يوسف الكويليت

لا أحد مع مصادرة حق الرأي من قبل أي مواطن، لكن ذلك حتى لدى الديمقراطيات العريقة، يبقى ضمن القانون، وسلمان العودة لم يكن خارج إطار الوطن وكيف تدار سياسته، ولا كيف تعرض هذا الوطن منذ الخمسينيات الميلادية إلى الهجوم والتحريض والدعوات لاختراق أمنه من حكومات وأحزاب ومنظمات عربية ودولية، ولا نظن أحداً يزايد على إسلاميته أو مواقف وطننا في الدفاع عن الأمة العربية والعالم الإسلامي، ومضاعفات المعونات والقروض والعطايا لا تحتاج كشف حساب وهي المسجلة في دفاتر وسجلات الكثير من المنظمات العالمية المهتمة بهذا الشأن..

في الداخل لم تكن الإدارة الاجتماعية تعسفية تأخذ بمبدأ زوار الفجر أو التعدي على الأشخاص والممتلكات بدواع وهمية، أو اقتصاص من إنسان ما، لكننا ضد أن يكون بلدنا مسرحاً للفوضى السائدة تحت غطاء إسلامي أو ليبرالي، لأن المحافظة على مكاسب السنوات الماضية أمنياً واقتصادياً ورعاية اجتماعية، لا تدخل مزادات سياسية تريد إغراقنا بالتهويلات والمخاوف، وطرح البديل الأسوأ، ولا أحد يدعي أننا عنصر الكمال في العالم، وفي الوقت نفسه نحن الأفضل في محيطنا العربي كله اقتصادياً وتربوياً لا ينحصر ذلك في الرجل بل المرأة التي أخذت مساراً علمياً وثقافياً، ومثلت دورها في مختلف المؤسسات التعليمية وغيرها بما في ذلك عضويتها في مجلس الشورى، وهي نقلة اعتبرتها الأوساط العالمية بادرة مهمة في مساهمة المرأة في عمل ظل حكراً على الرجل، ومقاوَماً من بعض عناصر التشدد..

هناك تباعد كبير بين من يحمل الرأي ويعتقد بصوابه، وبين من يمارس العمل، وهذا ما حدث في دول الربيع العربي عندما صعد الإسلام السياسي إلى مراكز الدولة العليا، لكنه ضاعف الأزمات المتعددة من صعود سعر الخبز إلى الوقود والبطالة وتقليص الاستثمارات، وأهمها على الإطلاق انفلات الأمن الذي هو ركيزة الاستقرار العام..

لقد ذهب بعض شبابنا إلى مراكز إرهابية باسم الجهاد في مواقع عديدة بقناعةٍ من فتاوى صيغت بمفاهيم ومنطلقات تناقض روح التسامح الإسلامي ومبدأ الجهاد وشروطه، وكدنا ندخل في صراع مع قوة عظمى بسبب أحداث 11 سبتمبر، واتهمنا بالتشدد إلى حد تحريم كلّ ما يتصل بالحياة ومنافذها وتطوراتها، والمأساة أن أكثر من وضعنا في دائرة الغلو والانغلاق مسلمون قد لا تتطابق أفكارنا مع منطلقاتهم وسلوكهم..

لقد عايشنا شعارات قومية ويسارية وبعثية، وأفكاراً ثورية متخلفة تعتبر كلّ من يلتقي مع الغرب عدواً لأمته ومشروعها الوحدوي، ودخلنا في صراع سياسي وأمني مع إسلام مؤدلج ادعى أنه الحقيقة والحل، ولكنه مسيّس يرى الكونية والشمولية أدعى وأهم من الوطنية، وهذا يخالف الواقع لأي بلد يملك قراره واستقلاله، وقد كانت الشيوعية والنازية شموليتين في معتقداتهما ومنطلقاتهما، ولكنهما فشلتا في دعوتهما، ولا توجد في كل دول العالم نزاهة مطلقة أو جريمة عامة، لكن هناك بريء ومتهم تُخضعهما الشرائع والقوانين للمحاسبة..

هل يجهل سلمان العودة ذلك..؟ في مجتمع فخور من ينتمي إليه بين مجتمعات مزقتها أساليب التدخلات غير الصائبة..