أحمد علي

أكد رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي ان أميركا أسقطت الدولة العراقية ولم تسقط نظام صدام حسين، وان المحاصصة الطائفية سبب غياب الدولة العراقية.
وتحدث في حوار أجراه معه المدير العام لصحيفة laquo;الوطنraquo; القطرية الزميل أحمد علي في عمان وتنشره laquo;الرايraquo; بالتزامن معها عن اختفاء الرئيس العراقي جلال طالباني، وقال: laquo;لا أحد في العراق يعرف أين مكانه والسياسيون وغيرهم لا يعلمون مصيره laquo;وطالب حكومة المالكي بالكشف عن مصير طالباني.
وقال علاوي ان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي هي المسؤولة عن تدهور الأوضاع في الانبار، مشددا على انه لا توجد في الأنبار جيوب إرهابية وlaquo;القاعدةraquo; تملأ العراق. واكد ان laquo;حكم العراق لا يجب أن يكون باسم الشيعةraquo; معتبرا ان إيران صاحبة القرار الاستراتيجي في العراق بعد سقوط صدام حسين.
واعتبر ان كلام المالكي عن معركة بين أنصار الحسين ويزيد خطير ويمزق العراق وان حديث رئيس الوزراء عن معركة laquo;مقدسةraquo; تصعيد طائفي، مؤكدا laquo;اننا لن نسمح بأي شكل من الأشكال بترشيح المالكي لفترة ثالثة في رئاسة الوزراءraquo;.
وفي الاتي نص الحوار:

bull; إيران صاحبة القرار الاستراتيجيفي العراق بعد سقوط صدام حسين
bull; لا توجد في الأنبار جيوب إرهابية ... وlaquo;القاعدةraquo; يملأ العراق
bull; كلام المالكي عن معركة بين أنصار الحسين ويزيد خطير ويمزّق العراق
bull; الأميركيون والإيرانيون ضغطوا على طالباني لمنع تكليفي برئاسة الوزراء
bull; اقتحمت الفلوجة بحثاً عن الزرقاوي وليس لفض اعتصام سلمي كما فعل المالكي
bull; أتمنى أن يدخل العراق منظومة دول الخليج مستقبلاً
bull; رفيق الحريري أخبرني أكثر من مرة أنه مُهدّد بالقتل ... لكني لا أعرف من الذي اغتاله
bull; المعارضة السورية سبب بقاء نظام الأسد

اسمح لنا أن نبدأ بالحدث البارز وهو أزمة الرمادي.. كيف تنظرون إلى هذه الأزمة المتدحرجة، خصوصا بعد تراجع المالكي عن قراره بسحب قوات الجيش وقيامه بإرسال تعزيزات عسكرية إلى الأنبار؟ وما انعكاسات تلك الازمة على المشهد العراقي؟
- ما حدث في محافظة الأنبار أمر مؤسف، وهذا الامر كان متوقعا، لأنه امتداد لانتفاضة الجماهير العراقية في أغسطس 2011، عندما انطلقت التظاهرات في محافظات كثيرة في العراق منها البصرة والناصرية والأنبار وصلاح الدين، وكانت أضخم التظاهرات في بغداد. وجوبهت هذه التظاهرات بالقمع والترويع والاعتقالات، حيث استشهد في وقتها 7 في بغداد. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن بقيت التظاهرات والاعتصامات مستمرة في عموم المدن العراقية ومنها اعتصام الأنبار، وما أضاف على اعتصام عشائر الأنبار الكرام بعدا جديدا هو تأجيج البعد الطائفي السياسي، والمسؤول عن ذلك الحكومة العراقية سواء بالخطابات والايحاءات أو بالممارسات التي استمرت بمعاقبة عرب الأنبار، وغير الموالين للحكومة، والحقيقة أن الاعتصام كان سلميا ولم تصدر منه أي أنشطة ضد الحكومة الحالية. هذا من جانب. ومن جانب آخر تطل تداعيات الاحداث في سورية على المشهد، حيث انعكست