أسامة الالفى
&
&علامات استفهام تعجبية كثيرة تحيط بالصمت الأمريكي والأوروبي المريب على ما فعله ويفعله تنظيم داعش من ذبح لمسلمي العراق وقتل وتشريد لمسيحييها وتحركهم السريع حين انتقل الذبح والتشريد إلى طائفة تعبد الشيطان !!
إلا أن هذه الاستفهامات التعجبية تتلاشى حين نعلم ظروف هدف تأسيس هذا التنظيم الدموي الذي كسا واجهته الظاهرية بثوب السلفية الجهادية، وجمّلها بالزعم أنه يهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وإحياء الخلافة!! ومنذ ظهر تنظيم داعش على سطح الأحداث، وهو يثبت كل يوم عمالته لقوى الشر الغربية والصهيونية العالمية، إذ استهل عملياته الإجرامية بالتنصل من قضية فلسطين، بإعلانه - في ذروة العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة وفيما كانت أرواح الشهداء من النساء والأطفال تتساقط بفعل قذائف وصواريخ المحتل الإسرائيلي - مباركته ضمنًا ما تفعله الآلة العسكرية الصهيونية قائلا في تغريدة على صفحة معلوماته: إن الله في القرآن الكريم لم يأمرنا بقتال إسرائيل أو اليهود حتى نقاتل المرتدين والمنافقين!!!. وتمادى التنظيم العميل، إلى حد مطالبة أحد قياداته المدعو أبو تراب المقدسي بهدم الكعبة المشرفة، بحجة أنها باتت تعبد من دون الله، متجاهلاً أن الطواف بالكعبة عبادة وليس شركًا لقوله تعالى «وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود»ِ، مشيرًا إلى أن قرار الهدم صادر عن أمير التنظيم أبو بكر البغدادي، وملمحًا إلى نيتهم التوغل داخل السعودية. واستفاد أعداء الإسلام من الممارسات الإجرامية التي مارسها أعضاء التنظيم ضد أهل مدينة الموصل، وقيامهم بذبح وقطع رأس كل مَنْ لم يبايع الخليفة المزعوم على السمع والطاعة، وتخيير النصارى بين إشهار الإسلام أو دفع الجزية أو القتل والترحيل القسري خارج ديارهم، بلا أموال أو طعام وشراب أو متاع أو حتى وسيلة مواصلات تعينهم بلوغ أقرب بلد، وهو ما يتجافى مع روح الإسلام السمحاء، أقول استفاد أعداء الإسلام من هذه المشاهد الموجعة للقلب، وحرصوا على نقلها عبر الفضائيات، موحين للمشاهد أن هذا ما يأمر به الإسلام فيما الإسلام بريء من أفعال هذه الفئة الضالة.
ولم يكتف مجرمو داعش بما فعلوه في العراق وسوريا وما يفعلونه اليوم في ليبيا، ولكنهم ــ وقد غرهم رضا أسيادهم عن أفعالهم ــ قادتهم أحلامهم المريضة الواهمة إلى التهديد بغزو مصر وتخويف أقباط مصر من وضعهم تحت حد السيف أو الجزية؟!! متناسين أن شعب مصر السني الذي تشبع فقه أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل، يدرك تمامًا طبيعة دينه المتسامحة، ويعلم أن الجزية فرضت بديلاً لعدم إلزام غير المسلمين بالدفاع عن بلاد الإسلام، أما وقد صاروا بحكم المواطنة يدافعون عنها جنبًا إلى جنب مع إخوتهم المسلمين فقد سقطت، ومَنْ يرجع إلى مباحث وكتب العلماء التي ناقشت قضية الجزية، يجد أدلة على سقوطها متى شارك غير المسلم في الدفاع عن الدولة المسلمة، ومن ذلك ما نقله الإمام ابن حزم الأندلسي من قول التابعي الإمام عامر الشعبي (20 109هـ) ( 640 -727 م): أدركت الأئمة الفقيه منهم وغير الفقيه يغزون بأهل الذمة، فيقسمون لهم ويضعون عنهم جزيتهم ، كما رصد الباحث المعاصر عبد الكريم زيدان في كتابه أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام أحداثًا تاريخية من عهد الخليفة عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ تفيد بدلالة صريحة سقوط الجزية عمن يشارك المسلمين الدفاع عن أرض الإسلام، وإلى النتيجة نفسها ذهب مفتي الإخوان الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، حيث أكد أن الجزية تسقط بإشتراك أهل الذمة مع المسلمين في القتال والدفاع عن دار الإسلام ضد أعداء الإسلام. وتتعدد القراءات وتتنوع نصوص علماء أفاضل مؤكدة بطلان ما تروج له داعش من دعوات تهدف للوقيعة بين أبناء الوطن، وتدل على مدى التشوش الفكري وانعدام الرؤية الذي وصلت إليه أفكار هذه الجماعة الضالة، والتي تثبت كل يوم بمثل هذه التصريحات الغريبة عن روح الشريعة عمالتها لأعداء الإسلام، إذ تتسق أفعالها وأقوالها مع الهدف الذي تسعى إليه الحركة الصهيونية، والمتمثل في زرع فوبيا الإسلام لدي الرأي العام الغربي، الذي لا يعرف الكثير عن الشريعة الإسلامية وأحكامها، ودورنا هنا أن نرد ولا نسكت لكيلا يتوهم أهل الباطل أنهم على حق.
&
التعليقات