عماد الدين أديب


العلاقة المصرية - الأميركية تعيش منذ عدة أشهر في حالة اشتباك معقدة. ولا يمكن وصف العلاقة بين القاهرة وواشنطن، أو بين وزارتي الدفاع في البلدين، بالعلاقة المريحة أو المتناغمة بأي شكل من الأشكال.

بدأت العلاقة بشهر عسل فور تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في 11 فبراير (شباط) من العام الماضي.

وأعلنت السيدة كلينتون يومها أنها تعتقد أن laquo;الجيش المصري قد تعامل بحكمة مع أحداث الثورةraquo; وقالت إن laquo;الولايات المتحدة الأميركية تتمنى أن تقوم قيادة الجيش المصري بتحقيق الاستقرار في البلاد وإجراء انتخابات نيابية حرة وعمل دستور جديد للبلاد ونقل السلطات إلى رئيس مدني من خلال انتخابات حرة ونزيهةraquo;.

منذ ذلك التاريخ، وتلك هي مرجعية المحاسبة السياسية من واشنطن لأداء القاهرة. واشنطن اطمأنت على السير في الانتخابات، واطمأنت على احترام معاهدة السلام مع إسرائيل، لكنها غير مطمئنة على أن صياغة النظام السياسي الداخلي في مصر يسير حسب المشروع الأميركي.

المشروع الأميركي له مرجعيات: مثل المعهد الجمهوري، والمعهد الديمقراطي لنشر الديمقراطية، ومؤسسة laquo;فريدوم هاوسraquo;؛ هذه الهيئات الأميركية لها مكاتب وأنشطة وتمويلات في مصر بهدف تشجيع المجتمع المدني المصري نحو التطور الديمقراطي ونحو توعية الرأي العام المصري بحقوقه المدنية.

وما تم الأسبوع الفائت من مداهمات لمكاتب منظمات مدنية وحكومية من قبل سلطات النيابة المصرية laquo;لمخالفتهم قوانين البلاد ولعملهم دون تراخيص قانونيةraquo; هو شكل من أشكال الاصطدام مع واشنطن بشكل أو بآخر. هذه المداهمات أثارت البيت الأبيض، والخارجية، ووزارة الدفاع!

المكاتب والمنظمات الحقوقية تقول laquo;نحن نعمل منذ سنوات تحت سمع وبصر الأجهزة المصرية والتحويلات تصلنا رسميا عبر البنوك المصرية ونشاطنا علني ومعروف، والمداهمات هي عمل عقابي سياسيraquo;.

أما السلطات فترد قائلة إن laquo;هذه المنظمات مخالفة لقوانين إنشاء منظمات المجتمع المدني وإنها تخضع للتحقيق في سلامة نشاطها وطبيعة علاقاتها بالجهات المانحةraquo;. أما جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ورجل حل الأزمات، فقد صرح أول من أمس في زيارته للقاهرة بأنه laquo;لا يوجد لدينا حليف في المنطقة أكثر أهمية من مصر، وإننا نراقب نتائج الانتخابات البرلمانية وما يحدث لبعض منظمات المجتمع المدني!raquo;. بالطبع كلام فيلتمان، كلام دبلوماسي لكنه يعكس مجاملة من ناحية وقلقا من ناحية أخرى.

وقيل أيضا إن هناك محادثة هاتفية مهمة تمت بين وزير الدفاع الأميركي والمشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية لم يكشف عن نقابها.

كل ما يحدث الآن، هو متابعات، ومراقبة، وتمهيد، وإعداد لمواقف كل الأطراف من تاريخ 25 يناير (كانون الثاني) المقبل الذي يراد له أن يكون يوم الثورة الثانية.