هذه التداعيات على العراق بشكل كبير، وهو ما جعل التظاهرات الحدودية مع سورية أكثر اشكالا من غيرها. وللأسف الحكومة تركت المعتصمين لأكثر من عام من دون أن تفتح معهم أي نوع من الحوار أو مناقشة مطالبهم السلمية، او على الأقل تطمينهم بأنه لا توجد نوايا عدائية ضدهم من قبل السلطة الحاكمة. أضف إلى ذلك تصاعد نشاط القوى المتطرفة في العراق. وتجاهلت الحكومة كل هذه الاعتبارات وأصبح هدفها فقط معتصمي الأنبار الذين فاق عددهم 300 ألف معتصم، وأدى ذلك إلى سوء معاملة الحكومة لعشائر الانبار. وأقول لك إن هذه العشائر قد اصطفت معي منذ أن توليت المسؤولية كرئيس للوزراء في محاربة التنظيمات المتطرفة والارهابية. وحقيقة أستغرب ممن يقول بأن هذه العشائر إرهابية. ومن الطبيعي أن توجد جيوب ارهابية في العراق نتيجة تصرفات الحكومة من جانب، وما حدث لمؤسسات الدولة العراقية من انهيار في جانب آخر. ولكن هذه الجيوب ليست موجودة في الانبار فقط، وإنما في كل مكان من العراق، وخصوصا تنظيم القاعدة. ولكن المناطق الحدودية لسورية أصابها السوء أكثر من غيرها باعتبار تدفق القوى المتطرفة من الداخل السوري إلى هذه المناطق، وبدأت تتكون تنظيمات جديدة ومنها تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة.
هل يمكن اختصار أزمة الأنبار بأنها انعكاس للاحتقان الطائفي بين السنة والشيعة في العراق بسبب تهميش حكومة المالكي للطائفة السنية التي كانت في يوم من الأيام تحكم البلاد؟
- حقيقة الامر أن تلك الطائفة ما كانت تحكم البلاد، حيث ان القوى القومية، وأيضا القوى الديكتاتورية هي التي كانت تحكم العراق. والعراق لم يحكم يوما باسم الطائفة السنية، وإنما الديكتاتورية. ويفترض الآن ألا يكون الحكم باسم الشيعة لأننا كلنا عراقيين سواء السني أو الشيعي أو التركماني او الكردي. وهذا الموضوع جاء بقوة من خلال طريقين الأول منه هو الاحتلال وما جرى في العراق، وهذه النقطة كانت من نقاط التوتر بيني وبين الولايات المتحدة، حيث تنني انتقدت تفكيك الدولة العراقية، وقلت للأميركيين laquo;انتم لم تسقطوا نظام وإنما دولة كاملةraquo;. والامر الثاني ما حدث من اجتثاث لحزب البعث العراقي، وهذا حرم العراق من كوادر عديدة في مؤسسات الدولة. وفي ما يخص الطائفية السياسية كتبت مقالات في الصحف الأميركية مفادها أن لكل إنسان هويته ومعتقده الديني، ولكن هذه الهوية لا يجب أن تكون مدعاة للتمييز بين المواطنين. والواقع يقول بأنه لا توجد مشكلة بين السنة والشيعة، وإنما هناك مشكلات افتعلت وهي مشكلات سياسية، وذلك لتهميش جزء من المجتمع والابقاء على جزء آخر، فالقبيلة الواحدة في العراق نصفها سني ونصفها الآخر شيعي. وللأسف اعتمدت الطائفية السياسية كسياسة ونهج، وأنا قد حذرت منها مرارا، ورفضت تقسيم العراق على أساس سني وشيعي. وكان هدفي الأوحد البحث عن تكوين دولة المواطنة التي تساوي بين الجميع. والبعد السياسي للطائفية هدفه ضرب قوى وشرائح اجتماعية وعزلها عن العملية السياسية. وهذه الاخيرة مشكلة كبيرة في العراق، حيث ان العملية السياسية الآن تقوم على الاقصاء والتهميش. وأظن أن الامور لن تستقر طالما بقيت العملية بهذا الشكل.

