انتحاريا الروشة دخلا إلى لبنان من تركيا ... وعسيري لم يستبعد أن يكون المستهدَف أو السفارة السعودية

&الحكومة لم توافق على طلب أمني بحصول الخليجيين على تأشيرات دخول مسبقة


تحوّلت بيروت وفنادقها «مسرح عمليات» في إطار «الحرب الاستباقية» التي تشنّها الأجهزة الامنية على خلايا ارهابية نفذت عمليتين فاشلتين منذ الجمعة الماضي في كل من ضهر البيدر ومدخل الضاحية الجنوبية لبيروت قبل ان تقع حادثة فندق «دوروي» في محلة الروشة حيث فجّر انتحاري يُعتقد انه سعودي نفسه داخل غرفته خلال عملية دهم كانت تنفذها وحدة من جهاز الامن العام.

وبقيت بيروت يوم امس «تحت تأثير» حادثة الروشة غير المسبوقة في مسلسل التفجيرات الذي كان بدأ يضرب لبنان قبل عام ونيف، وبدت عيناً على التحقيقات في هذا الملف مع الانتحاري الثاني - ويُعتقد ايضاً انه سعودي - الذي بقي على قيد الحياة وعيناً على الاجراءات الوقائية التي تواصلت عبر دهم فنادق أخرى في الروشة وتنفيذ عمليات امنية في مناطق أخرى بحثاً عن مشتبه بهم استناداً الى وثيقة بين أيدي الأجهزة الامنية تم تزويدها بها بناء على تقرير استخباراتية غربية متقاطعة.

واستفاقت منطقة الروشة امس وهي «مصدومة» نتيجة ما شهدته مساء اول من امس، فيما بدأت المعلومات تتكشف عن الاهداف المحتملة للانتحاريين وعن هويتيهما، حيث اشارت مصادر امنية الى أن الاسمين الحقيقيين لهما هما السعوديان احمد عبد الرحمن الثويني الذي قتل وعبد الرحمن الشنيفي المصاب، وأنهما كانا دخلا بيروت آتيين من اسطنبول في 11 يونيو وحجزا في 3 فنادق هي الـ «دوروي» و«ايليت» و«مجمع عيتاني للشقق المفروشة» وذلك في اطار التمويه، وحددا المغادرة في 15 يونيو لكنهما بقيا في لبنان.

وحسب التحقيقات الاولية فان شخصاً ثالثاً من الجنسية السورية ينتمي إلى «لواء التوحيد» هو الذي تولى مساعدة الانتحاريين منذ وصولهما الى لبنان ويتم البحث عنه.

وفيما نُقل عن مصادر امنية ان الانتحاري الذي بقي على قيد الحياة هو «صيد ثمين»، الا ان حاله الصحية (اصيب بجروح وحروق نتيجة تفجير زميله في الغرفة) لم تسمح باستجوابه لوقت طويل وان كل ما عرفه المحققون منه انه والانتحاري الثاني كانا ينويان تنفيذ عملية ارهابية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وفي موازاة ذلك، استمرت التحقيقات مع احد موظفي فندق «دوروي»، الواقع قبالة السفارة السعودية ومقر تلفزيون «المستقبل» سابقاً في الروشة، للاشتباه بأنه أبلغ اﻹنتحاريين بقدوم دورية اﻷمن العام التي كان عدد عناصرها بقيادة ضابط لا يتجاوز العشرة وقد دخلوا الفندق بلباس مدني لعدم إثارة الشكوك، وهو ما جعل «الثويني» يفجر نفسه بمجرد ان وضع العناصر البطاقة الالكترونية في باب الغرفة الكائنة في الطبقة الثالثة ما ادى الى جرح 3 امنيين و7 نزلاء.

