جهادي بريطاني: اريد الموت في سورية.. ارغب بتذوق رائحة الجنة


لندن

لا تزال المعلومات عن حادث تفجير مقر الامن القومي الشهر الماضي الذي قتل فيه اربعة من اركان النظام السوري مغلفة بالغموض، وما زاد من غموضها هي الاخبار التي نقلتها 'رويترز' عن دبلوماسي قال ان ماهر الاسد شقيق بشار فقد واحدة من رجليه في التفجير، وأكد هذا الخبر مسؤول خليجي حيث قال انه 'صحيح'، وهو ما التقطته صحيفة 'التايمز' التي اشارت الى اهمية ماهر كونه يقف وراء الحل الامني للانتفاضة ولانه يقود واحدة من اقوى الفرق في الجيش السوري، الفرقة الرابعة.
واشارت الصحيفة الى ان الاخبار عن ماهر تظهر حالة عدم الاستقرار التي يعيشها النظام، وهناك عامل اخر وهو استمرار الانشقاقات حيث قالت ان واحدا من ابناء عم نائب الرئيس، فاروق الشرع قد اعلن عن انشقاقه متبعا خطى رياض حجاب، رئيس الوزراء المنشق والذي قال ان بشار الاسد لم يعد يسيطر الا على نسبة 30 بالمئة من الدولة.
وتضيف ان انشقاقا واحدا من افراد عائلة الشرع سيعرض فاروق الشرع للشك خاصة انه السني الوحيد في دائرة الاسد المغلقة والذي خدم النظام لمدة عقدين كوزير للخارجية حتى عام 2006 حيث اصبح نائبا للرئيس.
وتضيف ان الشرع الذي جاء من درعا مهد الانتفاضة ربما اختلف مع الاسد، والدليل عدم ظهوره في اجتماع بين الاسد وكوفي عنان، مبعوث الامم المتحدة الخاص الذي استقال من مهمته الاسبوع الماضي. ونقلت عن دبلوماسي قوله ان عدم حضور الشرع دليل على اختفائه او عزله من منصبه.

انقسام لبناني

وباستمرار الشائعات حول نظام الاسد وتصريحات 'دبلوماسيين غربيين' واخرى لـ 'مسؤولين خليجيين' تستمر الحرب وتمتد الى دول الجوار خاصة لبنان الذي يقول روبرت فيسك انه يعيش حرب اختطافات وشائعات من نوع آخر، حيث اعتبر الاختطافات ليس دليلا على امتداد الحرب الاهلية في سورية للبنان بل هي دليل على انقسام اللبنانيين انفسهم.
ففي مقالة تحت عنوان 'النزاع السوري يجتاز الحدود وشبح الحرب الاهلية اللبنانية يعود' كتب فيسك مقالا في 'اندبندنت' جاء فيه ان الاختطافات تحرك ذكريات الحرب الاهلية، الخليجيون يهربون من بيروت، وحزب الله يرسل 1500 مقاتل من رجاله لمساعدة الاسد، ووزير لبناني متهم بالتآمر لتنفيذ عملية ارهابية. وقال ان كلمة 'امتداد' - التي اصبحت كليشيه للبنان في ظل الحرب السورية - تصبح وبشكل سريع تعبيرا غير صادق في وقت تتنشر فيه الاكاذيب التي تقوم بنشرها، فما يحدث الآن في لبنان انتشار اكاذيب تشبه الغرغرينا، وانتشار الخوف في كل انحاء لبنان مع ان البلد بحاجة اكثر الى مبضع الجراح كي يعالجه ويلم اطرافه.
وتحدث فيسك عن تسلسل الاحداث التي بدأت اولا باختطاف 20 رجل اعمال سوريين وسعودي وتركي وكلهم سنة على طريق مطار بيروت الذي تسيطر عليه الجماعات الموالية لايران وسورية، اي حزب الله، مما دعا بكل من السعودية والامارات وقطر الطلب من رعاياها مغادرة لبنان، فالاختطافات هي الوقود الذي سير الاسابيع الاولى من الحرب الاهلية اللبنانية. ولكن هناك فارقا بين اختطافات الحرب الماضية والوقت الحاضر لان اسباب الاختطافات الاخيرة غير واضحة.

