خالد الجابر
صحت الطائفة العلوية قبل عدة أيام مضت، وأعلنت براءتها من النظام الذي يحكم باسمها بعد الدخول في السنة الثالثة بحصيلة 70 ألف قتيل وملايين المهجرين!
ما الفرق بين الثورتين السورية والفرنسية؟ لقد نجحت الثورة الفرنسية، لان الفلاحين والبورجوازيين كانوا في حرب ضد عدو واحد، أما في حالة الثورة السورية، وهي أن الثوار كانوا هم العدو الأوحد بالنسبة للنظام وللبورجوازيين. وهذا أول اختلاف كبير بين الثورة السورية والثورة الفرنسية، مما يجعها أكثر تعقيداً وأشد صعوبة في مسارها، وهو ما يشير إليه منذر عيد الزملكاني، بالإضافة إلى استخدام القوة المفرطة لقمع الثورة البنية الطائفية والعرقية المتنافرة المصالح في سوريا وفي دول الجوار على رأسها لبنان، وتضارب المصالح الإقليمية والدولية.
في كتابه أعيان الشام في سوريا، يشير صقر ابو فخر، الى أن مثلث ملاك الأرض والتجار ورجال الدين وهم أعيان دمشق وآخرهم محمد البوطي الذي قتل في حادث انفجار، أعاقوا التقدم في سوريا أيما إعاقة جراء الطابع المحافظ لهذا الثالوث التاريخي. وهذه العملية كانت على الأرجح الأساس الذي أدى إلى ظهور الدولة التسلطية المعاصرة في سوريا. وبهذا المعنى فان التسلط (أو الاستبداد) لم يكن مجرد خيار للحاكم أو للجماعة الحاكمة بقدر ما كان نتيجة غير محسوبة تماما لهيمنة الأعيان على السياسة والثروة في المدينة العاصمة، لا لسوريا وحدها بل لبلاد الشام تقريباً.
الآفاق المستقبلية معتمة ومجهولة، فالمنظومة التي تحكم المجتمع خلال العقود الماضية أسست على الطائفية والتقسيمات الطبقية، لذلك يتضح بعد الصراع الطائفي العشائري في الثورة السورية، وهو تحول إلى تصفية حسابات بين مختلف الطوائف الدينية والمذهبية وربما سيستمر حتى بعد رحيل الرئيس وزبانيته وتصفية النظام. مستقبل العلويين مرتبط بالنظام، الدروز قد يطالبون بأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، والأكراد قد يلجأون إلى الانفصال ويسعون إلى المطالبة بالاستقلال الذاتي، أما المسيحيون فقد يلجأون إلى الهجرة خارج الوطن. أزمة الثورة في سوريا تكمن في أنها تواجه دويلات داخل الدولة الواحدة والسيناريو في دمشق قد يتكرر في أي مكان، ولبنان ليس بعيدا عن الحدود، والدول العربية الأخرى.
التعليقات