تونس - محمد ياسين الجلاصي

تنذر مواجهات وقعت أمس ومساء أول من أمس بين قوات الأمن التونسية وشبان سلفيين في منطقة السيجومي المحاذية لتونس العاصمة، بتوتر قد يشكل بداية النهاية للعلاقة الحذرة بين laquo;حركة النهضةraquo; الإسلامية الحاكمة والتيار السلفي.

واستعملت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق نحو 300 سلفي كانوا بصدد إقامة laquo;خيمة دعويةraquo; من دون ترخيص مسبق. ومنعت قوات الأمن إقامة خيمات مشابهة في العاصمة وعدد من المحافظات ما أثار مواجهات في بعض المناطق.

وفرقت قوات الأمن أمس سلفيين حاولوا نصب خيام دعوة وتوزيع منشوراتهم في تطاوين ومدنين في جنوب شرقي البلاد. وأفادت معلومات صحافية بأن الشرطة فرقت laquo;من دون عنفraquo; سلفيين حاولوا نصب خيمة أمام مقر الولاية في تطاوين (550 كلم جنوب تونس). كما منعت بعض السكان من نصب خيمة في المكان نفسه تمهيداً لتظاهرة ضد البطالة.

ويتهم السلفيون حكومة laquo;النهضةraquo; بالتضييق عليهم، فيما ترى قوات الأمن أن دعاة سلفيين يحرضون عليها بوصفهم الشرطة والجيش بـ laquo;جند الطاغوتraquo;، وهو ما حذرت منه وزارة الداخلية وهددت بملاحقة laquo;كل من حرض على عناصر الأمن سواء عبر الخيمات الدعوية أو عبر الخطب أو عبر الإنترنتraquo;. وتقول مصادر أمنية إن سلفيين استعملوا زجاجات حارقة في المواجهات التي تشهد أحياء شعبية في العاصمة احتقاناً كبيراً على خلفيتها.

وتأتي عملية المنع غير المسبوقة، قبيل عقد ملتقى سنوي لتنظيم laquo;أنصار الشريعةraquo; السلفي في محافظة القيروان الأحد المقبل. وأعلن وزير الداخلية (المستقل) لطفي بن جدو نية وزارته منع انعقاد المؤتمر laquo;للظروف الأمنية التي تمر بها البلادraquo;.

غير أن التنظيم أعلن عبر موقعه على الإنترنت تمسكه بـ laquo;حقهraquo; في عقد مؤتمره السنوي. وتوقع القيادي في laquo;أنصار الشريعةraquo; سامي الصيد في تصريحات صحافية أن يشارك في المؤتمر السنوي الثالث أكثر من 35 ألفاً من أنصار laquo;السلفية الجهاديةraquo; ليفوق عدد المشاركين في مؤتمر السنة الماضية الذين كانوا نحو 30 ألفاً.

وعلى رغم أن القيادي السلفي خميس الماجري نصح في بيان laquo;أنصار الشريعةraquo; بـ laquo;التعقل وعدم الانجرار إلى المواجهة مع الدولةraquo;، إلا أنه لم يدعهم إلى إلغاء المؤتمر، ما يغذي التوقعات بمواجهة بين الأمن والسلفيين.

وتأتي الحملة على السلفيين على خلفية انتماء متورطين في عمليات مسلحة ضد الأمن والجيش التونسيين إلى laquo;أنصار الشريعةraquo; قبل أن يلتحقوا بجماعات مسلحة في الجزائر وليبيا، ما يطرح تساؤلاً عن مدى إيمان التنظيم بأن تونس ليست أرض جهاد كما تصرح بذلك قياداته.

كما اشتدت المواجهات بعد التحول الجذري في خطاب قيادات laquo;النهضةraquo; ووزراء إزاء السلفيين، خصوصاً تصريح رئيس الحركة راشد الغنوشي بأن laquo;لا حوار مع من يهدد الدولة والمجتمعraquo;، إضافة إلى تصريح وزير حقوق الإنسان القيادي في laquo;النهضةraquo; سمير ديلو الذي اعتبر أن تونس laquo;ليست أرضاً للدعوة السلفيةraquo;، وهو ما أثار غضب قيادات سلفية شنت هجوماً حاداً ضده.

ويبدو أن الوضع الإقليمي شجع laquo;النهضةraquo; على الحسم مع السلفيين بعد أن كانت تدافع عنهم وتعطي الغطاء السياسي لعدد من تحركاتهم التي تثير حفيظة الرأي العام في تونس. كما أن عدداً من الأحزاب رهن إنجاح الحوار الوطني الذي يرعاه الرئيس المنصف المرزوقي بالحزم مع السلفيين، إضافة إلى تململ غربي من النشاط السلفي المكثف في تونس الذي شكل خزاناً للتجنيد في جبهات القتال في مالي وسورية والجزائر.

واستنكرت منظمات مجتمع مدني وعاملون في القطاع السياحي ورجال أعمال وصول الأنشطة السلفية و laquo;الخيمات الدعويةraquo; إلى المناطق السياحية، وهو ما سيؤثر سلباً في القطاع السياحي علماً بأن السياحة تشكل نسبة كبيرة من موارد البلاد. ودعا المؤتمر الوطني لدفع الاقتصاد أول من أمس الحكومة إلى laquo;التصدي للنشاط السلفي الذي من شأنه الإضرار بالنشاط السياحيraquo;.