائل العالقة مع الكويت كترميم العلامات الحدودية البرية وتحديد علامات الحدود المائية كل ذلك وغيره كان سببا لبقاء العراق رازحا في الفصل السابع..!!
الخلاف على موقع ميناء مبارك وتحديد الممرات المائية وغير ذلك من المسائل الخلافية البحرية يمكن حلها بحل معضلة الحدود المائية. تعالوا اولا حلوا الخلاف الحدودي المائي، ثم اعترضوا اذا ثمة اعتراض مستحق على موقع الميناء..!!
يبقى هناك ملاحظة مهمة وضرورية على جانبي الحدود في البلدين ادراكها وهي ان هناك من لا يسره ان يرى البلدين والشعبين والحكومتين تتقاربان وتتعاونان وتحلان خلافاتهما، وان هناك من يدفع المال ويوظف الازلام.. ويوجه الاعلام وينشئ قوى الضغط من اجل ذلك ولعل المطلوب من المحبين في البلدين تفويت الفرص وتفشيل الخطط التآمرية..!!