الياس الديري

ما أشبه اليوم بالبارحة. وما أشبه الهتافات والشعارات المنطلقة بزخم وكثافة في ميادين القاهرة والإسكندرية وكل مصر تقريباً ضد حكم الرئيس محمد مرسي، وquot;الإخوانquot; وحلفائهم من سلفيّين وأصوليّين، بتلك التي ردّدها الملايين قبل عامين ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه وسياساته وحاشيته والفساد الذي حاصر مصر خلال عهده.
وإذا كان الشعب المصري قد صبر ثلاثين عاماً ليثور على quot;فرعونquot; الجديد وسيطرة عائلته وحاشيته على كل موارد الرزق والحياة، فضلاً عن حركة الاقتصاد والانتاج بصورة عامة، فإن المصريّين أنفسهم لم يصبروا أكثر من سنة وبضعة أشهر على عهد الرئيس محمد مرسي وquot;هجمةquot; quot;الإخوانquot;.
ومن دون مهادنة. ولا مسايرة. ولا تراجع. بل كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه. وبإصرار. وبأصوات لا تتعب ولا تهدأ، يتابعون معركتهم ضد الرئيس الإخواني، ونهجه، وتوجهاته، وقراراته التي تُبعد مصر والمصريين عن أحلام الديموقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان، والعدالة والمساواة، والحقوق الشخصية لكل مصري، سواء أكان رجلاً أم امرأة.
يعثر المتتبّع للوضع المصري، الذي لم يعرف الاستقرار منذ وضع quot;الإخوانquot; أيديهم على الحكم، وquot;خطفوا السلطة والدولةquot;، كما يتّهمهم المعارضون، على تقارير صحافيّة تتحدّث بصراحة عن عدم تمكّن مرسي وquot;إخوانهquot; وحلفائهم من إقناع المصريّين بحكمهم، كما لم يمكّنهم المعارضون الناقمون من وضع أيديهم حتى على المقرّ الرئاسي في قصر الاتحاديّة.
لم يحصد quot;الإخوانquot;، وفق تحقيق صحافي مصوّر بثّته إحدى الفضائيات، سوى النقمة العارمة والرفض التام لتجربتهم، وحكمهم، وأسلوبهم، وتوجهاتهم، وأفكارهم quot;التي تعود بمصر والشعب المصري إلى عهود عُرفت بظلاميّتها وظلمهاquot;.
النقمة. والخيبة. وعدم القبول بكل ما يصدر عن حكم هذه الفئات التي اعتبرت أن وصولها الى السلطة فوّض إليها أمر التصرّف بكل شيء، وفق ما يتناسب وأفكارها ورؤيتها وإرادتها.
يجزم المراسلون المتابعون للتطوّرات في صفوف الشعب المصري، وعلى أعلى مستويات النخبة والمثقّفين والجامعيّين، أن آمال المصريّين في التغيير والتطوّر والتحديث والانفتاح قد هوت كلّها. وبسرعة فائقة. وانكشف quot;الإخوانquot; ونهجهم أمام الرأي العام المصري والعربي والدولي، وبشكل فاضح.
على أن خيبة المصريّين من quot;الإخوانquot; ليست وحيدة، فهذه تونس تخرج بدورها إلى ساحات الاحتجاج، معلنة الرفض ذاته للنهج quot;الإخوانيquot; ذاته.
المشوار quot;الإخوانيquot; مع الحكم لا يزال في بداياته، إلا أن رافضيه سيقاومونه بكل ما يملكون من قوة، خطوة خطوة، إلى أن يتم لهذه الشعوب استرجاع quot;ربيعهاquot; الذي خطفه quot;الإخوانquot;.