مقداد كان هناك قبل الانتفاضة

ويضيف انه علينا ان ننظر الى حالة حسن سليم مقداد الذي يعتبر اخر مختطف في بيروت، فهو شيعي لبناني اختطفه الجيش الحر داخل سورية، وصور على فيديو وهو يقول انه عنصر من 1500 من كتيبة قوية لحزب الله ارسلت لدعم الاسد.
ويضيف فيسك قائلا ان الامريكيين اتهموا حزب الله بمساعدة النظام السوري مما ادى الى اثارة سخط السنة في لبنان ممن يكرهون الاسد اكثر من حنقهم على نواب حزب الله في البرلمان وسيطرة الحزب الذي يمثلونه على الحكومة في بيروت.
ومن هنا جاءت قصة حسن وعشيرة آل مقداد التي تضم 17 الف فرد في كل انحاء لبنان ليسوا كلهم شيعة بل سنة ومسيحيين، فحسن كان في سورية مع زوجته قبل بدء الانتفاضة التي مضى عليها 18 عشر شهرا، حيث ظل هناك لاسباب مالية. وعندما تغلب على مصاعبه هذه قرر العودة للبنان حيث كان في طريقه اليه عندما اختطف وتحول الى 'فارس' من فرسان حزب الله.
ويقول فيسك ان حزب الله نفى ان يكون حسن عضوا فيه مثلما اكد انه لا يقدم المساعدة للنظام السوري، ويضيف فيسك ان تصريحات حزب الله ربما كانت صادقة لان الاسد لديه ما يكفيه من الميليشيات بزي مدني حتى يستدعي مسلحين من لبنان. ويقول ان العشرين مختطفا والذين اطلق سراح معظمهم ليلة الخميس اخذوا الى منطقة يسيطر على حزب الله، وفي الحقيقة فان الاختطافات لا تشير فقط الى سلطة حزب الله ولكن الى العقم المطلق للحكومة اللبنانية العقيمة والفاسدة.
فماهر مقداد قال ان واحدا من المختطفين جنرال كان في طريقه للانضمام للجيش الحر، تماما كما يقول المقاتلون انهم يعتقلون 'جواسيس' ايرانيين، تقول طهران انهم كانوا في طريقهم لزيارة مقام ديني خارج دمشق. ويتساءل قائلا هل من الممكن ان تقوم الاستخبارات الايرانية بنقلهم في حافلة معرضة للخطر على طريق مطار دمشق. فالحالة هذه تشبه الايرانيين الستة 'اعضاء الميليشيا' الذين اختطفوا في حمص ثم تبين انهم عمال في محطة كهرباء هناك.
ويصل فيسك الى قصة الوزير السابق ميشيل سماحة المؤيد القوي للاسد والمتهم بالتآمر لتنفيذ عمليات ارهابية بطلب من رجل الامن القوي في سورية علي مملوك بدون تقديم اي دليل.
ويختم فيسك مقاله بالقول ان حرب الاختطافات هي مثل الاحاديث عن عمليات السطو على البنوك الجماعية، وصراع العشائر في سهل البقاع، والمواجهات العسكرية ضد الجيش اللبناني الذي يقوم بتدمير مزارع الحشيش هناك، حيث يقول ان لعبة اطلاق النار لن تدفع بالسياح والمستثمرين من الخليج الى شمس بيروت ولا كلمات رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي قال ان الاختطافات 'ارجعتنا الى ايام الحرب الاهلية الاليمة'، مثلما لا يوجد جراح قادر على تجميع اطراف لبنان معا. وتقدم الصحيفة عددا من الاسئلة ثم تجيب عليها عن اسباب امتداد الحرب الاهلية السورية للبنان، مشيرة الى ان الحرب هي مرآة للانقسام في لبنان حيث هناك شيعة يدعمون الاسد وغالبية سنية لا تحبه، ويقول ان الحكومة اللبنانية الان تدعم النظام السوري لان حزب الله يسيطر عليها وهو مؤيد لدمشق، وسبب التأثير السوري على السياسة في لبنان يعود الى اكثر من ثلاثين عاما من السيطرة السورية على لبنان.
خطف وخطف متبادل

