يوسف الكويليت

اللقاء الأمريكي - الروسي، هل يكشف عن اتفاق مبدئي لحل المشكلة السورية؟ ولماذا أصبحت الخلافات خارج حسابات البلدين، وهل التدقيق في واقع التطورات داخل الفصائل التي تحارب نظام الأسد، سببٌ دفعَ الدولتين لمخاوف من بروز جبهة النصرة التي بايعت زعيم القاعدة، وليكون عنصر الاتفاق حتى لا تكون سورية ما بعد الأسد، حاضنة لتيارات إسلامية متشددة تؤثر في أمن الدول المجاورة لها؟

ففرنسا، وإنجلترا، ودول أخرى كانت ترغب في دعم الجيش الحر بقوات قد تحسم أمر الثورة لصالحها، غير أن إعلان جبهة النصرة أوقف أي دعم، وقد تكون أمريكا اقتنعت بدور مشترك مع روسيا لحلول تفرض على الجانبين، خشية تطورات سلبية أكبر تؤدي إلى انتشار للسلاح الكيماوي بين طرفيْ الصراع، ما أجبرهما على العودة إلى اتفاق جنيف ليكون قاعدة التفاهم، لكن ماذا عن مواقف كلّ من تركيا وإيران وإسرائيل كقوى فاعلة في الداخل السوري، وتتأثر بأي تطورات سلبية تحدث في سورية؟

روسيا أعلنت دعمها بدون تحفظ وأرست بوارجها في موانئ سورية، وتصر على بقاء الأسد مهما كانت النتائج، في الوقت الذي ترفض فيه المعارضة هذا الشرط، لكنها غير موحدة الرأي، حيث الانقسامات واضحة بين مختلف التيارات والتي لا يوحدها إلاّ إزالة النظام، لكن في حال عدم قبولها التسويات المطروحة، وبقيت الأمور تتجه للتصعيد، من سيحسم الأمر هل يتم تشكيل قوة دولية معززة من روسيا وأمريكا لتكون عازلاً بين المتحاربين، أم يصبح التدخل العسكري أمراً ضرورياً، وهنا هل تضمن هذه القوة أن لا تكون عرضة لرد فعل يُدخلها في حرب مع طرفيْ النزاع؟

روسيا مدعومة بإيران وحزب الله اللذين يشاركانها في الوقوف بصف الأسد، يدركون أن غياب أمريكا وحلفائها، لا يعني فقدانها الوسيلة الضاغطة عسكرياً وسياسياً إذ إن تركيا، وإسرائيل ودولاً عربية عديدة تساندها، وبالتالي فالمعادلة تبقى لصالحها متى ما أرادت أن تسجل موقفاً عملياً، وقد ينحصر الموقف في حل تلقائي، لا يضيع على روسيا مطالبها، ولا يدفع بأمريكا لأن تكون خصماً كما جرى في مساندتها الأفغان ضد السوفيات، أو دعم السوفيات والصينيين لفيتنام، فالمعركة في سورية خارج القطبية القديمة، وبعيدة عن الأيدلوجيات التي قسمت العالم بين طرفيْ القوة الثنائية..

قد يكون هناك تنازلات لاحتواء القضية أو تدويلها، ورغم ذلك فإن سورية تبقى مهمة استراتيجياً للروس والأمريكان معاً، ولا يريدان حروباً بالنيابة تدخل فيها أطراف عربية أو إقليمية، ولذلك فالروس قادرون على إقناع إيران والعراق بجدوى الحل السلمي، وهناك تطابق في وجهات النظر حتى في دخولهم شراكة في المعارك الدائرة..

وأمريكا تفهم كيف تحتوي مواقف إسرائيل وتركيا ولبنان، والأردن حتى لو لم يكن لهذه الدول الدور المباشر في التعقيدات الداخلية السورية..

دول الربيع الغارقة بهمومها، أو الدول المحايدة في النزاع السوري، أو الداعمة للمعارضة لا تملك التصور الشامل لأن يكون لها دور فاعل والدليل أن المندوبين والجامعة العربية لم يؤثرا في سير المعارك، بل هناك رفض لأي مشروع قدم للسلطة والمعارضة، وهو ما أضعف دورهما إلى حد الفشل..