علي سعد الموسى

في الليلة الأخيرة من شهر نوفمبر، من العام الماضي، قال جلالة الملك عبدالله الثاني، عاهل الأردن بالحرف: إن الحرب على الإرهاب هي بالضرورة القصوى حرب يجب أن تبدأ من داخل الإسلام.. انتهى. جملة شجاعة من قائد شجاع. وبالطبع فهو يعني مباشرة أن بداخل الخطاب الإسلامي وقودا هائلا من أدبيات الإرهاب والعنف التي شوهت سماحة واعتدال ورحمة هذا الدين العظيم مثلما يريد أن يقول إن المجتمع العالمي من حولنا لا زال يجاملنا عندما يقول إن الحرب ضد الإرهاب هي حرب ضد "الإرهاب" نفسه لا ضد الديانة.

لكن زعماء هذا العالم لن يستمروا إلى الأبد في هذه المجاملة التي تفصل الدين عن الإرهاب، لأن المزيد من الضحايا من شعوب الغرب والشرق لن تسمح بعد اليوم بهوامش من المناورة السياسية وخطابات المجاملة والترضية.


هنا يبدأ السؤال، بل جملة الأسئلة: من أي بيئة خرج إلينا الشقيقان، سعيد وشريف كواشي، وتحت أي خطاب جاءا إلينا ونحن نتفرج على كل تلفزيونات الكون الإخبارية وهي تقرن هذين الاسمين باسم هذا الدين العظيم في أكبر وأضخم عملية تشويه لصورته منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ كيف حوّل هذان الشقيقان حياة ثمانية ملايين مسلم على الأرض الفرنسية إلى حالة من الانكفاء والهلع والخوف، لأنهما وبكل وضوح وصراحة: حالة حصار لإرهابيين اثنين في منزل في شمال شرق فرنسا، ولكنها أيضا، وبالبرهان، حالة حصار للإسلام والمسلمين في الأراضي الفرنسية، ويؤسفني جدا، أن رئيس المركز الإسلامي في فرنسا يقول على شاشة "العربية": إن أعداد المصلين الذين ذهبوا لصلاة جمعة "الأمس" هم ربع المسلمين الذين ذهبوا لذات المساجد في جمعة سابقة.


الخلاصة، أن الأخوين، سعيد وشريف كواشي يبعثان رسالة جوهرية إلى كل غيور على هذا الدين العظيم. نحن بحاجة إلى ثورة هائلة في الخطاب الديني تنقذ هذا "الإسلام" من هذه الصورة العبثية.


الخلاصة الأخيرة: يجب أن نعترف أننا أصبحنا خطرا محدقا حتميا على هذا العالم، وأن هذا العالم لن يتحمل مزيدا من خطابات المناورة السياسية وجمل الترضية.