داود الشريان

الحرب الأهلية هي المصير الذي ينتظر سورية. مهمة جامعة الدول العربية فشلت في التمسك بالسياسة ولجم العنف، والدول الغربية تنتظر نهاية عناد النظام السوري، وضبابية الحل العربي وتخبطه. ووسط هذه الحيرة السياسية، بدأت البلاد تشهد حالاً من الفوضى، أخطر ملامحها، انحسار سلطة النظام عن مناطق عديدة، وتنامي مظاهر التسلح بين الناس، فضلاً عن ان النظام السوري ربما تساهل، أو سهّل وصول قطع من السلاح الخفيف الى المحتجّين، استعداداً لتبرير شن هجوم عسكري واسع، وإعلان ان البلاد في حال حرب، وخلط أوراق المنطقة.

الحرب الأهلية في سورية لم تبدأ، لكن بوادرها تلوح على نحو يصعب إنكاره. حوادث التطهير الطائفي بدأت في بعض الأحياء المختلطة، وعمليات الاعتقال أصبحت تنفّذ بطرق عشوائية، وهناك من يُعتقل ثم يُطلق من أجل الحصول على المال. وتحدّث قادمون من سورية عن غياب للسلطة المركزية أصبح ملموساً، وعن تصرفات تشير الى ان بعض قوات الأمن بات يعمل لمصلحته، بما يذكّر بأوضاع الميليشيات في الحرب الأهلية في لبنان وأفغانستان. وربما شهدت سورية خلال الأسابيع المقبلة، في ظل ضعف السلطة المركزية، انقسامات حادة داخل الأجهزة الأمنية وصفوف الجيش، من أجل أطماع سياسية ومادية.

لا شك في ان سورية بدأت العد التنازلي لمواجهة شاملة تجري في أنحاء البلاد. والمؤسف أن المعارضة تدرك ان النظام ماضٍ الى هذه النهاية لأنها مخرجه الوحيد. وعوضاً عن تقديم تنازلات، ومحاولة لجم هذا التدهور الأمني والسياسي، نرى أقطاب المعارضة في الخارج يصمّون آذانهم عن هذه الحقيقة المفزعة، ويحرّضون على التدخل الأجنبي، على رغم يقينهم ان الحرب الأهلية ستُفضي الى نهاية سورية التي نعرفها، وربما نهاية دول مجاورة.

الأكيد ان ثمة فرصة لتجنُّب الحرب الأهلية. والدول العربية مطالبة بمراجعة موقفها، الداعم بلا شروط للمعارضة السورية. والحل المنتظر يبدأ من الدعوة الى تعليق الاحتجاجات الشعبية، وتقديم خطة للخروج من الأزمة، يكون العرب طرفاً فيها. ومن دون موقف عربي منفتح وخلاّق ستدخل سورية في حرب يموت فيها مئات الآلاف من البشر، وتمزّق ما تبقّى متماسكاً في هذه المنطقة.