المالكي يصعد الطائفية
وصف المالكي حملته العسكرية في الأنبار بأنها مقدسة. فما موقفكم من أولئك الذين يعتبرونها معركة فاصلة بين أنصار الحسين وأنصار يزيد؟
- كما قلت هناك تصعيد طائفي بالكلام والتصرفات، وما ذكرته فعلا أحد الشواهد على هذا التصعيد الطائفي. والمالكي لم يكن في حاجة إلى قول هذا الكلام، لأنه يؤدي الى تمزيق اللحمة العراقية.
أين القدسية في الموضوع؟
- لا يوجد قدسية. وهذا الكلام يقع ضمن التصعيد الطائفي السياسي.
هل تتفقون مع كلام المالكي بأن ساحة الاعتصام السني تؤوي عناصر لتنظيم القاعدة؟
- لو افترضنا أنه حديث صحيح، فإن هناك أمرين، الأول هو اللجوء لتفتيش أماكن ومواقع المعتصمين في الأنبار، وإذا ما وجدت أسلحة يمكن التعامل مع المعتصمين بالقوانين. والامر الثاني عندما اقتحمت القوات الحكومية أماكن الاعتصام، أين تلك الأسلحة التي يتحدث عنها المالكي. والحقيقة أنهم لم يجدوا شيئا من تلك الاسلحة المزعومة. وما جرى يدحض ما يقوله المالكي. والذين كانوا في الاعتصام نعرفهم جميعا، هم أجاويد وعشائر وضباط سابقون، وكلهم مسالمون، ورفعوا مطالبهم بطريقة سلمية، وهذه المطالب ليس بها أمر تعجيزي للحكومة.
يرى كثيرون بأن صفات تجمعك بنوري المالكي الذي تنتقده، وخصوصا في ما يتعلق باللجوء إلى الخيار العسكري في اقتحام الفلوجة في نوفمبر العام 2004 بنحو 20 ألف جندي دفع ثمنها ضحايا أبرياء تحت ذريعة مكافحة الارهاب. كيف ترد؟
- هذا laquo;خوشraquo; سؤال.. أنا لم اقتحم الفلوجة، وإنما ذهبت للبحث عن أبي مصعب الزرقاوي الذي فتك بأهل الفلوجة. وذهبت القوات هناك بعد أن اجتمعت بالمقاومة العراقية الوطنية وليست الارهابية، وأيضا بالعشائر، وأخبرتهم ان هذا الزرقاوي لا يصح أن يوجد بين أهل الفلوجة، وخيرتهم بين تسليم الزرقاوي أو تدخل قوات الامن للتعامل مع الارهابيين بقيادة الزرقاوي، وأخبرتهم أيضا أن هناك قوى دولية متربصة بالفلوجة، وقد تؤذيكم، وأنا لن أسمح بهذا الأمر أن يحدث. وهذا الكلام يعرفه الجميع في الفلوجة، ولهذا حصلت على أعلى الأصوات هناك في الانتخابات. وبعد دخول الفلوجة قمت بتعمير كل طابق أو بناية تهدمت. وهذا فرق كبير بيني وبين المالكي الذي اقتحم ساحة اعتصام سلمية.
هل ذهبت بعناصر عراقية أم أميركية كما يشاع؟
- أبدا. لم أستعن بجندي أميركي واحد. العملية كانت عراقية تماما بجهود قوات الأمن العراقي. وكذلك لم أستعن باي دعم لوجستي من قبل القوات الأميركية. وفي تلك الفترة ذهبت إلى هناك، ووجدت أن الجنود العراقيين ليس لديهم أسلحة ولا ملابس عسكرية، ووضعهم المعنوي كذلك سيىء، فقمت بالاتصال بالرئيس الأميركي آنذاك بوش الابن، وأيضا رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير حتى يعطونا أسلحة، ولكنهم لم يفعلوا، فاتجهت إلى ملك الاردن عبدالله الثاني، وحسني مبارك، ومحمد بن زايد في الامارات، فأعطانا مبارك 50 مدرعة، والملك عبدالله الثاني مدرعة، وقام الشيخ محمد بن زايد بفتح مخازن السلاح لنا، وقال خذوا ما تحتاجونه. وهذا الموقف في منتهى الشهامة.

