علي حمادة

يعتبر اختيار الثورة السورية شعار quot;جمعة اسقاط شرعية النظامquot; لتظاهرات البارحة دلالة واضحة على ان كلا النظام والثورة بلغ نقطة اللاعودة في المعركة القائمة في سوريا. ففي الوقت الذي يبلغ فيه عدد الشهداء ما يفوق 1500 برصاص الامن والجيش واعوان النظام، ويتجاوز المهجرون من منطقة ادلب الى تركيا العشرة آلاف، ومع إلقاء الرئيس السوري بشار الاسد خطابه الثالث في جامعة دمشق مطلع هذا الاسبوع من دون أن يحقق اختراقا ايجابيا في الداخل او في الخارج، يمكن القول ان شرعية النظام مطروحة اكثر من اي وقت مضى. وقد تآكلت بفعل توسع حركة الاحتجاجات، وتجذر الشعارات المطالبة بإسقاط النظام، وتنحي الرئيس، وازدياد حدة الانتقادات والمواقف الدولية لسياسة النظام الامنية. ويمكن القول ان ثمة شيئا كبيرا تغير في سوريا ولن يعود الوضع الى الوراء مهما اوغل النظام في سياسة القتل المتعمد.
ومن نافل القول ان صدقية الرئيس السوري صارت على المحك، وقد تراجعت الى حدود خطرة ان في الداخل او في الخارج. وأهم ما يملكه رجالات الدولة هو صدقية كلامهم ووعودهم. والاسد الابن الذي اورثه والده حكم سوريا، يعاني ازمة صدقية كبيرة تجعل كل موقف وكلمة ينبس بهما محط تشكيك على كل المستويات. حتى اصدقاء النظام السابقون كالاتراك والقطريين والفرنسيين (ساركوزي) يعتبرون ان احد أسباب انقلاب مواقفهم، إلى القمع الوحشي للمدنيين العزل، هو فقدان الرئيس بشار الاسد كل صدقية، وذلك بناء على تاريخ من التعامل المباشر معه. هذه نقمة على كل رئيس دولة. والاسد مدعو الى التفكير مليا في هذه النقطة لأنها مكلفة جدا.
في quot;جمعة اسقاط شرعية النظامquot; تتأكد معطيات عدة، اهمها:
1 - ان التغيير في المشهد السياسي السوري ترسخ نهائيا، ولا عودة الى الوراء مهما صار. وامام الثورة هوامش شعبية وجغرافية كبيرة للتوسع، على العكس من النظام، الذي يتقوقع في مربع العنف المفرط.
2 - الحل الامني يكسب النظام وقتا لكنه لا ينقذه من أجل محتوم.
3 - العزلة الدولية كبيرة وتتوسع، فضلا عن عزلة عربية غير معلنة رسميا.
4 - مع تسارع الاحداث وازدياد عزلة النظام بتدرج العقوبات الخارجية المعلنة وغير المعلنة (العربية)، تتسارع ايضا خطى النظام نحو المنحدر الاقتصادي والمالي، فالأزمة آتية بأسرع مما يُعتقد، وخلال فترة قصيرة ستجف موارد الدولة بما يهدد انفراط عقد فريقين كبيرين يعول عليهما، الادارة الرسمية التي تضم مئات آلاف الموظفين، مدنيين وعسكريين، وطبقة التجار في المدن غير المتحمسة للتغيير تعريفا، ولكنها جاهزة للانقلاب بسرعة متى تعرضت مصالحها مباشرة.
في الخلاصة، ان شرعية الانظمة التي تعتمد قتل مواطنيها آيلة للسقوط، والنظام في سوريا ليس استثناء.