علي سعد الموسى

&

&


سألوني: لِمَ لمْ تكتب أو تدلي برأي حول الحدث الأسطوري عن سيطرة "داعش" على ثلث العراق الشمالي ونصف سورية المكتمل على خارطتها الشرقية؟ والجواب الوحيد أن نشرة أخبار العرب مع هذا التنظيم بالذات لا يمكن أخذها إلا فرفشة و"طقطقة"، ولا يمكن في المطلق أخذ القصة على محمل التحليل الوقتي ولا حتى لأسبوع واحد من الرؤية الاستراتيجية. تعالوا نقرأ هذه المعلومات الإخبارية المضحكة: ولنبدأ من سورية، حيث تقول "نشرة الأخبار" ذاتها إن تنظيم داعش استطاع أن ينقل من جنوده 5 آلاف مقاتل في ظرف نهار واحد من إدلب وريف حلب إلى منطقة الجزيرة شرق دير الزور، ثم يؤكد هذا التنظيم أنه لم يخسر مقاتلا واحدا وهو يقطع مسافة تزيد على 450 كلم. كأنهم وكما يبدو في رحلة سياحية ما بين ميلانو وزيلامسي النمساوية.


في العراق، تتحدث نشرة أخبار العرب عن 7 آلاف داعشي استطاعوا السيطرة على ثلث مساحة الخريطة، بينما يتباهي التنظيم ذاته بأنه "فعلها" بثلاثة آلاف فرد فقط. ومن المضحك حتى الضرس الأخير من النواجذ أنهم وصلوا إلى "الموصل" مساء الصباح ذاته الذي كانوا فيه بالأنبار، ثم قطعوا أيضاً 450 كيلا في صحراء مكشوفة دون أن يخسروا نفساً واحدة وكأنهم أيضاً ينتقلون في باصات سياحية مكيفة ما بين واشنطن ونيويورك. وبحسبة بدائية ساذجة بسيطة فإن كل "داعشي" استطاع السيطرة على ثلاثة كيلومترات مربعة من المساحة التي احتلوها في شمال العراق، وهذه حقيقة مضحكة لا تخضع لكل معادلات الحروب التي يسردها كل تاريخ البشرية. كل "داعشي" أيضاً استطاع هزيمة أربعة من جيش العراق النظامي وشرطته بكل الفوارق المذهلة ما بين "النظام والتنظيم"، وكل فرد "داعشي" استطاع وحده تهجير 30 ألف مواطن عراقي من بني جلدته ومذهبه، وكان ثلث الشمال العراقي بأكمله "كعكة" مصنوعة من "الشوكولاته" الرخيصة التي ذابت تماماً في ظرف ساعات أربعة.
سؤالي الأخير: اشرحوا لي كيف استطاعت "داعش" في يوم واحد أن تنتقل من إدلب إلى شرق دير الزور، ومن الأنبار إلى شمال الموصل ولمسافة ألف كيلومتر طولي مكتملة دون أن تخسر حتى رصاصة واحدة أو مقاتلا واحدا، القصة كلها فرفشة وطقطقة. مؤامرة مكتملة.

&