بيروت - الرأي:بدت المساعي الماراتونية لتشكيل الحكومة الجديدة امس وكأنها في quot;استراحة محاربquot; مع انصراف بيروت الى تشييع ضحايا الموت quot;المتزايدquot; هذه الايام، الى المقابر المفتوحة في الضاحية الجنوبية للعاصمة وفي عاصمة الشمال طرابلس، ومع انصرافها الى الشاشات تراقب أقوال اول دفعة من الشهود في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري عن قوس المحكمة في عاصمة العدالة الدولية لاهاي، وتراقب ايضاً مجريات مؤتمر جنيف - مونترو حول سورية في بلاد المفاوضات الدولية سويسرا.
فبيروت المترنّحة فوق خط الزلازل منذ اغتيال الحريري في فبراير 2005 الى التداعيات القاتلة للأزمة السورية، وجدت نفسها امس مشدودة الى لاهاي ومونترو دفعة واحدة، لإدراكها ان مصير أزماتها quot;المصيريةquot; يرتبط بهذا quot;الحبل المشدودquot; من الصراع الاقليمي - الدولي الذي كان فجّر رفيق الحريري قبل تسعة اعوام، وها هو quot;ينتجquot; اليوم تفجيرات انتحارية واغتيالات ومعارك تكاد ان تتحوّل شبه يومية منذ أشهر.
وبعدما دفن لبنان الدفعة الاخيرة من ضحاياه في حارة حريك وطرابلس امس، من المتوقّع ان تعاود مفاوضات تشكيل حكومة quot;ربْط النزاعquot; اندفاعتها اليوم من حيث انتهت الجولات المكوكية التي نشطت اخيراً على خط توزيع الحقائب بين مكونات حكومة الـ 24 وإسقاط الاسماء عليها، وسط توقعات بإعلانها مع نهاية الاسبوع الجاري في أبعد تقدير، وربما بطريقة quot;قيصريةquot; اذا لم يتم تجاوز بعض التعقيدات الحالية.
وليس ادل على الولادة الوشيكة لحكومة الرئيس تمام سلام، من المعلومات التي تحدثت عن ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قام بإخلاء السرايا الحكومية مع فريق عمله بعد نحو ثلاثة أعوام من دخولها بـ quot;انقلاب سياسي - دستوري quot;، قاده quot;حزب اللهquot; وادى الى اقصاء زعيم quot;تيار المستقبلquot; سعد الحريري عن رئاسة الحكومة في لحظة اندفاع للمشروع السوري - الايراني على المستوى الاقليمي قبل اصطدامه بانفجار quot;الربيع العربيquot; في سورية وسواها.
وبدا واضحاً امس ان رفع زعيم quot;التيار الوطني الحرquot; النائب العماد ميشال عون سقف شروطه، داعياً الى توسيع الحكومة لتكون من ثلاثين وزيراً بما يضمن تمثيلاً لتكتله يراعي وزنه النيابي ورافضاً المداورة في الحقائب في quot;حكومة اشهر قليلةquot; ومعتبراً ذلك لعزل وزرائه الناجحين ولا سيما صهره جبران باسيل (عن حقيبة الطاقة)، لن يبلغ إبعاد نفسه عن الحكومة وسط محاولات تُبذل لـ quot;تعويضquot; تياره بدائل وزارية quot;منصفةquot; ينتظر ان تتبلور في الساعات المقبلة من دون ان يُعرف ردّ فعل العماد عون عليها.
وفي تصريح لـ quot;الرايquot;، قال النائب الآن عون (من كتلة عون) رداً على سؤال حول اذا كان من الممكن أن تؤدي اعتراضات quot;التيار الوطني الحرquot; الى بقائه خارج الحكومة ان quot;التيار ليس بوارد البقاء خارج الحكومة بل هو مع المشاركة كما أن الأمل بالتوصل إلى اتفاق كبيرquot;.
وعن موقف التيار من مبدأ المداورة والأثمان التعويضية التي يريدها مقابل تخليه عن حقائبه الحالية، اكد ان quot;التيار ليس لديه أثمان ولا يقبل بمبدأ المقايضة، فالتيار لديه مطالب ومعايير واضحة وعلى أساسها يحدد ما هو مقبول وما هو مرفوضquot;.
وعما اذا كان هناك دفع اقليمي- دولي للاسراع في تشكيل الحكومة قال ان quot;الحكومة أصبحت وشيكة وقرار تشكيلها بيد رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وأعتقد أن ولادتها باتت قريبة جداًquot;.
النائب عون، رفض القول ان الاعتراضات على طبيعة الحكومة وتوازناتها جاءت مسيحية بالنظر إلى موقف quot;التيار الوطني الحرquot; وquot;القوات اللبنانيةquot; في الوقت الذي تلعب الأطراف الإسلامية موقفا مسهلا في التشكيل، اذ اعتبر ان quot;الأطراف الاسلامية كتيار المستقبل وحزب الله كانت تضع عقداً وتمت حلحلتها بين بعضهم، وبالنسبة للأطراف المسيحية فكل طرف لديه مشاكله ونحن لسنا معنيّين بعقد الطرف الآخر ومقاطعة فريق للآخر، ونحن معنيّون بمعطيات أخرىquot;.
وفي موازاة ذلك، شخصت الانظار على اليوم الرابع من الجلسات الافتتاحية للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي بدأت المحاكمات في جريمة اغتيال الحريري في لاهاي.
وقد خصصت جلسة يوم امس لسماع الغرفة الاولى في المحكمة لشاهدين هما عبد الحفيظ درويش ومحمود طراف وهما شقيقان مرافقان للرئيس رفيق الحريري سقطا معه وقد رويا كيف تعرفا على شقيقيهما في المستشفيات بعدما تشوهت جثتاهما.
ويُذكر ان المرحلة الاولى من سماع الشهود ستستمر حتى الثلاثاء وتشمل ايضاً ستة شهود آخرين احدهم سيتم سماعه وفقا لنظام المؤتمرات، علماً ان بث الجلسات يتأخر نصف ساعة عن الموعد المقرر لشهادات الشهود.