وتعليقا على التهديدات المتبادلة بين الشيعة والسنة نقلت صحيفة 'نيويورك تايمز' عن مسؤول امني في بيروت قوله ان الحرب الاهلية في سورية تدفع بيروت والمناطق الحدودية القريبة من سورية تجاه حرب اهلية حيث قال ان الوضع وصل لنقطة حرجة، مضيفا ان المجتمع الامني منفتح على حدوث 'مفاجآت'، مشيرة الى سلسلة من عمليات الاختطاف في سهل البقاع قامت بها عائلة شيعية لمن قالت انهم من عناصر الجيش الحر، فيما قالت تقارير اخرى ان عشيرة اخرى قامت باختطاف اربعة اخرين من عبر الحدود داخل سورية.
وهذه العمليات اضافة لما قامت به عشيرة مقداد. وتشير تقارير اخرى الى ان عائلات اللبنانيين الاحد عشر المختطفين في سورية قامت باختطاف سوريين بعد وصول اخبار عن مقتل بعضهم في ضربة جوية سورية. وفي الوقت الذي قالت فيه عائلة مقداد انها توقفت عن الاختطاف الا ان عمليات الخطف والخطف المتبادل مستمرة، حيث قالت الصحيفة ان سكان قرى شيعية على الحدود مع سورية تلقوا تهديدات من السنة. واضافت انه في بلدة شتورة في سهل البقاع قام مسلحون باختطاف رجل اعمال سوري معروف بدعمه لبشار الاسد.
مسلم بريطاني مع المقاتلين في حلب
في سياق مختلف كتب ريتشارد سبنسر عن تأثير الحركات الجهادية على الثورة السورية والتقى بجهادي بريطاني من حي 'وولذمستو' في شرق لندن وقال مراسل صحيفة 'ديلي تلغراف' انه في الوقت الذي رفض فيه الجهادي الكشف عن اسمه فانه وافق على الحديث مع مراسلها، حيث التقاه في مستشفى ميداني خارج حي صلاح الدين في حلب التي لا تزال تشهد معارك بين المقاتلين والجيش السوري النظامي.
وقالت ان ابن لندن يطلق على نفسه اسم ابو يعقوب، حيث تقول ان هذه هي اول حالة يتم التأكد فيها من وجود مسلمين بريطانيين يقاتلون في صفوف المقاتلين السوريين. وكان ابو يعقوب يرافق صديقا عراقيا له اسمه حسن اصابته رصاصة في رجله حيث نقل الى المستشفى الميداني لاسعافه.
وابو يعقوب ليس بريطانيا من اصول باكستانية او من الجماعات المسلمة في بريطانيا بل اعتنق الاسلام قبل خمسة اعوام ووصل لسورية بداية هذا العام كي ينضم الى المقاتلين وقال للصحيفة 'سأبقى في سورية حتى اموت، اريد ان اموت في سورية، علينا ان نتذوق رائحة الجنة، وعندما نموت فانه مكتوب علينا'. وقالت الصحيفة انه كان قلقا بسبب اكتشافه ولكنه تحدث بانكليزية هي خليط بين لهجة لندن ولهجة مغني الراب، حيث يقول انه مولود في تنزانيا شرق افريقيا قبل ان يحضر مع عائلته لبريطانيا. وقال 'الاسم الذي اعطيك ربما لا يكون صحيحا وكذلك كل شيء قد يكون كذبا'.
ويقول سبنسر انه تحدث عن حيي وولذمستو وهاكني في شرق لندن، وانه لم يكن مهتما بالالعاب الاوليمبية التي انعقدت في لندن، ولكنه قال انه وصديقه حسن يقاتلان الى جانب مجموعة 'احرار الشام' وهي من الجماعات الكبيرة التي يبلغ عدد اعضائها 500 او اكثر ولكنها صغيرة مقارنة مع لواء التوحيد التي يقول ان لديه اكثر من 8 الاف مقاتل. ويقول انه وصل الى سوري لمساعدة الشعب، ولم يكشف عن حياته الشخصية لكن قال ان والدته مسيحية وتعرف انه موجود في سورية مضيفا انها امرأة صالحة.
مقاتلون اجانب نعم ولا
وتعتبر جماعة احرار الشام من الجماعات السلفية ولكنها لا تتبنى عنف الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة، ولا تخيف الجماعة مثلما يخيف اسم جبهة النصرة التي تعلن عن ارتباطها بالقاعدة واعلنت عن وجودها هذا العام وتبنت عددا من التفجيرات في دمشق وحلب.
ويقول التقرير ان المقاتلين السوريين ليسوا مهتمين كثيرا بقلق الغرب حول وجود الجماعات الجهادية، وانهم مستعدون لقبول مساعدتهم ثم يتصدون للاثار والمشاكل الناجمة عن ذلك فيما بعد. ولكنه يضيف ان عدد الجهاديين الاجانب قليل ومعظمهم من لبنان وليبيا وتونس والمغرب.
ونقل عن عبدالرحمن السلامة وهو قائد جبهة النصرة في حلب ان افراد مجموعته تضم مقاتلين سوريين واجانب ممن قاتلوا الامريكيين في العراق. وقال انه يعرف عن وجود مقاتلين مسلمين مع الجماعات الاخرى. وكان الصحافي جون كانتيل الذي اختطف لمدة قصيرة من جماعة جهادية اجنبية قامت بالسيطرة على معبر باب الهوى ان بعضهم كان يظهر من لهجتهم انهم بريطانيون كانوا يتحدثون بلهجة بريطانية.
ويظل وجود الجهاديين الاجانب في داخل سورية محل نقاش واخذ ورد من الجماعات السورية، فهناك من يتحدث عن تعاون بينهم وبين القاعدة في ادلب حيث رفع علم القاعدة الاسود في بعض قراها واخرون يقللون بل ينفون وجودهم، وهناك قصص تنتشر عن جهاديين جاءا من الهند الى حمص للقتال فيها ولم يكن الجيش الحر راضيا عن وصولهما فمن اجل التخلص منهما ارسلهما لمهاجمة واحد من اشرس مراكز التفتيش حيث تم تدمير النقطة وقتلا وكان الجميع 'فرحين'. ويعتبر عدد من الناشطين والمقاتلين من غير الاسلاميين ان وجودهم يؤثر على مسيرة الانتفاضة ويتحملون مسؤولية وجودهم كما يجعل من الداعمين الغرب يشكون في هوية الثورة السورية.