هيا عبد العزيز المنيع
بين فترة وأخرى تبرز لنا فتاوى تتلبس الدين وليست من الدين، وبين فترة وأخرى تبرز لنا مواقف تتلبس الدين وليست من الدين.. كما هي محاولة البعض فرض تطرفهم على المجتمع بأكمله منادين بالتحرش بالفتيات العاملات كاشيرات في الاسواق..
حقيقة تلك الاصوات تمارس بكل صلافة الافساد في الارض وهي تعلم وقاحتها وارتكابها ما حرم الله..، في أي دين سماوي او دين بشري لا توجد قيم الضرر والاسئلة للانسان...، فكيف تكون تلك قيمة يرتكز عليها هؤلاء المسلمون؟ كما قلت سابقا تلك الفتاوى والمواقف في السابق تنتهي بمجرد انفضاض السامرين ولا يعلم عنها سواهم وإن كانت آثار فكرهم أضرت مجتمعنا ككل مع مرور الايام، ولكن الامر اليوم اختلف فقد بات الاعلام الخارجي يتسلى علينا وعلى بعض العقول ذات الفكر المتطرف والتي أضرت بالاسلام في وقت نحتاج للتعريف الايجابي بديننا وكشف مدى تكريمه للانسان وعقل وكرامة الانسان..
فتوى الدعوة للتحرش بتلك النساء بكل قبحها وصلافتها تستدعي الان اكثر من اي وقت مضى اعتماد قانون منع التحرش والتشديد في العقوبات على من تسول له نفسه الاساءة لاي مواطن رجلا كان ام امرأة، وتحت اي مبرر او اعتقاد..
هل يعقل ان يعتقد هؤلاء ومن ينتهج بفكرهم المتطرف ان الاساءة لتلك الفتيات ستكون سبباً في ارتفاع حسناتهم؟
هل خرجنا من الحزام الناسف والحور العين لندخل في نفق التحرش بالنساء المسلمات من بوابة الاحتساب...؟
لمن لا يعلم فتلك النساء منهن المطلقة ومنهن الارملة ومنهن المتزوجة برجل لا يعرف من الحياة الا حقوقه.. ثم إن العمل حق لهن بصرف النظر عن حالتهن الاجتماعية والاقتصادية..
الدعوة للتحرش بتلك النسوة هي شكل من اشكال الحرابة وزرع الفساد بين افراده، هي تحد للمؤسسة الدينية بكل تشريعاتها المستندة على الاسلام وتحد للمؤسسة الامنية وايضا ضربت بالحائط قيم المجتمع السعودي واعرافه التي تنصف الانسان وتحترم كرامته..
من يصدق أن رجلا تعلم في مدارسنا السعودية وتخرج في احدى جامعاتها وصلى في مساجدنا يدعو للتحرش بالنساء العاملات في اسواق عامة ومفتوحة..اسواق ترتادها العائلات، اسواق محاطة بحراك بشري كبير، اسواق محاطة باجهزة امنية ورقابة متنوعة.. ثم يأتي انسان باسم الدين يدعو للتحرش بهن؟!
صفعة لكل البناء العقائدي والفكري الذي قامت به المؤسسة التعليمية وايضا هيئة كبار العلماء ولا ننسى مؤسسة الافتاء كل ذلك واكثر لا قيمة له امام رجل تزعم الامر وافتى باشاعة الفوضى والتطرف بين اعضاء المجتمع.. بعد ان بدأنا نتعافى من ثقافة التطرف والارهاب وامتطاء الحزام الناسف للوصول للحور العين.. هل سنجد انفسنا نواجه ثقافة الايذاء بالتحرش بنسائنا بحجة الاحتساب ومنعهن من العمل محاسبات او بائعات في الاسواق العامة؟
اتصور ان مسؤولية المؤسسات الدينية كبيرة في التصدي لمثل هذا الفكر بقوة الخطاب والافتاء. ايضا على المؤسسات الامنية مواجهة اي محاولة للاساءة للنساء بحزم وقوة لا مجاملة فيها؛ لان البعض قد تستهويه الفتوى قناعة او ضعفا في قيمه..
بالامس انفجاراتهم لم يفصلها عن بيوت الله في بلادنا الا أمتار..، اليوم فتاواهم قد تحمل فكرا متطرفا آخر إن تركنا بناء نسقنا الفكري لهؤلاء ولم نتصدّ له بقوة الخطاب وقوة النظام
التعليقات