مصطفى الكاظمي

في قبو داخل مقر جهاز المخابرات العراقية قبعت الوثائق والاثار والمخطوطات الهامة التي يتم توصيفها اليوم تحت مصطلح quot;الارشيف اليهوديquot; لعشرات السنوات بعيداً عن الاعين وفي اجواء خزن لاتراعي المعايير الدولية ما ادى الى تلف العديد منها.

حتى العام 2003 لم تكن القضية مثار جدل، وكان بالامكان ان تتعرض تلك الوثائق الى الحرق او التلف الكامل من دون ان يعرف العراقيون حتى انها موجودة في ذلك القبو.

المشكلة الاساسية ليست في حق العراق بامتلاك ارثه بصرف النظر عن الاعتبارات الدينية، بل ان حق العراق في امتلاك هذا الارث هو حق اصيل تبعاً للظروف الموضوعية والتاريخية.

ولكن علينا التذكر فقط اننا نتحدث عن ارث تاريخي، وثائق واثار هامة للغاية للبحث العلمي والتاريخي وتكاد تكون كنزاً بالنسبة لمراكز البحوث، والاكثر ان الدول قد تمتلك حصرياً ارثها التاريخي ، لكن تلك الملكية لاتؤهلها لاخفاء هذا الارث ومنع البشرية من الاطلاع عليه.

قضية الارشيف اليهودي بصرف النظر عن الجدل السياسي حولها تبدو اليوم اقرب الى ان توضع في اطار حل مرضي، لكل المهتمين بالارث الفكري الانساني والباحثين فيه، تحت بند ان تراث البشرية هو تراث مشترك.

لنتذكر معاً ان تدمير تماثيل والاثار البوذية في افغانستان على يد تنظيم quot;القاعدةquot; مثل طعنة حقيقية للانسانية جمعاء، ولم يكن الامر يخص البوذيين وحدهم، وربما كان المسلمون اكثر حزناً من غيرهم على ذلك السلوك الهمجي الذي لايمثلهم باية حال.

بهذا المعنى اود الاشارة الى قيام الارشيف الوطني الاميركي الذي يحتفظ بـquot;الارشيف اليهودي اليومquot; بعرضه اخيراً امام الباحثين، والمهتمين من كل انحاء العالم بعد ان تم ترميم الارشيف وصيانته.

ولفتتني كلمة السفير العراقي في واشنطن لقمان الفيلي الذي طرح الية تعاون تحفظ للعراق ملكيته الاصيلة للارشيف من جهة، في مقابل ان يكون هناك تعاون في حل المشكلة بشكل دائم.

الفكرة التي طرحها السفير العراقي تتلخص باعادة مجموعة من الوثائق والباقي يكون على شكل اعارة مؤقتة لغرض العرض والتعريف بثقافة اليهود العراقيين ويمكن عبر هذا التعريف يكون للعراق بوابة مهمة مع العالم.

من الجيد ان نتذكر ان الاثار العالمية كثيراً ما يتم عبر تعاون ثنائي او جماعي بين دول العالم عرضها في معارض ومتاحف متنقلة.

تأكيد الملكية العراقية للارشيف اليهودي، امر لامناص منه، لكن حق الانسانية في التعرف ودراسة ارشيف اخفته السلطات العراقية عن اعين الباحثين والراغبين لعشرات السنوات يجب ضمانه ايضاً.

المونيتور