راجح الخوري

لماذا يستغرب وليد جنبلاط التزامن بين القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه والبيان الوزاري للحكومة التي قيل منذ البداية إنها حكومة quot;حزب اللهquot;، فجاء بيانها أمس ليؤكد هذا حفراً وتنزيلاً كما يقال؟
كان واضحاً تماماً ان الحكومة عرفت يوم الاربعاء الماضي بوصول مندوبين من لاهاي لتسليم القرار الاتهامي، ولهذا تعمّدت ان تنهي صياغة بيانها في الجلسة الخامسة مساء الاربعاء وان تبكّر في الاجتماع الوزاري صباح الخميس لإقرار الصيغة التي جاءت متزامنة مع وصول القرار الاتهامي.
هذا يعني أن البيان ضُبط على توقيت القرار، وليس القرار هو الذي كان يطارد البيان، ولهذا في الواقع معنى ومغزى عند أولي الألباب.
عملياً ليس المهم التزامن والتوقيت، رغم ان هذا العنصر يؤكد احساس أهل الحكومة العميق بـquot;زنقةquot; البيان الاتهامي والمحكمة الدولية. المهم، والذي يستدعي التوقف والانتباه، هو أن البيان الوزاري وتحديداً في فقرته رقم 14 (ربما تيمناً بـ14 آذار سبق المحكمة في اطلاق الاحكام المبرمة ومن دون أي حاجة الى جلسات واتهامات ودفوع وشهود وبداية واستئناف!
البيان الاتهامي مجرد أساس يفتح مسار المحكمة. والمتهمون، كما يعرف الجميع، ابرياء حتى تثبت ادانتهم. أما البيان الوزاري في فقرته رقم 14، المؤلفة تحديداً من 40 كلمة، فقد ناقض مضمونه، ثم اصدر حكماً يدين المحكمة سلفاً ويسحب ضمناً إلتزام لبنان بها، ويلقى جانباً كل ما قاله الرئيس نجيب ميقاتي مساء أول من أمس على سبيل التطمين... وأيها اللبنانيون!
فعندما يرد في البيان: quot;إن الحكومة quot;ستتابعquot; مسار المحكمة الخاصة بلبنان، التي أنشئت quot;مبدئياًquot; لاحقاق الحق والعدالة quot;بعيداً من اي تسييس او انتقام وبما لا ينعكس سلباً على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهليquot;، فإن ذلك يعني أن الذين سطّروه وتعمدوا زج كلمة quot;مبدئياًquot; في سياقه، وقد تحفظ عنها تسعة وزراء، ارادوا الحكم سلفاً على المحكمة بأنها خرجت على quot;المبدأquot; الذي من أجله انشئت، وهذا يلتقي طبعاً مع موقف quot;حزب اللهquot; الذي لا يكتفي باتهام المحكمة بالوقوع في التسييس والانتقام، بل يعتبرها quot;مؤامرة أميركية ndash; اسرائيليةquot;.
وفي ظل هذا الموقف يبدو واضحاً ان quot;حزب اللهquot;، الذي شكّل الحكومة على ما يقول تجمع 14 آذار، يرى أن مسار المحكمة ينعكس سلباً على استقرار لبنان، وبالتالي يجب فك ارتباط لبنان بها. ولهذا فإن البيان الوزاري ينسف كل ما قاله ميقاتي عن احترام القرارات الدولية والتمسك بالحقيقة. والسؤال: لمن الكلمة، لميقاتي أم لـquot;حزب اللهquot;؟