مصطفى الصراف


المشروع الطائفي الاتفاقية الأمنية انقلاب أسود الثبات يا ذوي الأربعة أصوات هوية تركيا والأحزاب الإسلامية الصوت الواحد الأنسب للكويت مزيد من المقالات bull; السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون أمر يعني كل دولة، باعتبار ان لديها مصالحها واستقلاليتها. والآن هناك محاولات للتوحيد.. فهل تنجح؟!

إن مجلس التعاون الخليجي ليس مؤسسة على مستوى دولة مكونة من عدة أقاليم متحدة، كبريطانيا مثلا، وليس دولة اتحاد فدرالي، مثل الولايات المتحدة الاميركية، وفي الحالتين كل من هذين النظامين يكون لهما رئيس واحد، وعلم واحد، ووزير خارجية واحد. كما ان مجلس التعاون الخليجي لم يرق حتى ليكون اتحادا كونفدرالياً، مثل الاتحاد الاوروبي، فهو ربما تجاوزاً يمكن وصفه بأنه شبه اتحاد كونفدرالي. وذلك لان مجلس التعاون الخليجي تكوّن كمؤسسة للتنسيق بين دوله، كما جاء في نظامه الاساسي، ولو فرضاً انه اتحاد كونفدرالي، فإن كل دولة فيه تحتفظ لنفسها باستقلاليتها، ولكل منها علمها ونظامها السياسي واستقلال سياستها الخارجية والداخلية، كما ان المجلس الاعلى فيه المكون من رؤساء الدول الست يجب ان يأخذ قراراته بالاجماع. يعني اذا اعترضت اي دولة فلا يتخذ اي قرار يلزمها، والوضع نفسه بالنسبة الى المجلس الوزاري المكون من وزراء خارجية دول مجلس التعاون. ولذلك فإن المجلس لم يتمكن من اتخاذ قرار حتى بالنسبة الى توحيد العملة بين دوله. وهنا يصح القول إن السياسة الخارجية لكل دولة فيه امر خاص بها، تمليها عليها اوضاعها الداخلية وعلاقاتها ومصالحها الخاصة في دول العالم. ولكل منها استقلالها وعلمها وتمثيلها الدبلوماسي. فلا يمكن فرض سياسة خارجية موحدة على جميع دول مجلس التعاون، وكذلك الاتحاد الاوروبي رغم ان لديه برلمانا، ولديه عملة موحدة، ولكن سياسته الخارجية غير موحدة، ولكل دولة نظامها الخاص وعلمها وسياستها الخارجية الخاصة بها. وبالعودة الى مجلس التعاون الخليجي، نراه في الآونة الاخيرة يحاول توحيد سياسته الخارجية والداخلية. ول كن - وبكل اسف - سياسته الخارجية الاخيرة لا تنسجم وطبيعة دوله، فأعضاؤه جميعا دول صغيرة حتى مع اجتماعها، وفي هذه الحالة، الأنسب له ان تكون سياسته الخارجية سياسة تتسم بصفة الحياد والدفاع، وليس بصفة الهجوم والحرب. لا سيما ان دوله رأسمالية غنية، فهي بحاجة الى الاستقرار وعلاقات حسن الجوار، واقامة افضل العلاقات مع دول العالم والدول العربية بصورة خاصة، لتكون قادرة على تنفيذ سياسة اقتصادية تنموية.

وهذا الوضع يتنافى مع المواقف التي اتخذها مجلس التعاون الخليجي من الحرب على سوريا، التي شنتها اميركا والصهيونية العالمية، حيث جاء مجلس التعاون كرأس حربة في هذه الحرب، وشن هجوماً مباشراً ضد سوريا، سترتد آثاره علينا. بينما الجهة المعنية اساسا في هذه الحرب مكثت بعيدا حتى لا يطولها شررها. وقس على ذلك سياسة المجلس مع دول الجوار الاخرى كالعراق وايران، وهي دول أكبر واقوى عسكريا من دول مجلس التعاون مجتمعة، فبدلا من اقامة علاقات حسن جوار، وحل الخلافات معها متى وجدت بالطرق الدبلوماسية الحميمة، والحرص على تهدئة الاوضاع معها، نجد المجلس دائما متشنِّجاً في قراراته معها والتهجم عليها، وخلق الازمات معها، وتضخيم الاحداث التي عادة ما تحصل بين دول الجوار. لذا، تجب اعادة النظر في السياسة الخارجية لمجلس التعاون الخليجي، لا سيما ان كل دولة فيه لها ظروف تختلف عن الاخرى. فدولة الكويت - مثلا - ظروفها تختلف عن المملكة العربية السعودية الشقيقة، سواء من حيث نظامها السياسي او موقعها الجغرافي او حجمها السكاني، ولا تصلح لها سوى سياسة الحياد، واقامة علاقات حسن جوار بين الدول الكبيرة الثلاث، من دون انحياز لاي واحدة منها. فالمواطن الكويتي يحب الاستقرار بقدر حبه للسياحة والسفر، وهو مسالم بطبيعته، ولا يقبل حظر دخوله لاي دولة في العالم او تُلصق به صفة الارهاب.