تفكيك الجيش العراقي
إذا بماذا تفسر تحفظ الولايات المتحدة على تقديم السلاح لك في حين انها تغدق على المالكي بجميع أنواع الأسلحة الآن؟
- في الواقع. انا تسلمت الحكم، بعد انهيار نظام صدام حسين، ووقتها كنت أتمتع بالسلطة التشريعية والتنفيذية معا حسب قانون إدارة الدولة. ومنذ ذلك الوقت انتقدت الولايات المتحدة الأميركية في مقال في laquo;نيويورك تايمزraquo; بسبب تفكيك الجيش العراقي، وبعد ذلك قال لي الأميركيون إنني كنت على صواب في هذا الانتقاد، ووافقوا على إعادة بناء الجيش العراقي مجددا. وقمت فعلا باستكمال بناء الجيش، وكان بإمكانات مالية ضعيفة. وقمنا بعمل ما يسمى laquo;مغاوير الداخليةraquo; وهي قوات عسكرية مسلحة، لأنني مقتنع بأن جيش العراق العظيم ليس جيش صدام أو المالكي وإنما جيش العراقيين، فمن غير المعقول أن نحمله أخطاء الساسة.
كيف تعلق على اقحام الجيش في خصم عملية الاقصاء السياسية؟
- كما قلت لك. انا من أرجعت الجيش العراقي، وبعض الجهات داخل أميركا امتعضت من ذلك، وقالوا انني سوف أبني جيشا عربيا قويا في العراق من جديد. وعندما وضعنا الدستور صممنا على أن يكون هناك جيش وطني محترف بعيدا عن السياسة الداخلية للعراق. وبالتالي ما فعله المالكي في الانبار هو اقحام الجيش في مواجهة مع الشعب العراقي. وأنا لا أحمل الجيش المسؤولية، وهذا التصرف الذي قام به المالكي غير دستوري، وهذا ما ترتب عليه تذمر الكثيرين من الضباط داخل الجيش، لأن ذلك يعد تدخلا في الشأن السياسي الداخلي مثلما كان يحدث أيام صدام.
وجهت دعوة الأسبوع الماضي للوزراء من laquo;القائمة العراقيةraquo; للاستقالة من الحكومة الحالية. ما صدى هذه الدعوة؟ ومن ترجمها من الوزراء إلى واقع؟
- انا وجهت هذه الدعوة للوزراء كافة سواء من القائمة العراقية أو غيرها باستثناء وزراء دولة القانون، وطلبت منهم أن يفكروا في الاستقالة، ولكن على ما يبدو بأن تلك الدعوة يتيمة ولم تتحقق لأن الوزراء في العراق أصبحوا 3 انواع، الأول وزير صاحب قرار، والثاني يبدي رأيه في القرار، والثالث لا يعرف شيئا عن القرار.
ألم يلتقط أحد من الوزراء الدعوة؟
- أبدا. ولا وزير واحد ترجم هذه الدعوة إلى واقع. وهذا أمر مذهل. وكما قلت لهم سابقا بأنهم يمثلون أنفسهم وليس الشعب العراقي. وأبلغتهم أن القائمة العراقية في حل منهم.
كيف تردون الرئيس على من يرى بأن سياسة المقاطعة وتعليق العضوية سواء في الحكومة أو البرلمان تعكس عدم النضج السياسي في إدارة الأزمة والتعامل معها بواقعية؟
- استقالة الوزراء شيء، والنواب شيء آخر. النائب ليس له في الاستقالة، ويمكنه أن يقاطع الجلسات لأنه ممثل الشعب. وأدعو النواب دائما أن يقفوا مع الجماهير وليس الابتعاد والاستقالة والاستسلام. ولكن الوزير يمكنه أن يستقيل باعتباره الجهة التنفيذية.
أعلنتم عن إرسال وفد للتفاوض مع الحكومة حول أزمة الأنبار وأن هذا الوفد يحمل عدد من المطالب للمالكي من بينها إطلاق سراح النائب الداعم للاعتصمات أحمد العلواني. هل يمكن القول بأن الوفد قد فشل؟
- لا لم يفشل لأن الوفد لم يحصل على موعد حتى الآن. ومهمة الوفد كانت حول سحب القوات العسكرية من قصبات المدن، وأيضا الدخول في تفاوض مباشر مع المعتصمين في الأنبار، وحلحلة الامور في ما يتعلق بمطالبهم، وإطلاق سراح المعتقلين ووقف عمليات الاعتقال والتعذيب. وأيضا إطلاق سراح العلواني، وإحالة قضيته إلى مجلس النواب حتى يفصل في أمره. ولكن الوفد المكون من عبدالكريم السامرائي، والشيخ حسن شويرد، وعبدالله العجيلي، لم يحصل على أي رد من المالكي.
