محمد علي الهرفي

المتابع للحراك الداخلي في مصر يلمس بوضوح أن هناك من يسعى بكل قوة لإجهاض ثورة مصر، وتحويل مسارها إلى ما كانت عليه مصر قبل ثورتها المباركة وكأن شيئاً لم يكن.

هذا الحراك يقوده مصريون وغيرهم، ويدفعون في سبيل إنجاحه الملايين لكي يحقّق كلٌّ منهم مآربه ndash; على تنوعها ndash; فيما لو تحقق لهم مبتغاهم.

لاشك في أن الثورة المصرية قطعت شوطاً كبيراً نحو تحقيق أهدافها، فأكملت انتخابات مجلسي الشعب والشورى بنزاهة لم يعرفها تاريخ مصر الحديث وبشهادة الجميع. ولكن هذه المسيرة تعرضت إلى كثير من النكسات المتعمدة لكي لا تصل إلى نهاية الطريق، وهو اختيار رئيس مصر كما يريد الشعب المصري، وليس كما يريد أعداؤه!

بقايا النظام البائد، وهم المعروفون في مصر بـ laquo;الفلولraquo;، دخلوا على خط الانتخابات بقوة، حيث أعلن اللواء عمر سليمان ndash; وفي اللحظات الأخيرة ndash; عزمه الترشيح، ويبدو أن تأخير الإعلان كان محسوباً بدقة!

أكاد أجزم أن عمر سليمان ما كان ليجرؤ على هذا العمل لو لم يكن هناك من دفعه وطمأنه وقدّم له الكثير ليكون قادراً على الدفع بكل سخاء لمن يقف معه!

واللواء عمر سليمان معروفٌ أنه كان اليد اليمنى للرئيس السابق حسني مبارك، كما كان مسئولاً عن ملف القضية الفلسطينية مع الصهاينة. وقد وقف إلى جانب الصهاينة طويلاً، ولهذا فإنهم فرحوا بترشيحه واعتبروه القادر على فرض الأمن ndash; بحسب رؤيتهم ndash; في سيناء، كما أكدوا أنه يحترم معاهدة laquo;كامب ديفيدraquo; أكثر من غيره! والفرح الصهيوني له دلالاته الكثيرة، لأنه يقود إلى فرح آخرين ووقوفهم إلى جانب سليمان سراً وعلانية!

القوى المصرية كلها ترفض ترشح سليمان، لأنه عودةٌ بالثورة إلى نقطة الصفر، لكن هذا الرفض لا يكفي وحده، إذ لابد من توحيد القوى ndash; قدر الإمكان ndash; والاقتراب من مطالب الشارع المصري قولاً وعملاً، والعمل بعيداً عن الرؤى والأحلام، واستخدام الإسلام مطية للوصول إلى الأهداف الانتخابية؛ فلم تعد هذه الوسائل تنطلي على الناس، وأيام الكهنوت ولّت إلى غير رجعة، ومثلها صكوك الغفران!

العرب جميعاً يتطلعون إلى نجاح ثورة مصر، لأنها ستقود إلى تصحيح المسار العربي كله، وأعداء العرب يعرفون هذه الحقيقة، لكن الأهم أن يعرف المصريون أنهم بتماسكهم وصبرهم سينقذون أنفسهم من الهوان الذي عاشوه طويلاً، كما أنهم في الوقت نفسه سيضعون إخوانهم العرب على الطريق الصحيح.