لندن

انتهت الانتخابات الرئاسية المصرية التي يعتقد الكثيرون انها الاكثر نزاهة واهمية في تاريخ مصر الحديث وربما المشرق العربي ايضا، وبات جميع المصريين ومعهم معظم العرب في انتظار اعلان النتائج النهائية التي ستلعب دورا كبيرا في تقرير مصير مصر ومستقبل ثورتها، والصورة التي ستكون عليها المنطقة العربية بأسرها.
الشعب المصري قدم نموذجا مشرفا في الاقبال على صناديق الاقتراع بانضباط لافت وباعداد كبيرة، وان كان من المتوقع ان يرتفع هذا الاقبال الى معدلات قياسية في الجولة الانتخابية الثانية، عندما يكون التصويت محصورا في مرشحين رئيسيين اثنين.
من الصعب التكهن بالنتائج النهائية للجولة الاولى، فلا توجد مراكز استطلاع رأي مهنية في مصر على غرار ما يحدث في دول اوروبا تعطي مؤشرات اقرب الى الدقة، ولكن ما هو شبه مؤكد ان مفاجآت عديدة قد نصحو عليها يوم اعلان النتائج تقلب كل التوقعات.
الشارع المصري مليء هذه الايام بالاشاعات والتسريبات حول فوز هذا المرشح بالمرتبة الاولى او ذاك بالمرتبة الثانية، حيث تلعب القنوات التلفزيونية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في نشرها، سواء من قبيل الاثارة او البلبلة والتضليل او عكس التمنيات بفوز المرشح المفضل لديها.
من ابرز هذه الاشاعات مثلا تقدم كل من المرشحين محمد مرسي واحمد شفيق حسب المؤشرات الاولى، وتراجع السيدين عمرو موسى وعبد ابو الفتوح اللذين راجت تكهنات عديدة انهما سيصلان الى المرحلة النهائية.
السيد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ممثل الاخوان المسلمين يحظى بدعم الحركة وانصارها الكثر الذين التزموا بتعليمات قياداتهم بالتصويت له، مثلما تشير معلومات شبه مؤكدة، ولهذا فان فوزه بالمرتبة الاولى غير مستبعد، لكن المفاجأة التي ربما ستصدم الكثيرين ستتمثل في احتلال اللواء احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد الرئيس حسني مبارك المرتبة الثانية، مثلما يتردد في بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
اللواء شفيق تعرض الى القذف بالاحذية من بعض معارضيه الغاضبين الذين يعتبرونه مرشح الفلول، ولا يريدونه ان يخوض الانتخابات اساسا، بالمقابل هناك من يرى انه الاصلح لقيادة مصر في المرحلة الانتقالية المقبلة بحكم ما يملكه من خبرة ادارية، انعكست في بناء مطار القاهرة الجديد وتنظيم شركة مصر للطيران من الفساد المالي والتشغيل، عندما كان رئيسا لمجلس ادارتها ثم وزيرا للطيران المدني.
نسبة كبيرة من الليبراليين ورجال الاعمال المرتبطة عضويا وسياسيا بالنظام السابق تؤيد اللواء شفيق لانه يعكس حنينهم الى ذلك النظام الديكتاتوري الذي اطاحت به ثورة الشعب المصري، وهذا امر طبيعي، لكن هؤلاء يمثلون اقلية مستفيدة على عكس اربعين مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، ويريدون مصر الجديدة بقيادات جديدة. فانجاز اللواء شفيق هذا ليس الشيء الكبير الذي يجب التباهي به، لان انقاذ شركة طيران حكومية من الانهيار بعد تدني سمعتها الى الحضيض بسبب كثرة الحوادث لطائراتها يمكن ان يحققه اي شخص اخر يملك الحد الادنى من الخبرة الادارية والنزاهة وحب مصر.
على اي حال المشكلة ليست في وصول السيدين مرسي وشفيق الى المرحلة النهائية وانما في قبول الشعب من ناحية والمجلس العسكري من ناحية اخرى بالنتائج النهائية للانتخابات والالتفاف حول الرئيس الجديد.
لا نعرف كيف سيصوت السلفيون في حال وصول الاثنين الى هذه المرحلة النهائية، فهل سيقفون في خندق المرشح الاخواني ام سيؤيدون اللواء شفيق لمنع سيطرة الاخوان على جميع المناصب الهامة بالدولة؟
ثم هل سيطالب عمرو موسى في حال عدم وصوله للمرحلة النهائية ناخبيه بالتصويت لشفيق ام انه سينتقم بحثهم على عدم الاقبال على هذه الخطوة لانه اي شفيق لم ينسحب من الانتخابات لصالحه والشيء نفسه يقال ايضا عن انصار السيد حمدين صباحي وان كنا نعتقد بانه اي السيد صباحي لن يحث انصاره على التصويت للواء شفيق.
الانتخابات المصرية مفتوحة على جميع الاحتمالات والمفاجآت، وعلينا ان ننتظر النتائج الرسمية وبعد ذلك يمكن الحديث عما سيحدث لاحقا.