وفيما ضبط عناصر الامن العام من الغرفة حقيبة متفجرة بلغت زنتها سبعة كيلوغرامات وحزاماً ناسفاً، اشارت تقارير الى ان خلية «دوروي» التي بدأ الامن العام برصدها قبل اسبوع تلقت اول من امس أمراً بتنفيذ هجوم انتحاري مزدوج بأحزمة ناسفة داخل أحد أكبر المطاعم في بيروت (ومن ضمنه فندق كبير) خلال وقت الذروة ووجود أكبر عدد من مرتادي المطعم، أي خلال متابعة مشاهدة إحدى مباريات «المونديال». وكشفت مصادر لقناة «العربية» ان الشنيفي (20 عاماً) مطلوب من قبل الأمن السعودي وقد غادر أراضي المملكة في العاشر من مارس، وان الثويني (20 عاماً) لا يوجد له سجل أمني ضمن المطلوبين.

وبعد حادث «دوروي»، أكملت الاجهزة الامنية عمليات دهم شملت فنادق عدّة في الروشة والحمراء بحثاً عن مطلوبين. وأشارت معلومات إلى أنّ الأمن العام ألقى القبض على سوريّين في اوتيل ومطعم الساحة على طريق المطار، وعلى سعودي وسوري في أوتيل «غاليريا» (الماريوت سابقاً) في بئر حسن.

وقبل ظهر امس نفذت وحدة من شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي عملية دهم لفندق «رامادا» (السفير سابقاً) الملاصق لـ «دوروي» حيث حققت مع بعض الأشخاص من دون ان يُكشف عن تسجيل اي توقيفات ووسط معلومات لم تتأكد عن العثور على أحزمة فارغة في الفندق يمكن استخدامها كأحزمة ناسفة.

كما برز دهم الجيش اللبناني مخيّم الضبيّة للاجئين الفلسطينيين (شمال بيروت) بحثاً عن جيب شيروكي أسود رقم لوحته 157699 وعن امرأة سوريّة.

وفي سياق متصل، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على 15 شخصا بينهم ستة موقوفين ألقي القبض عليهم في بلدة القلمون في شمال لبنان (اول من امس) في جرم «الانتماء الى تنظيم ارهابي مسلح (كتائب عبدالله عزام وجند الشام في شمال لبنان) بهدف القيام باعمال ارهابية، وعلى متابعة دورات تدريبية على صناعة المتفجرات ووصلها باسلاك كهربائية واستعمال الاسلحة وتفخيخ السيارات والتواطؤ لاغتيال شخصيات منها ضابط مسؤول في الامن العام وعلى التخطيط للقيام باعمال ارهابية في كل المناطق اللبنانية» سندا الى مواد تنص على عقوبة الاعدام.

إلى ذلك، أكدت مصادر وزارية لـ «الراي» قبيل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء أمس في السرايا الحكومية ان المناخ السياسي الذي يرافق عودة الاختراقات الأمنية بدا معقولاً وجيداً لجهة استشعار القوى السياسية كافة بأهمية مواكبة هذه التحديات بحد أدنى من التماسك الحكومي بما يوفّر الغطاء الكامل للأجهزة والقوى الامنية والعسكرية في حربها التصاعدية مع الإرهاب ومواجهة ما يمكن ان يستجدّ من تطورات اضافية في هذه المواجهة.

وتضيف المصادر نفسها ان العنوان الأمني العريض بدأ يحكم مجمل الواقع اللبناني ويفرض أولوياته على الجميع بما يُخشى معه من انعكاسات من نوع جديد لا سيما على استبعاد اي تحريك فعلي للأزمة الرئاسية، وهو الامر الذي دفع برئيس الحكومة تمام سلام الى اتباع أسلوب شديد المرونة في التعامل مع موضوع بتّ منهجية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء وتوقيع هذه القرارات والمراسيم بالوكالة عن رئيس الجمهورية تجنباً منه لإعطاء اي فريق ذريعة للمضي في تعطيل مجلس الوزراء في مرحلة تطلّ على أخطار استثنائية وسط الفراغ الرئاسي. وأضافت ان ما يمكن الاعتداد به والاستناد اليه كضمان لمرحلة التكيّف مع مكافحة الارهاب هو ان الافرقاء الأساسيين في الحكومة أظهروا واقعيا حرصاً على عدم تعطيل الحكومة في هذه الظروف وان هذا الأمر لا يزال يشكل ضماناً لتجنب نشوء أزمة سياسية اشدّ أذى وضرراً من الأزمة الرئاسية.

