نبيل الحيدري
تجارب الإسلام السياسي الحالية تمثّل تجارب معاصرة سيئة لأمتنا في الفساد باسم الدين (والدين منهم براء) وازدواجية المعايير وانعدام القيم والأخلاق وهي أشبه ما تكون إلى فترات ظلامية من القهر والفساد باسم الدين أيام حكم الكنيسة في الغرب وتجاربها السيئة الفاسدة الظالمة حيث كانت صكوك الغفران (سرقة أموالهم) ومحاكم التفتيش والظلم باسم المسيحية، والمسيحية منها براء. ولم يتم تحرر الغرب والتطور المدني حتى صارت الدولة المدنية الحديثة وفصل السلطات وإبعاد الدين عن الحكم والسياسة والدولة وهكذا تطور الغرب. ولكننا عُدنا إلى الوراء في تجارب الإسلام السياسي المعاصر بفرعيه السني والشيعي بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإيديولوجية حيث كانت محاربة من الأنظمة السابقة وادعاءاتها الكبيرة لتمثيل الدين واحتكار فهمه والتخلف والجهل خصوصا في القنوات الدينية الكثيرة، ولا يمكن للناس أن ينعموا بالحرية والكرامة حتى يتحرروا من الإسلام السياسي المعاصر وتأسيس الدولة المدنية الحديثة التي تحترم المواطن وحريته وكرامته وحقوقه.
من أهمّ إشكاليات الإسلام السياسي هو توهّمه باحتكار الحقيقة المطلقة وادعاؤه وحده تمثيل الله في الأرض واستغلاله الدين والفتاوى الدينية لمختلف الأغراض وتباينها وحكمه بالتكفير للآخرين وما يترتّب على ذلك من آثار كثيرة واستعمال مختلف الوسائل ،ومنها العنف للوصول إلى أهدافه كما أوضح تاريخه، وكذلك اهتمامه بمصالحه الشخصية والحزبية على حساب الوطن والمواطنة وتبريره لكل الظلم والفساد بل ربما يقوم بالظلم والفساد والجور وانتهاك حقوق الإنسان مما يجعل الآخرين قد يترحّمون على الأنظمة الدكتاتورية السابقة حين تنعدم الدولة ومؤسساتها ويفتقد الأمن والأمان وأبسط الخدمات وغيرها.
كتبت سابقا عند تسلمهم الحكم أن ستنكشف أوراقهم في سلوكهم وأعمالهم ليرى الشعب حقيقتهم وصدقيتهم وعدم تطابق شعاراتهم مع أفعالهم وبعدهم عن المواطن. بعد تجربة سنة كاملة لحكم الإخوان المسلمين (الإسلام السياسي) في مصر استطاع الشعب المصري أن يخرج بملايين عظيمة لم يسبق لها مثيل لإسقاط حكم المرشد الإخوانى ودكتاتورية وفساد وظلم حركة الإخوان المسلمين. في سنة واحدة فقط اكتشف عموم الشعب المصري زيف شعاراتهم الدينية واستغلالها لمصالح شخصية وحزبية حيث باتت قياداتهم من أصحاب الملايين بينما يتلوى الشعب من الفقر والحرمان والجوع، لقد خرج من انتخب الإخوان حتى من القرى البسيطة النائية التي خُدِعت بانتخاب محمد مرسي، خرجوا ضد حكم الإخوان، وقد كشفت اللعبة وخرجت الملايين من الشعب في انتفاضة جديدة لتصحيح مسار الثورة المصرية التي اختطفها الإخوان في استفراد واستهتار وتجبر. إن الإخوان المسلمين لأول مرة في تاريخهم يحصلون على حكم مصر التي تمثل مركز ثقلهم في العالم حيث يكون المرشد في مصر والقرارات الخطيرة ورموز زعاماتها التاريخية وأفكارها الأيديولوجية من عوامل سقوط الإسلام السياسي في مصر بعد خروج الملايين من الشعب متمردين على الإخوان، هو أنّ المرجعية الدينية السنية المتمثلة بالأزهر وإمامه الأكبر قد وقفوا مع الشعب والجيش ولم يقفوا مع الإخوان ومرسي.
يتساءل البعض لماذا لم تخرج الملايين في العراق الجريح والمنكوب حيث الميزانية تجاوزت المئة والعشرين مليار دولار ولا تقارن بميزانية مصر بينما الفقر تجاوز الأربعين بالمئة من الشعب العراقي المحروم والمسحوق وتسرق المليارات حيث بات من كان بالأمس يعتمد على المساعدات الاجتماعية كفقير مسكين ليصبح من أصحاب الملايين والفلات والفنادق والتجارات في شتى أنحاء العالم من وعاظ الإسلام السياسي الشيعي ووعاظ السلاطين.
يتساءل البعض لماذا لا ينتفض الشعب العراقي بعد عشر سنوات من ذل وظلم وفساد الإسلام السياسي والأحزاب الدينية الفاسدة بينما ينتفض المصريون بعد سنة واحدة من حكم الإخوان وإسلامهم السياسي؟
هناك عدة عوامل ، منها أن الحاكمين في العراق من شيعة الإسلام السياسي، لأن سنّة العراق رغم ضعفهم في العملية السياسية فقد انتفضت محافظاتهم بجماهيرها لأشهر طويلة مستمرة ،ولكن الحكم في العراق بدرجته الكبرى بيد شيعة الإسلام السياسي المرتبط بإيران ممن يتم تخديرهم ، وهذه كلها لا توجد في مصر حيث وقف شيخ الأزهر مع الشعب وليس مع الإسلام السياسي .
إن التخدير والاستغفال والاستحمار بحجج واهية ، منها قولهم استعادة خلافة علي بن أبي طالب، جعل شيعة العراق فقراء مظلومين مقهورين منهوبين مستعبدين.
ولوضوح الصورة الأكبر لنرَ حكم ولاية الفقيه الإيرانية الدكتاتورية والاستعباد والظلم للشعوب الإيرانية لأكثر من 34 عاما في الفساد والظلم والجور وسلب أبسط حقوق الإنسان وكرامته باسم الإسلام السياسي الشيعي، وهو فرق جوهري بين السنة والشيعة في الإسلام السياسي .
لكن ذلك لن يدوم طويلا.
التعليقات