لندن - إبراهيم حميدي

دخلت laquo;جبهة النصرةraquo; على خط الانتفاضة العسكرية والمدنية ضد تنظيم laquo;الدولة الإسلامية في العراق والشامraquo; (داعش) بمحاصرة مقاتليها مقر التنظيم الرئيسي في الرقة شمال شرقي البلاد، وسط وجود توقعات أن تكون laquo;النصرةraquo; المستفيد الأكبر من المواجهة القائمة بين laquo;داعشraquo; من جهة وتكتلات قديمة مثل laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; أو حديثة التشكيل مثل laquo;جيش المجاهدينraquo; و laquo;جبهة ثوار سوريةraquo; من جهة أخرى.

وبدأت تتكشف انتهاكات laquo;داعشraquo; مع سيطرة مقاتلي المعارضة على كل موقع من مواقع التنظيم. وفيما جرى إطلاق 50 سجيناً معظمهم من عناصر كتائب محسوبة على laquo;الجيش الحرraquo; في الرقة، عُثر على جثث مشوهة بينها واحدة لطفل مقطوع الرأس في ريف إدلب بعد انهيار مقاتلي laquo;داعشraquo; الذي فجر مقاتلوه سيارتين مفخختين لوقف التقهقر.

وقال نشطاء لـ laquo;الحياةraquo; إن مقاتلي laquo;النصرةraquo; و laquo;أحرار الشامraquo;، أحد الأطراف الرئيسية في laquo;الجبهة الإسلاميةraquo;، حاصروا مقر laquo;داعشraquo; في قصر المحافظة في الرقة وان مفاوضات تجري لـ laquo;تسليم الموقع من دون قتال حقناً للدماء وعدم تعريض السجناء للخطرraquo;، مشيرين إلى أن laquo;النصرةraquo; حررت أول من أمس 50 سجيناً في أحد مقرات التنظيم في الرقة.

وكانت الرقة أول مدينة تخرج عن سيطرة قوات النظام في آذار (مارس) العام الماضي، حيث سيطر عليها في البداية مقاتلو laquo;أحرار الشامraquo; و laquo;النصرةraquo; التي احتلت منزل المحافظ، قبل أن يتمدد تنظيم laquo;داعشraquo; ويحتل مقر المحافظة- البلدية ويحول كنيسة مقراً دعوياً. وتعرض نشطاء إلى ترهيب وعمليات خطف، ما دفع عدد كبير منهم إلى الهروب إلى تركيا وخارج البلاد. ويعتقد أن الأب باولو دالوليو وصحافيين أجانب خطفوا على أيدي laquo;داعشraquo;.

كما أن laquo;داعشraquo; سيطر على مقر laquo;لواء أحفاد الرسولraquo; في الرقة، ودفع قادة عشائر إلى laquo;مبايعتهraquo;. وأوضح أحد النشطاء أن laquo;كتيبة حذيفةraquo; تراجعت عن بيعتها لـ laquo;داعشraquo; أمس وبايعت laquo;النصرةraquo;، ما عزز نفوذها في أوساط عشيرة العفادلة القوية في شرق البلاد. وبعد خطف laquo;داعشraquo; أمير laquo;النصرةraquo; في الرقة laquo;أبو سعد الحضرميraquo; تسلم قائد laquo;لواء ثوار الرقةraquo; قيادتها في هذه المنطقة.

الأب باولو

وأشار النشطاء إلى أن حواجز laquo;داعشraquo; أزيلت من مناطق في شرق البلاد وبين الرقة وحدود تركيا. وتوقع أحدهم أن تكون الخطوة المقبلة سيطرة laquo;النصرةraquo; وكتائب أخرى على laquo;سجن سد تشرينraquo; الذي يضم مئات المعتقلين laquo;الأساسيينraquo;، وقال بعض المتابعين أن الأب باولو وصحافيين فرنسيين وأجانب laquo;قد يكونون في هذا السجن، لذلك تجري مفاوضات دقيقة قبل اقتحامهraquo;.

ويُعتقد أن laquo;جبهة النصرةraquo;، هي المستفيد الأكبر من الصراع الأخير وأنها تسعى إلى تحسين علاقاتها مع المجتمعات المحلية عبر إطلاق السجناء وتقديم صورة مغايرة من ممارسات laquo;داعشraquo;، إضافة إلى إفادتها من السيطرة على مقرات عسكرية ومعدات ثقيلة كانت مع laquo;داعشraquo; وإلى عودة كتائب إلى حضنها بعد انضمام مقاتلين إلى laquo;داعشraquo; بسبب سطوتها.

وكان التوتر بين زعيمي laquo;داعشraquo; أبو بكر الجولاني و laquo;النصرةraquo; الفاتح أبو محمد الجولاني استمر لبضعة أشهر، لم ينجح زعيم laquo;القاعدةraquo; أيمن الظواهري في حله مع أنه فصل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بين التنظيمين التابعين لـ laquo;القاعدةraquo;. وتتألف laquo;النصرةraquo; في شكل أساسي من مقاتلين محليين، في حين يشكل laquo;المهاجرونraquo; (الأجانب والعرب) الكتلة الرئيسية في laquo;داعشraquo;.