مرت قبل أيام ذكرى إعدام صدام حسين. ألا ترون أن غيابه عن المشهد العراقي أحدث فراغا لم يستطع أحد منكم أن يملأه؟
- يوجد مثل في العراق يقول laquo;ذاك الغيم أحدث هذا المطرraquo;. وأقول لك أنني كنت عضوا في حزب البعث، وقد واجهت مشاكل عديدة مع صدام، وتعرضت لمحاولة اغتيال وظللت في المستشفى لأكثر من عام. وما حدث في العراق احتلال عسكري، ونحن كنا مع تغيير النظام ولكن من الداخل، وليس عبر التدخل العسكري بهذه الصورة. وقد حذرت من الحرب ومن الفراغ الذي سيحدث جراء ذلك. وللأسف لم تكن هناك رؤية أميركية لمرحلة ما بعد صدام.
لو لم يسقط النظام بهذه الطريقة لما وصلت لرئاسة الحكومة؟
- كما قلت لك للتو بأنني كنت بعثيا. وكان تفكيري الأساسي هو كيفية خدمة الشعب العراقي، وليس الطمع في السلطة. وكان بإمكاني أن أصبح وزيرا أو مسؤولا أيام صدام، ولكني رفضت ذلك. وبعد سقوط النظام لم أطرح نفسي رئيسا للوزراء على الإطلاق. وكان في مخيلة الأميركيين أن أصبح وزيرا للدفاع، ولكني قلت لجورج تينيت، وكوندوليزا رايس أتركوا الأمر للعراقيين أن يحددوا مصيرهم، ثم تركتهم وأنا غاضب ولم أسلم عليهم في نهاية المقابلة، وظل جورج تينيت يجري خلفي على السلالم. وبعد ذلك اختارني مجلس الحكم بالاجماع لرئاسة الوزراء. باختصار لم تعني أميركا.
لكن كثيرا من العراقيين ما زالوا يعتقدون أن العراق بعد صدام أصبح دولة تابعة لإيران. هل تتفق معهم في ذلك؟
- المستفيد الاكبر من سقوط نظام صدام هو إيران. وأصبحت لإيران اليد الطولى في العراق. والولايات المتحدة رفضت الاستماع إلى العراقيين، وانتهى الأمر بالاحتلال، وأصبحت طهران صاحبة القرار السياسي في العراق، ثم في لبنان، ثم في سورية.
إلى أي مدى ترون بأن حكومة المالكي ليست حرة في اتخاذ قرارها وأنها تتلقى الأوامر من طهران؟
- لا أدري إن كان المالكي يتلقى الأوامر من طهران أم لا، فهذا الموضوع لا يهمني. ولكن المالكي جاء بدعم إيراني وأميركي. وفي 2010 نحن من فزنا بالانتخابات، ومع ذلك وقفت إيران ضدي، وتجاوبت معهم الولايات المتحدة.
ألا تعتقد أن صيغة المحاصصة الطائفية بالنسبة للحكم في العراق منحت الاكراد نظاما فيدراليا تحول بالتدريج إلى دولة داخل الدولة العراقية وكأنها نواة لتقسيم العراق؟
- المحاصصة الطائفية ليست المسؤولة عن الوضع الكردي الآن في العراق. والذي أحدث المحاصصة الطائفية هو انعدام الدولة بعد الاحتلال العام 2003. واستمر سقوط الدولة، وهو ما ترتب عليه ظهور هذه الاتجاهات الناتجة عن ضعف العلاقة بين المركز والأطراف. وأدت المحاصصة الطائفية إلى استمرار غياب الدولة العراقية. والحكومة الحالية تمارس الطائفية السياسية.
