فاتح عبدالسلام


قبل بضعة أيام خطرت في رأس الرئيس الشيشاني رمضان قديروف فكرة، قد تمر في رؤوس زعماء آخرين لكنهم يعجزون عن تطبيقها بهذا الاحتراف والدقة.
زار الرئيس وزارة الرياضة ورأى مبناها متعباً يشكو قلة الصيانة، لم يرَ عقوداً فاسدة ولا محسوبيات ولا مليشيات تحمي الوزير. رأى البناية تحتاج الى صيانة أكثر فقط. فما كان منه إلاّ أن دعا التلفزيون الحكومي أن يرسل فريق تصويره الى حلبة الملاكمة الموجودة في رحاب وزارة الرياضة التي استدعى إليها وزير الرياضة نفسه وطلب منازلته بعد أنْ منحه فرصة الاحتماء بخوذة واقية ثمَّ أشبعه ضرباً فوق الحزام وتحته وبطريقة فنية من دون أخطاء.
جرت المباراة العقابية من دون حكم. وحين انتهت المباراة الوزارية قال الرئيس الشيشاني سددت له لكمة من اليسار وأخرى من اليمين. معاقبة تخاذل المسؤولين بهذا الأسلوب أمر فعّال جداً.


في العراق مثلاً لا يحتمل رأس الوزير غير المرغوب به لكمة، يكفيه التلويح أمامه بملف الإرهاب وتورط أفراد حمايته بعمليات قتل واختطاف. ولا يحتاج الأمر أن يكشف الرئيس عن قدراته في الملاكمة وتعريض نفسه لاحتمال أن يكون الوزير قد تدرب جيداً قبل المنازلة. كلّ شيء يجري على نحو مفاجئ. قد تحدث المنازلة بعد اجتماع مجلس الوزراء مباشرة ويكون الخبر الثاني في نشرة الأخبار الحكومية، حيث الخبر الأول يقول؛ اجتمع مجلس الوزراء وبحث وقرر، ويقول الخبر الثاني؛ تمّ اكتشاف تورط وزير بالإرهاب واحتمال تورط آخرين لاحقاً.
تبقى مشكلة غير محسوبة هي إنَّ هكذا نزالات لا تنتهي في كل مرة بالضربة القاضية كما يراد لها وكما حدث مع نائب رئيس الجمهورية. قد يحصل الفوز بالنقاط أو قد تبدو المباراة كلّها مؤجلة بقرار من جهة عليا مجهولة أو إنه فوز سهل لانسحاب الخصم.
العراق سيشهد فصلاً ساخناً من المباريات التي لا ينتظرها الجمهور ولا يفكر أنْ يدفع نقوداً لتذاكر مشاهدتها بل ممنوع عليه أن يحضرها أصلاً، حيث ستجري كما هو معتاد من دون حكم وحصراً على أرض ملعب خصم واحد دون الآخر ومحظور على القنوات الفضائية طبعاً نقل المباراة لكن تسريب اللقطات الساخنة ستتكفل به موبايلات بعض المسؤولين والمستشارين ومن يخالف يعرّض نفسه لمادة قانونية انتجتها فترة حكم الملعون الى يوم الدين بول بريمر.