سلطان الحطاب

ما أطلقه المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد المسلماني في وصف السناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين والذي يقوم بمهمة وساطة في مصر بين النظام الجديد وبين جماعة مرسي والاخوان المسلمين استوقفني لجهة الصفات المستعملة..فقد استوقفتني اللفظة نفسها وكذلك المضمون والموقف..
جاء في قول مستشار الرئيس الاعلامي..إن تصريحات ماكين عما جرى في مصر يوم 30 يونيو و3 يوليو وعزل الرئيس مرسي هو انقلاب..انما هي تصريحات خرقاء مرفوضة جملة وتفصيلاً..
اذن ماكين عند المصريين وهو يتدخل في شؤونهم ويفتي ويحكم بما ليس له به علم..أخذ صفة الأخرق وقد جاء في المعاجم ومنها لسان العرب الذي عدت اليه أن الرجل الأخرق شخص اتسمت تصرفاته بفساد الرأي وقلة العقل وغياب الرشد، الأمر الذي يجعله عاجزاً عن تقدير نتائج فعله..فهل وقع ماكين في تصريحه في هذه الصفة ؟ وهل هذا الوصف الذي جاء لأن ماكين أغضب المصريين حين وجدوه يتدخل في شؤونهم ويعيد اعطاء الأمل والاسناد للرئيس المخلوع محمد مرسي من أجل كسب المزيد من الوقت وزيادة تشبث الاخوان المسلمين بالسلطة وبالتالي تأجيج الفتنة..هل هذا الموقف يخدم مصر؟ وهل يخدم الولايات المتحدة التي يتباين موقفها وينقسم ويعتريه الغموض بعد أن ثبت أن هناك تعاوناً بين الادارة الأميركية والاخوان أكثره غير مكشوف ومن تحت الطاولة وهم الذين مكـّنوا مرسي من السلطة حين توسطوا عشية الانقسام بعد اعلان النتائج إذ أقنعوا منافس مرسي بالمغادرة وفوّزوا مرسي باستمرار الضغوط وتخويف المصريين من أن عدم تفويز مرسي معناه حرب وحرائق وفتنة..


واعود إلى القاموس فأجد أيضاً أن الأخرق وهي الصفة التي أطلقت على تصريحات ماكين في وصف الثورة المصرية المتجددة في 30 /6 بأنها انقلاب، ان الأخرق غير الأحمق والخلاف بينهما في الدرجة وليس في النوع بمعنى ان الاثنين يشتركان في المواصفات ولكن الأخرق يمثل حالة قصوى في التعبير عنها..


ويبدو أن المصريين الذين احترموا الوساطات الأجنبية وخاصة الأوروبية التي قامت بها آشتون مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي وشخصيات أخرى كوزير الخارجية الألماني وأخرى عربية كوزير الخارجية الاماراتي وعشرات الاتصالات وكذلك الزيارة الملكية التي قام بها الملك عبدالله الثاني إلى القاهرة وحتى زيارة نائب وزير الخارجية الأميركية التي بالكاد انتهت وهي تتفهم ارادة الشعب المصري في اسقاط الاخوان المسلمين..
يبدو أن كل ذلك لم يلفت انتباه السيناتور ماكين الذي اخذ بقاعدة laquo;خالف تعرفraquo; فأطلق تصريحاته الاستفزازية والسؤال هل القيادة المصرية الجديدة التي تملك خارطة للطريق لاخراج مصر مما هي فيه منتبهة الى عملية شراء الوقت من جانب بعض الأطراف الأجنبية كما فعل السيناتور ماكين لصالح من يحتلون الميادين ويقطعون الشوارع ويعطلون الحياة الاقتصادية بضربهم للسياحة وتشجيعهم على العنف والخروج على القانون..
هناك محاولات لجعل حركة الثورة أسيرة ومحاصرتها لتبقى في نفس المربع تنتظر متى يفض الاخوان المسلمون اعتصامهم ويعودون إلى بيوتهم وهو الأمر غير المأمول فالاخوان طلاب سلطة ولن يعودوا وهم يطوعون الدين كغطاء لخدمة أهدافهم التي أصبحت الآن مكشوفة من جانب الشارع المصري وحتى العربي وبدأت تداعيات مواقفهم تتوالى في تونس والمغرب وأماكن أخرى ولعل تصريحاتهم وعلى لسان العديد منهم تثبت أن السياسة هي أهم لديهم من الدين وان الدين عندهم ابنٌ رضيع للسياسة كما يقول الفيلسوف ابن رشد وأنهم يستعملونه اداة لتعزيز نفوذهم في الشارع وإلا كيف تفهم تصريحات المرشد الفار من العدالة في مصر في قوله إن خلع مرسي أشد من هدم الكعبة وقول احدى عضوات مجلس الشورى عندهم إن الوقوف في ميدان رابعة العدوية أقدس وأهم من الوقوف على عرفة..
الاخوان لن يتراجعوا الا بالقوة وماكين يحاول أن يشتري الوقت لصالح تحالفه معهم..