أين طالباني؟
قبل 10 أو 15 سنة لا أحد يمكن أن يصدق أن رئيس العراق كردي. وعلى ذكر ذلك.. كيف تنظرون إلى وضع الرئيس جلال طالباني الغائب عن المشهد بسبب ظروفه الصحية؟ وهل ترون أنه حان الوقت لاختيار رئيس بديل؟
- والله ما يجرى مع قصة جلال طالباني لم تحدث في التاريخ الانساني منذ أن تأسست الحكومات. فلأول مرة في تاريخ الدول المستقرة وغير المستقرة لا يوجد رئيس للجمهورية لمدة سنة. ولا أحد في العراق يعرف أين الرئيس جلال طالباني. لا أحد يعرف إن كان مريضا ام متعافيا. ومن غير المعقول أن يفقد العراق رئيسه ولا احد من العراقيين سياسيا كان أو غير سياسي يعرف ما هي قصة طالباني. ويوجد تعتيم كامل على هذا الموضوع.
يعني انك تطالب بالشفافية الكاملة في ملف رئيس الجمهورية الصحي؟
- طبعا.. بكل تأكيد. فهذا الامر لا يجوز أن رئيسا للدولة مجهول مكان وجوده أو مصيره. ويجب ان نعرف حقيقة هذا الموضوع.
من الناحية الدستورية.. ما هو الإجراء لهذا الوضع؟
- الدستور يقول إنه بعد الإعلان عن موت الرئيس أو غيابه أو عجزه عن اداء وظيفته بثلاثين يوما، يقوم المجلس النيابي بانتخاب رئيس جديد. ولكن هذا غير موجود حتى الآن. واتصور أن هذا الملف مغطى عليه لحين الانتخابات، وهذا تحليلي الخاص. وسبب ذلك بألا تحدث توترات في اختيار رئيس الجمهورية الجديد.
من هي الجهة التي تعتم على ملف طالباني؟
- هذه القضية أكبر من قدرة السياسيين العراقيين. والحقيقة أن الحكومة هي المطالبة بفتح هذا الملف والكشف عن تفاصيله. والحكومة مسؤولة عن حماية الدستور وعن تنفيذه، ومسؤولة عن إيجاد الحلول القانونية لمثل تلك المآزق.
يعني هذا أنك تطالب حكومة المالكي بالكشف عن مصير طالباني؟
- نعم، بكل تأكيد. فنحن وصلنا الآن إلى مرحلة انتخابات ولابد من وجود رئيس للجمهورية حتى تتم الانتخابات بشكل قانوني ودستوري. فالرئيس هو الذي يدعو مجلس النواب وينظم كافة أشكال العملية الانتخابية.
الدعوة للانتخابات ربما سوف تأتي من طهران!
- (ضاحكا)... ربما!!
الأزمة السورية
كما ترى كتائب laquo;ابي الفضل العباسraquo; العراقية تقاتل إلى جانب النظام السوري. من يقف وراء هذه القوات؟ ومن يؤمن لها التنقل ويدفع بمقاتليها إلى الساحة السورية؟
- صراحة ليس لدي علم بهذا الموضوع. وكل ما أعرفه أن مليشيات عراقية دخلت الاراضي السورية وتقاتل إلى جانب النظام السوري. وهناك أيضا جماعات متطرفة من العراق تقاتل في الداخل السوري ضد النظام. وهذا الوضع تتحمل مسؤوليته الدول العربية ودول العالم أجمع لأنها تركت الموضوع السوري معلقا حتى الآن من دون حل. وتنتقل المشكلة من سورية إلى لبنان والأردن والعراق ودول اخرى عديدة بما فيها الدول الاوروبية. ورغم ذلك فالوضع لا يزال معلقا بشكله الحالي. وهذا دليل جديد على مدى نفوذ إيران في الملفات العربية.
كيف تنظر إلى مشاركة نساء عراقيات ضمن لواء laquo;أبي الفضل العباسraquo;؟
- ليس كل الأخبار دقيقة. ولكن الاكيد ان هناك عناصر عراقية تقاتل داخل الأراضي السورية سواء مع النظام أو ضده. ولكن ليس لدي معلومات عن عددهم او طبيعة نشاطهم.
