خلدون السعيدان

يبدو أن الرئيس التركي آردوغان لم يكن صادقاً في تبرير هجومه على المسلسل التركي quot;حريم السلطانquot; والذي قال عنه إنه لا يمثل حقيقة السلطان سليمان وإن قصة عشقه للنساء مختلقة!. ويظهر أنه يريد بانتقاداته تلك تنقية صورة quot;الزعيم التركيquot; لدى المشاهد العربي ليبدو بصورة البطل quot;النموذجquot; الذي يستحق الاقتداء, وهذا ما لم يظهره المسلسل الرومانسي الشهير الذي قدم حقيقة تاريخية تنسف كل ما يحلم به quot;إخوانquot; تركيا!. ولذلك لم يجد أردوغان بداً من التهديد بالقضاء لإيقاف عرض المسلسل.

الأعمال التركية التي غزت القنوات الفضائية ودخلت البيوت العربية هي في غالبيتها لا تمثل النموذج الذي يبحث عنه آردوغان ويسعى من خلاله إلى إعادة بعث الصورة الموهومة عن قيادة تركيا للعالم الإسلامي, فهذه المسلسلات مليئة بالقضايا الأخلاقية المتجاوزة التي لا يقبلها مسلم سوي من زنا المحارم إلى حمل السفاح, وحياة السهر والصخب, والملابس الجريئة, والتي تقف حجر عثرة أمام الصورة quot;النقيةquot; التي يحاول الرئيس التركي الظهور بها أمام الجماهير العربية.. فكيف يمكن الجمع بين هذه التجاوزات الدرامية الأخلاقية الفادحة وبين أدائه لدور الزعيم الصالح؟. إن العرب لن يقبلوا بهذا التناقض مثلما لن يقبلوا أي تدخل في سياسات البلاد العربية من رئيس تنتج بلاده مثل هذا النوع من المسلسلات؟.

الغريب أن حزباً عربياً مؤيداً لأردوغان ولتدخلاته في مصر يتجاوز عن هذه التجاوزات الفنية quot;التركيةquot; الخطيرة ويشن هجوماً كاسحاً ضد البلاد العربية إذا ما ارتكب فنان عربي 1% مما تقدمه الدراما التركية!. لكن العزاء أن هذا الحزب قليل العدد وغير مؤثر ولا يستحق التوقف عنده.

هناك صورة إعلامية أخرى هدمت صورة الزعيم الصالح, وهي ما نقلته وكالات الأنباء والقنوات عما جرى في ميدان تقسيم, حيث كانت الصورة قاتمة وسوداء, استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع لتفرقة المتظاهرين الذين اتهمهم آردوغان بأنهم مجرد رعاع ومرتزقة, وهذه صورة تؤكد أن التنظير غير الحقيقة!.

لم يعد لأحد القدرة على قلب المفاهيم كما يحلو له, وأن يخدع الشعوب ويمثل عليها, فالواقع خير شاهد على الأفعال. وما يتم ترويجه للشعوب العربية من quot;نقاءquot; وquot;طهرquot; وquot;بهاءquot; الزعيم الصالح لم يعد مجدياً في ظل الصور الأخلاقية quot;المقرفةquot; التي تحتويها المسلسلات التركية والتي ستجبر المشاهد العربي البسيط على أن يسأل: أليس الأولى أن يتدخل الرئيس التركي في بلاده وأن يصحح أوضاعها بدلاً من التدخل في البلاد العربية والإسلامية؟.