لندن - إبراهيم حميدي
تستخدم laquo;جبهة النصرةraquo; بزعامة أبو محمد الجولاني تكتيكات مختلفة، منفردةً أو بالتنسيق مع كتائب في laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; الى ملء الفراغ الذي تركه تقهقر تنظيم laquo;الدولة الإسلامية في العراق والشامraquo; (داعش) في شمال البلاد وشمالها الغربي، في وقت يدخل laquo;داعشraquo; بتحالفات وبصراع عنيف للدفاع عن معاقله في الشرق مستفيداً من خط الإمداد العراقي.
وبدأ laquo;جيش المجاهدينraquo;، الذي تشكل قبل أسبوع من عدد من الفصائل، هجوماً على مقرات لـ laquo;داعشraquo; في الأتارب في شمال غربي حلب في الثالث من الشهر الجاري، بالتزامن مع استعجال laquo;جبهة ثوار سوريةraquo;، التي تشكلت من 14 فصيلاً، هجومها على مناطق في ريف إدلب في شمال غربي البلاد، سرعان ما انضمت laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; (تضم سبعة تنظيمات إسلامية منذ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي) إلى هذه الانتفاضة المسلحة والمدنية ضد انتهاكات laquo;داعشraquo; في مناطق مختلفة.
وتقهقر بسرعة نفوذ التنظيم في جيوب جبل الزاوية، مثل كفرنبل ومعرشمشة والمغارة في ريف إدلب، إلى أن سقط أول من امس معقلها الرئيسي في بلدة الدانا أول من امس على ايدي مقاتلين من laquo;الجبهة الإسلاميةraquo;. وبث نشطاء فيديو أظهر مقاتلين من laquo;الجبهةraquo; في المحكمة الإسلامية وسجون laquo;داعشraquo; في الدانا بعد إطلاق سجناء منها.
وقال نشطاء امس إن laquo;حالة حرب حقيقيةraquo; جرت بين مقاتلي laquo;داعشraquo; و laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; و laquo;جبهة ثوار سوريةraquo; أمس في مدينة سراقب، التي تربط ريف إدلب بحلب وأحد طرق الإمداد بين الساحل والداخل. وأفادت laquo;شبكة أخبار إدلبraquo; أن الاشتباكات كانت laquo;الأعنف، حيث تمركز مقاتلو التنظيم داخل المدينة مقابل محاصرة كتائب من جبهة ثوار سورية والجبهة الإسلامية أطرافهاraquo;. وفجر مقاتلو التنظيم سيارتين مفخختين على الطريق العام، إحداها قرب آثار تل مرديخ (إيبلا) بالتزامن مع شن طيران النظام السوري غارات على أطراف المدينة والطريق الدولية بين الساحل والداخل.
وكانت المعارضة سيطرت على سراقب في تشرين الثاني العام 2012، وأسس نشطاء فيها مجموعات مدنية وثقافية سرعان ما هيمن عليها مقاتلو laquo;داعشraquo;. وحاول مقاتلو الكتائب المناهضة للتنظيم استعادة السيطرة عليها بإرسال 200 مقاتل محملين بدبابات وعربات مدرعة.
وفي حلب المجاورة، انهار المقر الرئيسي لـ laquo;داعشraquo; في مستشفى العيون، حيث تحرر 300 سجين وقتل التنظيم 70 آخرين. وفيما سيطر مناهضو laquo;داعشraquo; بسهولة على الريف الغربي وقلب حلب، لا تزال المواجهات حادة في الريف الشمالي، حيث تقع بلدات حريتان وعندان وتل رفعت. وكان نشطاء تحدثوا عن خسارة laquo;داعشraquo; لمدينة الباب.
وفي حلب، سرعان ما بدأت laquo;النصرةraquo;، عبر الإدارة العامة للخدمات في ملء الفجوة التي تركها تراجع laquo;داعشraquo;. وأصدر مدير الموارد البشرية في laquo;النصرةraquo; البيان رقم واحد، أعلنت فيه حاجتها إلى تعيين عدد كبير من الموظفين المختصين في الخدمات من حملة شهادات الاختصاص العلمية والخبرات المهنية في مجالات الإعلام والكهرباء والمياه والمخابز والنظافة. وبثت فيديوهات ترويجية لنشاطاتها الطبية والخدمية. وأفاد موقع laquo;كلنا شركاءraquo;، أن الإدارة تملك أكثر من 300 موظف للكهرباء و1500 عامل في قطاع النظافة وتوفِّر الطحين للأهالي والبذار للمزارعين وتشرف على أربعة مستشفيات، وأن laquo;الضغط زاد على الإدارة العامة للخدمات التي تتبع لجبهة النصرة بعد توقف laquo;الإدارة الإسلامية للخدماتraquo; التي تتبع لداعش عن العملraquo;.
وكان laquo;داعشraquo; أسس laquo;الإدارة الإسلاميةraquo; للخدمات ثم سُلمت إلى laquo;الإدارة العامة للخدماتraquo; التابعة لـ laquo;النصرةraquo; التي يدير مسؤول من laquo;لواء التوحيدraquo; التابع لـ laquo;الجبهة الإسلاميةraquo;. وقال ناشط: laquo;النصرة تشترط الخبرة وليس مبايعتها من قبل أي موظف جديد، بل إنها تقبل موظفين كانوا يعملون في النظام سابقاً. أما في حال القتال، فإنها تشترط البيعةraquo;.