ومن ضمن روحية الحرص نفسها تمت مقاربة الدعوة التي أطلقها جهاز الأمن العام اللبناني الى ان لا تكون التأشيرات تلقائية على المعابر الحدودية، في ما اعتُبر اشارة الى الخليجيين لجهة إلزامهم بالحصول على التأشيرة اللبنانية مسبقاً وليس مباشرة من مطار بيروت وذلك على قاعدة «المعاملة بالمثل» وبما يقطع الطريق على أي تسهيلات محتملة لدخول إرهابيين الى بيروت. وخلص مجلس الوزراء الى قرار بإبقاء الامور على ما هي في قضية إعطاء تأشيرات الدخول للخليجيين الى لبنان، وذلك بعدما برز موقفان شديدا اللهجة من وزيريْ الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي قبيل جلسة الحكومة، اذ اعتبر الاول ان «من غير وارد فرض تأشيرات مسبقة على الخليجيين، ونحن حريصون على علاقاتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي»، فيما أشار الثاني إلى انه «لا يوجد ضرورة لفرض التأشيرات المسبقة للخليجيين واذا أُقرت، يجب فرضها ايضاً على الايرانيين».

من ناحيته، أعلن السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري «أن تفجير الروشة لا يمتّ الى القيم الانسانيّة أو الإسلاميّة»، لافتاً الى «ان المملكة اكتوت بنار الإرهاب وهي لا توفّر أيّ جهد في سبيل مكافحة هذه الآفة الغريبة عن المجتمع العربي»، مستنكراً بشدة «الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين»، وآملاً «أن توفق السلطات اللبنانية في الحد من هذه التفجيرات».

ولم يستبعد ان تكون السفارة السعودية القريبة جداً من موقع الانفجار هي المستهدفة «او قد يكون السفير هو المستهدَف».

أما المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، فقال، أمس، «أن ما يجري في العراق وسورية يتأثر به لبنان، وهو ليس جزيرة معزولة عن محيطه».

وأضاف تعليقاً على التفجيرات في لبنان، إن «ما جرى هو استهداف للأمن اللبناني وللشعب اللبناني وللاستقرار في لبنان».


لقاء الحريري - كيري في باريس شدّد على ضرورة انهاء الفراغ الرئاسي


| بيروت - «الراي» |

ما زالت باريس تشهد حركة كثيفة تتصل بالوضع اللبناني ويشكل محورها الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الذي يواصل لقاءاته مع كبار المسؤولين الغربيين في إطار محاولات البحث عن مخارج للمأزق الرئاسي في لبنان واستكشاف آفاق الواقع الاقليمي في ضوء الأحداث العراقية.

وغداة اجتماعه بوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، التقى الحريري امس، وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مقر إقامة السفير الأميركي في باريس.

ووفق بيان صدر عن المكتب الاعلامي لزعيم «المستقبل» فقد استعرض «الجانبان الأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، وجرى التركيز في شكل خاص على الشأن اللبناني، لا سيما ضرورة إنهاء حال الفراغ الرئاسي والعمل بكل الجهود الممكنة لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن. كما تناول البحث الخطوات الآيلة إلى ضمان الاستقرار في لبنان وتعزيز القوى الأمنية والعسكرية، اضافة الى مشكلة النازحين السوريين والضغوط التي يواجهها لبنان جراء ذلك، والجهود المطلوبة من المجتمع الدولي لمواجهة هذه المشكلة وأعبائها المتنامية على مختلف الصعد».

&