صلاح الدباس

&
لا تبدو العدالة الأمريكية عمياء حتى لا تميز بين المواطنين بحسب أعراقهم أو دياناتهم أو مواقعهم الاجتماعية، فكل شيء في أمريكا يمكن أن يخضع في المسار القانوني لانحرافات عن المسار الذي يوصل المجتمع إلى التساوي والعدالة المطلقة، وفي الحقيقة ليست الصورة مثالية بحسب الصورة النمطية عن الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك تكتلات ولوبيات وجماعات تعمل من أجل مصالحها ومن شأنها أن تتلاعب بالقوانين وتخلق استثناءات غير متناهية.
أمريكا لم تعد هي بلد الأحلام والحريات والأمن والاستقرار والفرص الذهبية، فهناك حالة من اللاتوازن بين مكوناتها وإهدار متعمد لكثير من القيم الأمريكية، فمن بين الحالات الاجتماعية التي تكشف جانبا من انهيار القيم حالة قرار عدم معاقبة شرطي أبيض متهم بقتل رجل أسود غير مسلح، ما جعل البعض يعتبر أن المعاملة التي تتلقاها الأقليات في الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين تعيد البلاد إلى عصور العبودية الأولى.
تلك الحالة تبرز سؤالا جوهريا حول ما إذا كانت هناك أزمة في نظام العدالة الأمريكية، لأن ما حدث في تلك الحالة يضاف اليه حالات أخرى كثيرة تتعامل مع الناس وفقا لأوضاعهم العرقية والدينية، ولطالما كانت هناك عنصرية دينية أظهرت تباينا عميقا في المجتمع الأمريكي، وفضلا عن ذلك فإن جميع المحامين تقريبا هم بمثابة محامو الشيطان الذين يبحثون عن تغرات ليفلت موكلوهم من العقاب ويكسب هؤلاء الدولارات.
في السياق الخارجي لا تبدو سياسة الولايات المتحدة متوازنة ومعتدلة، وإنما معتلة ومنهارة، وعلى سبيل المثال، ماذا يعني تودد أمريكا لإيران رغم أزمة ملفها النووي؟ وهل إيران حاسمة في ملف الإرهاب حتى يسمح لها بتواجد مؤثر في المنظومة الدولية لمكافحته؟ تظل أمريكا في الثقافة الإيرانية هي الشيطان الأكبر، ولا يتوقع أن يتصالح الشيطان مع الإنسان بهذه السهولة التي تتوقعها أمريكا وهي تتعامل من تحت الطاولة مع عدوها اللدود.
محاربة تنظيم داعش لا تستوجب تعاونا كبيرا ومهما بين أمريكا وإيران إلا في المخيلة الأمريكية التي تتناسب مع حالة اللاتوازن التي تعيشها القوة العظمى، وذلك بالضبط ما أشارت له صحيفة ديلي تلغراف من أن توحد إيران وأميركا لقتال التنظيم لا يجعل منهما صديقين، ولا يتوقع أن يحدث اختراق مهم في محاربة الإرهاب مع هذه الحالة إلا في الخيال الأمريكي المعتل.
&