ربى كبّارة


انقضى العام 2014 على وقع مرونة داخلية، إسلامية ومسيحية، اقتضتها معطيات اقليمية ودولية تجلّت في مواقف دول مؤثرة في توازنات المنطقة، عبر عنها رسميوها او سفراؤها. ويوحي هذا التقاطع الاقليمي-الدولي بان الحوار، الذي انطلق بين «تيار المستقبل» و»حزب الله» والذي هو على وشك الانطلاق بين «التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»، لن يتوقف قريبا حتى وان لم يؤد الى نتائج عملية بشان حلّ الملفات العالقة وأولها ملف الشغور الرئاسي.

ففي توقيت مناسب تقاطعت، وفق سياسي سيادي مخضرم، الحاجة الداخلية مع التطلعات الاقليمية والدولية رغم عدم حلّ اي من الملفات الخلافية التي ستنتقل من العام الماضي، الذي تميز بالحوار بين ايران والغرب على ملفها النووي، الى العام الذي يبدأ اليوم. وتتنوع هذه الملفات ، بدءاً من الشغور الرئاسي وصولاً الى ملفات العسكريين المختطفين والنفايات الصلبة وسلسلة الرتب والرواتب، وأخيراً وليس آخراً الى قانون الايجارات.

فقد دفعت الحاجة الداخلية بالفرقاء المحليين إلى التفتيش عن سبل تساعدهم على الخروج من دوائر المراوحة التي باتوا شبه محكومين بها، خصوصا بعد ما تلمسوا تطورات تجّلت في حركة موفدين دفعت باتجاه الحوار ومنها زيارات وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف والموفد الرئاسي مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرانسوا جيرو ورئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني. وقد صبت هذه التحركات في اطار تصريحات سفير الولايات المتحدة دايفيد هيل الذي يجول على القيادات مروجا لفوائد الحوار، وفي اطار موقف نظيره السعودي علي عواض عسيري الذي اكد الرضى عما يتوافق عليه اللبنانيون من دون ان يستبعد ملء الشغور الرئاسي خلال شهرين. وكذلك موقف الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة ديريك بلامبلي الذي يضاف الى الموقف الرسمي المصري الاخير كما جاء على لسان وزير الخارجية سامح شكري.

اما التطلعات الاقليمية الدولية فتجلت مثلا في انتقال ملف الازمة السورية، بموافقة ضمنية اميركية، الى يد روسيا الساعية بحزم الى تحقيق انجاز ما خصوصا بعد نكستها في اوكرانيا وما ألحقه بعملتها المحلية تدهور سعر النفط. فمن المقرر ان تستضيف موسكو في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري مختلف اطياف المعارضة السورية، سواء تلك المقيمة في الخارج كالائتلاف السوري المعارض او في الداخل كهيئة التنسيق....، للتوافق على حل سياسي يطرح لاحقا مع ممثلين عن النظام ويستند وفق المعلومات المسربة الى جنيف واحد، وجنيف2 الذي انعقد برعاية اميركية من دون ان يتوصل الى نتائج.

ويتوقع المصدر ان الحوار المحلي، ورغم عدم توصله الى اية نتائج باستثناء تنفيس الاحتقان وكسر الجليد سواء بين السنة والشيعة او بين القوى المسيحية الاساسية، سيستمر للاشهر المقبلة ولن يتوقف لان الرهانات الاقليمية والدولية عليه تضعه في مصاف «الحاجة الاقليمة». فبرأيه يشكل مثلا الحوار بين «تيار المستقبل« و«حزب الله« تجربة «حوار غير مباشر» تريد منها القوى الخارجية التي تدعمها ان تشكل، في حال نجاحها، مقدمة لحوار ايراني سعودي. كما يتوقع المصدر ان يؤدي نجاحها الى انسحاب التوافق السعودي-الايراني في لبنان الى مناطق ما زالت موضع اشتباك لهما مثل اليمن أو البحرين أو دول خليجية أخرى.

وأتى الموقف الاخير للرئيس الاميركي باراك اوباما تتويجا للمعطيات الاقليمية والدولية التي صبت في مصلحة الحوار الداخلي إذ رأى أن أمام الجمهورية الإسلامية «فرصة للتصالح مع العالم» وأن نجاحها كقوة اقليمية بالتزامها المعايير والقواعد الدولية.

&

&

&

&