وقال محللون إن laquo;النصرةraquo; تسعى إلى الإفادة من laquo;أخطاءraquo; ارتكبها تنظيم laquo;داعشraquo;، وذلك بتحسين علاقاتها مع المجتمعات المحلية وعدم التعجل في فرض سطوتها على حياة الأهالي. كما استغلت إطلاق السجناء لتحسين صورتها المناقضة لـ laquo;داعشraquo;، إضافة إلى أنها تسعى للاستحواذ على المقرات الخدمية مع أخذ مستودعات السلاح والتدريب التي كانت بحوزة laquo;داعشraquo;. وأشار أحد النشطاء إلى أن laquo;إدارة الخدماتraquo; كانت موضع تنافس بين الفصائل، وأن laquo;النصرةraquo; منعت laquo;الائتلاف الوطني السوريraquo; المعارض من السيطرة عليها. وأعلنت laquo;الهيئة الشرعيةraquo; المقربة من laquo;النصرةraquo; أمس، حملة ضد laquo;المفسدين على الأرضraquo;، وقالت في بيان إنها: laquo;تمنع إقامة أي حاجز في المدينة الآن عن طريقها كجهة اختصاصraquo;.
لكن laquo;النصرةraquo; وفصائل أخرى تواصل الاهتمام بمعضلة تتعلق في الفترة الراهنة بمحطة توليد الطاقة في حلب، بعد أن قال مصدر إن laquo;داعشraquo; هدد بالانسحاب منها، ما يعني سيطرة قوات النظام عليها وجعل موضوع الطاقة في حلب بأيدي النظام. وأشار إلى أن هذا الأمر يستدعي laquo;حذراًraquo; من قبل الكتائب الإسلامية و laquo;النصرةraquo; في صراعها مع laquo;داعشraquo;.
في المقابل، تدافع laquo;داعشraquo;، سواء بالقوة أو التسويات، عن معاقلها من الريف الشرقي لحلب وعمق نفوذها إلى الشرق وصولاً إلى حدود العراق. وعقدت أمس اتفاقاً مع laquo;أحرار الشامraquo; المنضوية تحت مظلة laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; في مدينة دير حافر في الطريق من حلب إلى الرقة. وبحسب نص الاتفاق، أبقى الطرفان على حواجزهما و laquo;التنسيقraquo; بين مقاتلي الطرفين و laquo;التواصل المستمر في أي طارئraquo;.
وكان laquo;داعشraquo; تراجع بسرعة في داخل مدينة الرقة التي كانت أول مدينة تخرج عن سيطرة النظام في آذار (مارس) العام الماضي. وأطلق عشرات المعتقلين من أحد مقراتها، لكن سرعان ما أعاد مقاتلو التنظيم الكرّة بالدفاع عن قصر المحافظة الذي يعتبر مقراً رئيسياً. وقال ناشط: laquo;مبنى المحافظة ومحيطه بعمق كيلومترين تحت سيطرة كاملة لداعشraquo;. وكان laquo;المرصد السوري لحقوق الإنسانraquo; قال إن laquo;مقاتلي الدولة الإسلامية سيطروا كاملاً على حي المشلب ومقر جبهة النصرة في مقام أويس القرني في الرقةraquo;. لكنه أشار لاحقاً إلى انسحاب مقاتلي laquo;داعشraquo; من الحيين مع تمركز مجموعاته على حاجز عند الطرف الغربي لحي المشلب. ودارت اشتباكات عنيفة في حي الفردوس وصولاً إلى شارعي المنصور وسيف الدولة في مدينة الرقة.
وبعدما سيطرت laquo;النصرةraquo; على مديرية المياه الأحد الماضي، جرت في اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة حولها شارك فيها مقاتلون من laquo;النصرةraquo; و laquo;أحرار الشامraquo; وكتائب تابعة لـ laquo;الجيش الحرraquo;، كان بينها laquo;لواء ثوار الرقةraquo; و laquo;لواء المنتصر باللهraquo;، مقابل عدم مشاركة laquo;كتائب حذيفة بن اليمانraquo; و laquo;لواء أويس القرنيraquo; في المواجهات باعتبار أن مقاتليهما يحاصرون laquo;الفرقة 17raquo; التي لا تزال مع laquo;اللواء 93raquo; و laquo;مطار الطبقةraquo; تحت سيطرة القوات النظامية في الرقة.
وساد امس laquo;هدوء حذرraquo; في الرقة مع بدء عودة حياة طبيعية وظهور نداءات للأهالي بالتعرف إلى 70 جثة موجودة في المستشفيات، بعدما فرض laquo;حظر تجولraquo; بسبب المواجهات. لكن laquo;داعشraquo; سيطر على بلدة تل أبيض مع حصول مواجهات مع laquo;الجبهة الإسلاميةraquo; على المعبر الحدودي مع تركيا.
التعليقات