كيف تنظرون إلى اداء الائتلاف الوطني السوري؟ وما الأسباب التي أدت إلى تراجع قضية سقوط نظام الاسد؟ وهل هذا بسبب قوة الدول الداعمة للنظام أم ضعف المعارضة؟
- أستطيع القول بأن السببين موجودان معا. الدول الداعمة لبشار واضحة في موقفها ولم يتغير وهي إيران وروسيا. وأنا تحدثت مع الروس في هذا الامر، وتحدثت كذلك مع دول عربية واوروبية عديدة بأن تكون روسيا جزءا من الحل، وهذا على خلاف إيران التي تريد المنطقة في بحر من المشاكل. وإجمالا قصة سورية معقدة وتدخلت فيها أطراف دولية عديدة. ولكن الذي هو جلي لنا هو أنا التحالف المؤيد لبشار الأسد أقوى من المعارض له.
لكن المالكي أصبح عنصرا داعما للأسد، ويدفع من أموال العراقيين من أجل بقاء هذا النظام. ما هو تعليقك؟
- انا لا أعلم مدى ما يدفعه من أموالنا إلى نظام الأسد. ولكن هناك أسلحة إيرانية تصل للأسد عبر الاراضي والأجواء العراقية. وهذا وضع ليس خافيا على أحد، وأكده وزير خارجية العراق الحالي. وكان من المفترض أن يقوم العراق بلعب الدور الأكبر في انهاء الازمة السورية، لأن نظام المالكي يتمتع بعلاقات أكثر من جيدة مع الأسد، ومعظم المسؤولين العراقيين الآن كانوا يعيشون في سورية.
الانتخابات
بماذا تفسرون تخلي حلفائكم السنة في تلك الانتخابات وانشقاق القائمة العراقية إلى تحالفين سنيين بعيدا عنكم احدهما برئاسة النجيفي والاخرى برئاسة المطلق؟
- أولا انا شخصيا أقف مع العراقيين أكثر من أي سني وأكثر من أي شيعي. ثانيا انا لا أبحث عن مصالح أو مكاسب. وللأسف جزء من الاخوان في القائمة العراقية وقعوا في أسر المالكي. والجزء الآخر انكفأ طائفيا وأصبح يمثل الطيف السني فقط. والجزء الثالث تلوث بسرقة المال. وهؤلاء الناس رفضناهم تماما، ولن نتعاون معهم ابدا. وحتى اغسل نفسي والشرفاء معي قمنا بعمل جبهة جديدة أسميناها laquo;الوطنيةraquo; وهي مفتوحة لكل من حافظ على العنصر الوطني للعراق. علاوة على رموز المقاومة في الموصل والأنبار وكافة العناصر الوطنية الشريفة. ولدينا مرشحون في كل المحافظات.
ألمس من هذا الجواب غمزاً ولمزاً تجاه النجيفي
- أبدا.. النجيفي صديقي. ولكن مشكلة قائمة laquo;المتحدونraquo; انها صارت في المحافظات السنية فقط. وما أعتقد أن علاج الطائفية في العراق هو مقابلتها بتصرفات طائفية. والطائفية السياسية يجب أن تقابل بموقف وطني مجرد. وكثير من قائمة المتحدون جاءت إلينا، ولكننا رفضناهم.
سبب اصراركم على رئاسة القائمة هو سبب انشطارها إلى شظايا؟
- لا. ليس صحيحا. وسأكون صريحا معك. انا مهدد بالقتل في أي وقت. وجهاز أمني حكومي من العراق أخبر مكتبي بهذه التهديدات. وهناك مراقبة من بعض الكيانات المسلحة على بيتي ومكتبي. وبالتالي فمن الممكن أن يتم اغتيالي في أي لحظة. وهذا كله من أجل الشعب العراقي، وليس بحثا عن مناصب. وأتمنى أن يعفوني من ترشيح نفسي للانتخابات.
ذكرت أنك معرض للاغتيال - الله يحميك ويحفظك - هل يمكن أن تكشف لنا عن التفاصيل؟ من الذي أبلغك؟
- جهة أمنية مهمة من العراق. كما أبلغتني أطراف غربية بنفس التفاصيل. ولكن الاحتمال مرجح أكثر لاغتيالي بسبب قرب الوقت من الانتخابات.
