الرياض

بعد مرور عام واحد فقط على حكم الرئيس محمد مرسي، انتفض المصريون وملؤوا الساحات وهم يهتفون بصوت واحد: ارحل! هذه الاحتجاجات جاءت على خلفية سلسلة من الإحباطات التي صبغت السياستين الداخلية والخارجية لحكومة quot;الإخوانquot; في مصر، وبعد أن تولدت لدى الشارع المصري قناعة بأن الرئيس يحكم كواجهة لتنظيم الإخوان، وليس كرئيس لمصر بكل أطيافها السياسية. لكن السبب الرئيسي لانتفاضة 30 يونيو كان اقتصاديا بامتياز. فقد كان المصريون يحتجون على أزمة وغلاء رغيف الخبز، والمحروقات والغاز، وكذلك على ارتفاع معدلات البطالة والتضخم الذي نتج بشكل رئيسي من انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار.


لكن إسقاط الرئيس محمد مرسي، ومن ورائه الإخوان المسلمون، لم ينعكس على مصر فقط، بل يتوقع مراقبون أنه سينعكس سلبا على الحركات الإسلامية في المنطقة، بعد أن كانت المستفيدة الرئيسية من حركات quot;الربيع العربيquot; في عدة دول إقليمية. عدد من قادة التنظيمات الإسلامية أعربوا عن انزعاجهم ورفضهم لما أسموه quot;الانقلاب العسكريquot; الذي تم من خلاله إزاحة الإخوان المسلمين عن السلطة في مصر، وأكدوا أن محمد مرسي لم يحصل على فرصة كافية للعمل، كما أن السنة التي قضاها في الحكم تميزت بخروج عدد قياسي من المظاهرات والاحتجاجات التي أثرت سلبا على الاقتصاد المصري. ومع أن ذلك قد يكون عاملا مساعدا، إلا أن التخبط الواضح الذي شاب المواقف المصرية وسياساتها الاقتصادية وعدم قدرة نظام مرسي على تقديم خطط واضحة ومقنعة لتحسين أوضاع المصريين ومعيشتهم كانت العوامل الأهم في تحرك الشارع ضده.
أما في تونس فقد التزم حزب النهضة الإسلامي الحاكم بالوسطية بين السلفيين الذين هددوا باستخدام العنف لفرض الشرع الإسلامي، وبين العلمانيين، وهذا أيضا مؤشر على انقسام مستقبلي محتمل قد تشجعه أحداث مصر على التحول إلى اضطرابات واسعة.


لكن أحداث مصر الأخيرة لا تعني رفض المصريين للتوجهات الإسلامية عامة، فالمصريون مسلمون محافظون وهم من جاء بالإخوان إلى الحكم. لكنهم انتفضوا للاحتجاج على أداء حكومة الرئيس مرسي، وليس على ما يمثله من توجه إسلامي. لذلك ليس من الغريب أن يعود الإسلاميون مرة أخرى إلى لعب دور سياسي هام في مصر شرط أن يثبتوا أنهم يمتلكون ما تتطلبه إدارة البلاد من كفاءات ومهارات، والأهم من انفتاح على جميع التيارات والقوى السياسية الأخرى.