سمير عطا الله
بين كل سطر وسطر كتبته منذ 1967 على الأقل، سطر ضد الأنظمة العسكرية. تطلعت يومها في دول العالم ووجدت أن القهر والتخلف والديكتاتوريات في بلاد العسكريين أو في يد مدني يعتمد قبضة العسكر، رأيت تشابها في أوضاع الناس في ظل العسكر من أميركا اللاتينية إلى إسبانيا إلى اليونان إلى بلاد العرب أوطاني.
كنت أحلم، مثل أي عربي في أي مكان، بنصر عسكري وفوز مدني، وأفقنا فرأينا عسكرا مهزوما وحياة مدنية معدومة. جردنا العسكر من أدوات المستقبل وسبله وضروراته. وأهدروا في البدد القرن الذي عاشه الآخرون في الخروج من بقايا وآثار القرون الوسطى. كانت روما القديمة تقيم للإمبراطور جنازة تسمى laquo;التأليهraquo;، إذ تصنع للمتوفى تمثالا من الشمع يبكى من حوله طوال سبعة أيام. العسكريون اخترعوا التأليه لحظة الوصول والتماثيل من معدن وعلى الناس الانحناء.
الاستثناء كان في العسكريين الذين اعتمدوا الحياة المدنية. أحدهم كان الجنرال فؤاد شهاب، أول محاولة لبناء دولة غير عليلة في لبنان. وكذلك الجنرال ميشال سليمان، حارس الدستور المدني. الذي لا يروق له هذا الكلام لا يستطيع أن يقدم لنا نظاما عسكريا أو ديكتاتوريا نجح في تحقيق أي شيء. في أي مكان.
الدور الإيجابي الذي لعبه الجيش كان في ضبط خروقات الحاكم. تدخل الجيش في تونس وأقنع بن علي بالسفر مبكرا. وتدخل الجيش في مصر وقال للرئيس مبارك لقد انتهى الأمر بينك وبين الشعب، خيارنا هو الشعب.
ووقف الجيش السوري إلى جانب النظام، والنتيجة مائة ألف قتيل وعشرة ملايين مشرد وألف سنة دمار. ليس سهلا علي أن أمتدح موقف الجيش المصري، لكنه للمرة الثانية تدخل إلى جانب الناس وفي سبيل مصر. صحيح أن الرئيس محمد مرسي كان شرعيا لكنه كم أساء إلى الشرعية والقانون والإدارة المدنية. ليس الانقلاب عليه كان سريعا بل انقلابه هو على كل شيء جاء باسمه. أول شيء فعله كان إلغاء الدستور وإهانة الجيش الذي سلمه الحكم وذهب إلى ثكنته. عزل المشير طنطاوي بعد أسبوعين، كان خطوة ناقصة في حق كل بيت مصري، لأن كل بيت فيه عسكري برتبة فريق أو أعلى، أي برتبة مواطن.
الذي قصَّر تجربة مرسي هو الرئيس السابق. لقد مضى الرجل الآن. وعلى الإخوان أن يثبتوا للمصريين أنهم مع سلامة مصر وأمنها ومكانتها، ومعها في اختيار رئيس ذي أُفق ومعرفة عالمية لبناء الأمم. المرشد ليس مصر. لقد أنهى المصريون عهود الفراعنة بلا عودة.
التعليقات