ننتقل الى انتخابات 2014.. أنتم قد حققت نجاحا ملحوظا من خلال القائمة العراقية. فمن الذي منعك من الوصول الى رئاسة الوزراء؟
- اتفق الأميركيون والإيرانيون على هذه النقطة بضرورة ابعادي عن رئاسة الوزراء. وضغطوا على طالباني حتى لا يوقع خطاب التكليف. وقالوا ان الجهة الفائزة هي الأغلبية الشيعية، فقلت لهم وأنا شيعي. وهذا الكلام أبلغني به الأميركيون أنفسهم، وقالوا لي ان إيران سوف تخلق مشاكل لو جئت رئيسا للوزراء. وفي المقابل حاولت أطراف أخرى عربية ودولية أن تضغط في اتجاه تكليفي برئاسة الوزراء ومنها قطر وتركيا، وسورية، والكويت، وروسيا. وقامت كل من قطر وسورية وتركيا بعمل قمة ثلاثية في أنقرة هدفها افهام ايران بأن اياد علاوي ليس لديه مشكلة معكم.
ما دام هذا السيناريو قد حدث في انتخابات 2010، ألا تخشون من تكراره مرة أخرى؟
- هذه المرة تختلف عن المرة السابقة، لأنه اذا تكرر الموضوع، فلا مناص إلا الخروج من العملية السياسية، لأنه بهذه الصورة سيكون أي استحقاق على هوى إيران وهذا لن نسمح به على الإطلاق.
إلى أين وصل مشروع قانون القائمة العراقية الخاص بتحديد حكم رئيس الوزراء بفترين فقط؟ وما هو موقفكم في حال ترشيح المالكي لفترة ثالثة؟
- اذا تم هذا سوف ننسحب من العملية السياسية بالكامل. لأن هذا القرار تم اتخاذه في البرلمان، وبما أن السلطة التنفيذية تمتلك السلطة القضائية، خرج قانون يقول بأنه من حق رئيس الوزراء أن يرشح نفسه لفترة ثالثة، وضربوا بعرض الحائط قرار البرلمان.
يعني هذا أنكم تضعون فيتو على ترشح المالكي لفترة ثالثة؟
- لن نسمح بأي شكل من الأشكال، باستثناء السلاح والعنف، أن يترشح نوري المالكي لفترة ثالثة. ولن نكون متفرجين أو أن نصير جزءاً من هذه المسرحية الهزلية اذا ما تمت.
من وحي صورتك التي أمامي مع رفيق الحريري. هل تعتقد أن سورية أو laquo;حزب اللهraquo; متورطان في اغتياله؟
- سأحكي لك بصراحة. كنت عنده، وقام إلى أحد الأجهزة وشغلها، فقلت له ما هذا؟ فقال هذا جهاز يؤثر على عملية التصنت، فقلت له إذا نخرج إلى الحديقة. وأطلعني ان هناك تجسسا عليه من قبل إسرائيل وسورية وغيرها. ولكني غير متأكد ممن قام باغتيال الحريري، وللأسف المحكمة الدولية قد تأخرت كثيرا في اعلان الحقيقة. وكان يقول لي دوما انه مهدد بالقتل.
أعلنت أخيرا عن تأييدك لقيام اتحاد خليجي. هل تطمع أن يكون للعراق مكان في هذا الاتحاد إذا ما تم؟
- جدا. وانا تحدثت مع المسؤوليين الخليجيين في هذا الأمر وقت كنت رئيسا للوزراء. وكان الكل متحمسا لهذا الموضوع. والحقيقة أن منظومة مجلس التعاون الخليجي منظومة ناجحة، وتمثل الاعتدال السياسي العربي، والأردن كذلك. وهذا الاعتدال كلما كان قوياً في المنطقة فإنه يخدم كافة البلدان العربية.
لكن دول الخليج مستقرة... والعراق مضطرب، فهل تعتقد أن ذلك الوضع سيكون مقبولا؟
- لا أقصد الآن، وإنما في المستقبل، حين يستقر العراق وينهض من جديد، خصوصا وأن العراق بلد غني ويمكن أن يكون فاعلا في منظومة العمل الخليجي اذا ما انضم إليه.