عبدالله العمادي

سؤال لا بد أن طرحه بكل استغراب ودهشة، أي مصري، سواء كان مع الثورة أو ضدها أو محايداً.. لماذا يأتي آخرون من خارج مصر للدفاع عن رئيسهم المخلوع؟ لماذا يأتي محامون كويتيون إلى القاهرة للدفاع عن رئيس قام وثار عليه شعبه أو الأغلبية الكبيرة من شعبه؟ سؤال لا بد أن أي مصري طرحه أو تساءل بينه وبين نفسه فور سماعه بالخبر.
المحامون الكويتيون أوضحوا أن دفاعهم عن مبارك لرد جميله بسبب وقوفه ودفاعه عن الكويت إبان الغزو العراقي للكويت قائظ عام 1990، موضحين أن المحامين الكويتيين غير ملزمين بالرجوع إلى جمعية المحامين الكويتية من أجل الحصول على موافقتها لعدم اختصاصها بهذا الشأن باعتبار أن القانون الكويتي ينص على أن laquo;المحامي يختار القضايا التي يراها مناسبة على ألا تكون مناهضة لمصلحة البلدraquo;.
ذهب مفسرون لهذا الفعل من جانب المحامين الكويتيين أنه من باب البحث عن شهرة في قضية تشغل بال الرأي العام المصري والعربي كذلك. وفريق ثان يرى أن المبادرة ربما تأتي، كما قال المحامون أنفسهم، رداً لجميل مبارك، بسبب موقفه من اجتياح صدام حسين للكويت، أما فريق ثالث، وقد يكون متشائماً أكثر من اللازم، فذهب إلى أن المبادرة تلك تأتي لإثارة قلاقل بين الكويت والقاهرة بصورة وأخرى، تتضخم وتتفاعل بحجم من يدخلها بقصد الإثارة والإساءة والتنفيس عما بالنفس على الطرف الآخر مستغلاً هذه الفرصة.
في رأيي أن الأمر، وإن أردنا إحسان الظن بالمحامين الكويتيين، لم يكن له أي داع، خاصة مع دولة مثل مصر، حديثة عهد بثورة لم تهدأ بعد، ويمكن لأي إثارة أن تعقد الأمور وتزيدها تأزيماً، فتنشغل بقضايا خارجية هي في غنى عنها، فإن ما عندها من قضايا داخلية تحتاج إلى الحسم، أكثر وأكبر من أن يشغلها شاغل من الخارج، وفي قضية ذات حساسية مفرطة كقضية محاكمة رئيس، تم خلعه والآن تتم محاكمته.
كان الأجدر بالمحامين الكويتيين اختيار قضايا أخرى يتفق الكثيرون عليها وتحقق لهم الشهرة إن أرادوها أو أجراً دنيوياً أو أخروياً إن كانوا يسعون إليها.. فليست قضية حصار غزة من قبل الدولة العبرية منا ببعيد، ومهاجمة السفينة التركية وغيرها من قضايا المسلمين الكثيرة التي بحاجة لمحامين ومدافعين ومنافحين عنها.. فأين هم منها؟
إن ذهب المحامون واستمروا في عملهم هذا والدفاع عن رئيس مخلوع أثار شعبه، وبحجة رد الجميل، دون أي مقاومة، فسيقوم هؤلاء المحامون بعد حين من الدهر قليل بالدفاع عن النظام السوري أيضاً لأنه وقف مع الكويت إبان غزو صدام لها!
مبادرة المحامين الكويتيين أخشى أنها تتصادم مع تيار شعبي مصري جارف، لن تنفع الكويت ولا شعبها.. ومن المتوقع أن يعاند المحامون ويستمروا في عملهم، إذا أراد ردعهم رادع، بل ومن المرجح أن يزيد التعنت فتراهم وقد أعلنوا مبادرة جديدة للوقوف مع النظام في سوريا.. الأمر قابل للحدوث وليس بالغريب إن حدث، بل نتوقع مفاجآت كثيرة قبل أن تنتهي محاكمة مبارك وأعوانه.