احمد عياش


اعتراض من اعترض على بلوغ الشيخ احمد الاسير وصحبه في ذكرى المولد النبوي مرتفعات كفرذبيان الكسروانية يكشف عقلية ما تحت طبقة الثلج التي تكسو جبال لبنان هذه الايام. فكثيرون استحضروا كلمة quot;غريبquot; التي ترددها بيئة المعترضين في وصف كل من قطن في هذه البقعة ولم يكن كسروانياً اصلياً حتى لو كان مسيحياً لا فرق بين ماروني او كاثوليكي او ارثوذكسي من دون ان نعدد مذاهب الاسلام التي ترتعد فرائص كلمة quot;غريبquot; اذا ما ذكرت على حد ما جرى مع موكب quot;الاسيرquot; فهل الامر على هذا النحو من السوء؟ بالتأكيد لا. فالمسألة لا تتعلق بمظهر الاسير ومن معه وبخاصة لحية الشيخ، بل بأمواله. فلو قيل ان الاسير مواطن خليجي ومعه قوم يرتدون الزي نفسه لقوم الاسير، لهشّ له من غالى في الاعتراض وبشّ ولذهب بعيداً في امتداح لحية الزائر واحتشام رفاقه ورفيقاته ولعن كل مظاهر الفحش عند سواهم. اما وان الاسير مواطن لن ينفق ما يشتهيه جماعة الموسم، فلن يحل اهلاً ولن يطأ سهلاً. وسيجد من نظم عراضة الاعتراض ان هناك مكسباً يلوح في الافق عندما ستجري الانتخابات اذا ما جرت وفق قانون quot;اللقاء الارثوذكسيquot; او ما يشبهه. اذ سيتذكر الناخبون ان ممثلهم الحقيقي هو من يتقن كلمة quot;غريبquot; قولاً وفعلاً.
في اليوم التالي لموقعة كفرذبيان أطل الامين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله ليحيي ذكرى المولد النبوي. فأسهب في ذكر فضائل النسبية معطوفة على مشروع اللقاء المذهبي الذي سيعم لبنان. اذا كان الاسير الملتحي اثار حفيظة زعيم quot;التيار الوطني الحرquot; العماد ميشال عون فان نصرالله الملتحي ايضاً حل برداً وسلاماً على معسكر النسبية العابر لمعسكري 8 و14 آذار. فالموضوع ليس متصلا بلحية المتكلم بل بشيء آخر. والجميع يعلم ان كارل ماركس معروف بلحيته على قدر ما هو معروف بـquot;رأس المالquot; وحال ارنستو تشي غيفارا مماثلة لحال الاسير. فهو سقط ضحية الكراهية في بوليفيا مثلما حصل للشيخ الصيداوي في كفرذبيان.
لبنان الذي يتطور نزولاً نحو الاقتراع المذهبي يستفيق على فكرة مجلس الشيوخ. لا تبدو ملائمة فكرة ان يأتي رئيس لهذا المجلس حليق الذقن حتى ولو كان من مذهب درزي كما يشاع ويتردد. خصوصاً وان مجلساً يضم الشيوخ لا بد من ان يتميز بلحى اعضائه حتى تنطبق عليه التسمية وعليه يجب التأكد انه محظور على النساء الدخول الى حرمه بعدما حرمتهن الطبيعة من نعمة الالتحاء. اما مجلس النواب الذي سيبقى مذهبياً فمسموح ان يكون رئيسه المقبل وهو على الارجح الرئيس نبيه بري المتربع منذ ما يزيد على عشرين عاماً، حليق الذقن ومثله اعضاء البرلمان، والا كيف سيميّز اللبنانيون واللبنانيات ان هذا مجلس نواب وذاك مجلس شيوخ؟ ثمة امر لم ينتبه اليه الغارقون في جنس النسبية ان العالم الانكليزي الشهير تشارلز داروين قد مني بهزيمة في نظرية quot;النشوء والارتقاءquot;، ولن يطول الوقت حتى تنبت في مرتفعات لبنان اللحى بدلا من الارز ولا ضير ان تتوسط العلم الوطني المقبل لحيةّ!