اليكس فيشمان
هذه أخطر مرحلة في علاقات اسرائيل بمصر: فنحن ندرس مرسي ومرسي يدرسنا، والجيش المصري يدرس النظام الجديد، وكل واحد من اللاعبين يتفحص حدود قدرته. ما عادوا يتحدثون بنفس اللغة التي تحدثوا بها مدة الثلاثين سنة الاخيرة. وهذا الوضع يستدعي عدم تفاهم، واحتكاكا في وسائل الاعلام وازمات. لا جدل في انه حينما أدخل المصريون في الاسبوع الماضي عشرين دبابة الى المناطق المجردة من السلاح في سيناء كان ذلك نُكثا بملحق اتفاقات السلام. ان اسرائيل تطلق النار على رجلها. ولا يهم هل فهم المصريون بصورة غير صحيحة الرخص التي أعطتهم اسرائيل إياها في الماضي لأن المهم هو أكانت الرسالة التي تلقوها من اسرائيل صارمة بقدر كافٍ.
يزعم المصريون أنهم تلقوا رخصة من اسرائيل لادخال دبابات بمقدار ما الى سيناء قبل نحو من سنة، بعد العملية في شارع 12. وليس هذا كل شيء لأن اسرائيل أجازت حتى ادخال مروحيات هجومية الى المناطق المنزوعة السلاح. يقولون في اسرائيل ان المصريين جعلونا نقف أمام حقيقة. ويتبين ان وزير الدفاع عارض ادخال الدبابات بتوصية من الجيش لكنه لم يعارض مروحيات هجومية. وعارض نتنياهو في المقابل المروحيات الهجومية. واتفق الاثنان في نهاية الامر على أنه يحسن في ضوء الوضع الميداني ان تتم الموافقة للمصريين بصورة متأخرة على ادخال المروحيات وعلى ادخال الدبابات. فكل يوم لا تنفجر فيه معاهدة السلام ويمكن فيه التوصل الى تفاهمات مع المصريين يُعد ربحا صافيا لنا. ما الذي يستطيع المصريون تعلمه من هذا القرار؟ أن اسرائيل مستعدة لابتلاع 'اخلالات ضرورية' بالملحق العسكري لاتفاقات السلام.
بيد أنهم في الجهاز الامني في اسرائيل يتعوجون في قضية الملحق العسكري. فقبل بضعة اسابيع مثلا حينما قُتل عامل من وزارة الدفاع في عملية على الحدود، توجهت اسرائيل الى مصر وطلبت ان يقوموا بترتيب. وطلب المصريون ردا على ذلك ادخال دبابات لاجراء قتال فعال. وصاحت وزارة الدفاع قائلة: لا يخطر بالبال هذا الامر مع ثلاث علامات تعجب. فهذه الدبابات ستقع في أيدي البدو والقاعدة وسنكون في أزمة. وقالوا في الجيش الاسرائيلي آنذاك: لم لا؟ فالدبابات لا تعرضنا للخطر بشرط ان يفعل المصريون ما يجب فعله في سيناء. واليوم انقلبت الامور رأسا على عقب. فهم في الجيش الاسرائيلي يشدون شعورهم بازاء السابقة الخطيرة وهي نقض اتفاقات السلام، أما في وزارة الدفاع فيقولون: هذا سيء لكن يمكن هضمه. والشيء الأساسي ان نحافظ على رباطة الجأش وألا نُضر بمصر.
في مطلع الاسبوع نقلت اسرائيل الى المصريين رسالة تطلب اليهم اخراج الدبابات من سيناء في الحال بعد ان يُتموا العمليات. تريد اسرائيل ان تخرج الدبابات لكنها لا تريد المس بكرامة الرئيس مرسي ووزير دفاعه ورئيس هيئة اركانه الجديدين. بيد ان المصريين قد يصابون بالبلبلة هنا. ان مصر اليوم لا تعمل من رأسها بل من الشارع. والشارع هو الذي يحدد حرية مداورة الساسة ويستطيع الشارع ان يقول: خفنا سنين من تحريك ثقاب في سيناء بغير إذن من الاسرائيليين.
وها هو ذا البرهان على ان مبارك الذي كان ضعيفا وفاسدا كان محكوما لاسرائيل. والآن جاء مرسي وجعلهم يقفون في مكانهم. حتى لو كان في قيادة الاخوان المسلمين وفي القيادة العسكرية العليا من يتفهمون ضبط النفس الاسرائيلي فان الشارع سيضطرهم الى تعليم اسرائيل درسا.
ولهذا يجب ان تكون الرسالة الاسرائيلية واضحة وهي: أخرجوا الدبابات الآن. يريد الجنرالات المصريون الجدد ان يؤثروا تأثيرا ناجعا في القيادة العليا الجديدة، ويجب عليهم هم ايضا ان يفهموا ان حياتهم المهنية لن تُبنى على حساب اتفاق نزع السلاح من سيناء.
يجب ان يكون في اسرائيل موقف موحد وحاد وواضح وهو أنه لن تكون أية حادثة عسكرية في سيناء بغير تنسيق مع اسرائيل. واذا لم تكن هذه الرسالة قد أُرسلت الى الآن - بصوت صاف حازم من مكتبي وزير الدفاع ورئيس الوزراء الى مكتبي الجنرال السيسي والرئيس مرسي فنحن في مشكلة. يجب اصلاح هذه المفسدة وهي ما تزال صغيرة.
يديعوت
التعليقات