سمير عطا الله
في مايو (أيار) 1967، كان الضابط اللبناني أحمد الحاج يستعد للتخرج في مدرسة الحرب الفرنسية الشهيرة، لاحظ أن العقيد الإسرائيلي أميخاي ليفي، المتدرب هو أيضا في الدورة، غاب عن الصف منذ ثلاثة أسابيع. كيف يتخلى ضابط عن أهم مرحلة في دراسته (أي: شهادة التخرج)؟
كان المناخ السياسي في المنطقة العربية فاترا. وخطر للنقيب أحمد الحاج أن إسرائيل تعد لحرب. لكن كيف التأكد؟
ذهب إلى سفارة لبنان في باريس، وقابل الملحق العسكري، عبد القادر شهاب، فأخبره بما لاحظ. واقترح عليه أن ترسل قيادة الجيش إلى جميع الضباط الذين يدرسون في أميركا وأوروبا، لتسألهم إن كان الضباط الإسرائيليون غادروا عائدين.
فعلت قيادة الجيش اللبناني ما اقترحه أحمد الحاج، ثم بعثت بالنتائج إلى القيادات العربية. وبحثت تلك القيادات عن أقرب درج أو أقرب سلة مهملات ورمت فيها التقرير. في الخامس من يونيو (حزيران) 1967 أدرك أحمد الحاج أن اختياره الجندية لم يكن خطأ.
laquo;من الجندية إلى الدبلوماسيةraquo; (دار laquo;النهارraquo;) مذكرات واحد من أكثر ضباط الجيش اللبناني مهنية وجدية. وعندما صار سفيرا في لندن نقل إلى الدبلوماسية هذه الكفاءة. وأعرف من الرئيس أمين الجميل (وليس من السفير الحاج) أن الرجل اعتذر عن عدم قبول رئاسة الوزراء، لأن لبنان كان يومها في حالة انقسام. لقد صعب عليه يومها أن يجمع ضيوفا من جميع الطوائف إلى مأدبة غداء أقامها للرئيس اللبناني بجمع اللبنانيين في بيروت.
من الآخرين أيضا أعرف المغريات السياسية الأخرى التي رفضها أحمد الحاج. لكنه اختار احترام نفسه. واختار أن يظل تلميذا لمعلمه، فؤاد شهاب، الذي جعله أمين سره، وكلفه، وهو بعد برتبة ملازم، أكثر المهام السياسية حساسية، ومنها اجتماعه مع الرئيس جمال عبد الناصر على حدود سوريا، أيام الوحدة المصرية - السورية.
في 5 يونيو 1967، دعي الضابط أحمد الحاج إلى حضور الاجتماع الطارئ لمجلس الوزراء اللبناني، بعدما علم الرئيس شارل حلو أنه توقع الحرب. في الطريق إلى الاجتماع كان يسمع عدد الطائرات التي أسقطها أحمد سعيد في إذاعة laquo;صوت العربraquo;. وعندما وصل وسئل عن رأيه قال: حقوقي على الجبهات البرية. الحرب الجوية يخوضها أحمد سعيد.
التعليقات