وأفاد laquo;المرصد السوري لحقوق الإنسانraquo; أن laquo;اشتباكات عنيفة دارت أمس بين مقاتلي عدة كتائب إسلامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة من جهة ومقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام من جهة أخرى في مدينة الطبقةraquo; التابعة للرقة، مشيراً إلى laquo;انسحابraquo; مقاتلي التنظيم من معبر تل أبيض على حدود تركيا. وكان مقتل مدير المعبر حسين السليمان، القائد في laquo;أحرار الشامraquo;، على أيدي التنظيم ملهماً لهذه الاحتجاجات ضد laquo;داعشraquo; بدأت بحملة أطلقها laquo;جيش المجاهدينraquo;، الذي تشكل من بضعة تنظيمات في غرب حلب، قبل أربعة أيام سرعان ما انضمت إلى الحملة laquo;جبهة ثوار سوريةraquo; في ريف إدلب في شمال غربي البلاد و laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; بين حلب وحدود تركيا.

وفي حلب، دارت المواجهات بين laquo;داعشraquo; و laquo;جيش المجاهدينraquo; في أحياء مساكن هنانو والشعار وقاضي عسكر. وانضم laquo;لواء جبهة الأكرادraquo; إلى مناهضي laquo;داعشraquo; في أحياء الهللك وبعيدين وبستان الباشا ومعبر بستان الرز، في حين سيطر laquo;الجيشraquo; على قرية بالا والجمعيات المحيطة بها بريف حلب الغربي. وأعلنت قيادة laquo;جيش المجاهدينraquo; المنطقة الممتدة من دوار الحاووظ إلى دوار الشعار laquo;منطقة عسكريةraquo; ودعت الأهالي إلى laquo;عدم الاقتراب منها حرصاً على سلامتهمraquo;. وقال laquo;المرصدraquo; إن مقاتلي laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; سيطروا على بلدة منبج بعد تسليم مقاتلي laquo;داعشraquo; أنفسهم ومقراتهم، الأمر الذي تكرر في بلدة تل رفعت. وبث نشطاء فيديو، أظهر مقاتلي laquo;الجبهةraquo; ونشطاء ينزلون علم laquo;القاعدةraquo; ويرفعون علم الاستقلال و laquo;الجبهة الإسلاميةraquo;. وأوضح ناشط في حلب لـ laquo;الحياةraquo; أن laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; سيطرت أمس على مدينة جرابلس على حدود تركيا، عدا المركز الثقافي الذي جرت مفاوضات من أجل تسليمه من دون اشتباكات.

إنتهاكات laquo;داعشraquo;

وظهرت أمس انتهاكات مقاتلي laquo;داعشraquo;، حيث عثر بعد سيطرة laquo;النصرةraquo; على كفرزيتا في حماة على جثامين ثلاثة مخطوفين، فيما تمكن 10 مواطنين أكراد من منطقة عفرين شمال حلب من الفرار من قبضة laquo;داعشraquo; في قرية دير حسان في ريف ناحية الدانا في محافظة إدلب. وأفاد laquo;المرصدraquo; أن laquo;مقاتلي الدولة الإسلامية قاموا بقطع رأس مواطنين اثنين من الطائفة الأرمنية عقب اعتقالهما لنحو أسبوعraquo;. كما عثر على laquo;جثمان لطفل مقطوع الرأس ومدفون بمحيط مقر للدولة الإسلامية في بلدة كفرنبل في إدلبraquo;، وسط استمرار المواجهات الحذرة بين laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; و laquo;داعشraquo; في معسكر التدريب في الدانا، بعد سعي التنظيم إلى تسليمه إلى laquo;النصرةraquo;.

في غضون ذلك، سعى مناهضو laquo;داعشraquo; إلى استقطاب المقاتلين الأجانب المنضوين تحت لواء laquo;داعشraquo; ويقدر عددهم بأكثر من خمسة آلاف. وقالت laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; إن laquo;المجاهدين المهاجرين إخوانraquo; لها. وحذرت من laquo;الاعتداءraquo; عليهم، بعدما أمهل laquo;جيش المجاهدينraquo; الأجانب يوماً لمغادرة البلاد. وقال نشطاء إن laquo;النصرةraquo; اقترحت حماية عائلات laquo;المهاجرينraquo; مع ترتيبها مغادرتهم الأراضي السورية. وحذر عبد العزيز سلامة القيادي في laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; من إيذاء laquo;المهاجرينraquo; الأمر الذي لين من موقف laquo;جيش المجاهدينraquo; يوم أمس، بالقول إن المشكلة مع قيادة laquo;داعشraquo; وممارساتها وليس laquo;المهاجرينraquo;.

وواصلت أطراف سعيها للتوسط بين laquo;داعشraquo; وباقي التنظيمات. وأعلنت مجموعة من علماء سورية تشكيل laquo;المجلس الإسلامي السوريraquo; لـ laquo;إنقاذ البلاد من محنتهاraquo;. وأعلنت حركة laquo;الإصلاح والبناء الإسلاميةraquo; مقترحات لـ laquo;درء الفتنةraquo; عبر طرح تشكيل laquo;لجنة تحكيم من النشطاء المحايدينraquo;. وتردد أن أطرافاً أخرى اقترحت laquo;سحب الحواجز الجديدة من قبل الطرفين التي لم تكن موجودة قبل الفتنةraquo; واللجوء إلى laquo;محاكم شرعية مستقلةraquo; وعدم السماح لأي فصيل أن يطرح نفسه laquo;جهة مهيمنةraquo; على الجميع.

من جهته، دان laquo;الائتلاف الوطني السوريraquo; المعارض خطف محافظ حلب السابق محمد يحيى نعناع خلال وجوده في مدينة حريتان شمال حلبraquo;، علماً أن نعناع كان قام بزيارات عمل إلى دول غربية بينها فرنسا.