راجح الخوري


شكل شعار quot;النأي بالنفسquot; الذي رفعته الحكومة المستقيلة عنواناً جيداً لكن لسياسة سيئة، او لعلها غاية في السوء وقد تحولت نأياً للحكومة عن واجباتها الوطنية كسلطة مسؤولة وتقاعساً عن متطلبات تحييد لبنان ومنعه من ان يصبح هشيماً للنار السورية، وخصوصاً في ظل انقسام اللبنانيين بين مؤيد للنظام ومتحمس للثورة .
دول كثيرة شجعتنا على quot;النأيquot; بالنفس بغض النظر عن موقفها من الازمة السورية وذلك لحرصها على لبنان وخصوصيته الفريدة. في مقدم هذه الدول المملكة العربية السعودية التي سعت وتسعى كما هو معروف منذ زمن بعيد قبل مؤتمر الطائف وبعده وقبل quot;السين - سينquot; وبعدها، ورغم كل ما يساق اليها احياناً من افتراءات موتورة، الى ترسيخ روح الحوار وتعميق التفاهم والتعاون بين اللبنانيين، انطلاقاً من سياسة ثابتة طالما تمسكت بها الرياض التي تنظر الى لبنان على انه عنوان ومختبر فريد للتفاعل بين الحضارات والاديان، الأمر الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين كل اهتمام على النطاق العالمي بالتعاون مع الفاتيكان والامم المتحدة .
هكذا عندما يقف السفير السعودي علي عسيري في بكركي مهنئا بالفصح ومتمنياً ان تكون قيامة لبنان دائمة من خلال الحوار وطي صفحة الانقسام والخلاف، ثم ينتقل بكلامه هذا الى السرايا وعين التينة، فانه يسير على الطريق اياه الذي سلكه قبله وبتوجيه شخصي من خادم الحرمين الشريفين، سلفه الدكتور عبد العزيز خوجة يوم كان سفيراً في بيروت، ويوم استمات في مساعيه المكوكية بين عين التينة وقريطم ليجنب لبنان الوقوع في الانقسام، وخصوصاً في مرحلة تهب فيها رياح السموم المذهبية على المنطقة كلها.
وعندما يقول عسيري ان جوهر لبنان يتجاوز اهمية دوره كبلد تعايش الى فرادة مهمته كمختبر لهذا التعايش، وان التطورات في المنطقة تفرض على اللبنانيين مزيداً من اليقظة والوعي والتفاهم وتعميق روح الحوار، آملاً في ان تشكل عملية تأليف الحكومة طياً لصفحة الخلاف ودخولاً في مرحلة من التفاهم بين اللبنانيين، فانه ينطلق مما يكرره الملك عبدالله دائماً quot;ان لبنان بالنسبة الى السعودية في منزلة العين وبالنسبة الى العرب في منزلة واسطة العقدquot;، وهو ما يرتب على ابنائه مسؤولية هذه القيم النبيلة المتمثلة في بلدهم .
ليس خافياً ان عسيري نشط قبل استقالة الحكومة وبعدها لتفعيل مساعيه على قاعدة ان المملكة تمد يدها الى الجميع، مؤكداً ضرورة الحوار والتفاهم بين اللبنانيين، ومركزاً على اهمية التواصل بين السنّة والشيعة والمسيحيين وكل المكونات الاخرى، بما يحصن لبنان في هذه المرحلة الحساسة ... واذا كانت الرياض قبلت حتى quot;السين - سينquot; لانقاذ لبنان فهل غريب ان تحضّ على صيغة quot;ل - لquot; اي التوافق بين اللبنانيين؟