& يوسف الكويليت


في الحرب الباردة بين دول الأطلسي والكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفياتي كان السباق محموماً على كسب دول العام الثالث في خدمة مشاريعهما المختلفة داخل المنظمات العالمية، غير أن كاتبين أمريكيين فضحا السلوك لسياسة بلدهما في كتاب انتشر بشكل كبير وأثار ضجة كبرى بعنوان «الأمريكي القبيح»، غير أن النموذج الإرهابي للخارجين عن نواميس وسماحة الإسلام جعلوه مكروهاً ومتهماً بكل ما تراه أحزاب وقوى مختلفة وخاصة في أوروبا وأمريكا إذ لم نكتف بردود الأفعال التي صاحبت (11) سبتمبر حتى نشهد الصورة الأسوأ للقاعدة وداعش وبقية التنظيمات الإرهابية ليواجه المسلمون والعرب في المهاجر العالمية حملة هائلة جرت معها مظاهرات في ألمانيا لحماية الهوية الدينية ضد الأسلمة، وكذلك إحراق مساجد في السويد، ومراقبات لكل طالب لجوء سياسي أو هجرة في بلدان أخرى..

لدينا رصيد هائل من الرجال الناجحين وكذلك النساء في تلك البلدان وصل بعضهم إلى مراكز في تلك الدول، تجار وعلماء وأطباء وغيرهم، وهؤلاء ساهموا في مختلف ميادين العمل بمن فيهم من يقوم بدور أساتذة الجامعات والكتاب في الصحف الشهيرة، لكن رغم تميز كل هؤلاء، ومعهم المسالمون الذين وجدوا في بلدانهم الجديدة حقوقاً تفوق ما عرفوه في بلدانهم نجد أن هناك نماذج شاذة استطاعت أن تلغي تلك الأدوار الكبيرة للغالبية العظمى من المسلمين بفعل إجرامي، لتنقل عدوى ما يجري في بلدان الفوضى الإسلامية من البعض وكأنه ولي مطلق لتطهير المجتمعات، والحكم عليها بالكفر وضرورة إباحة دمائها وتدمير ممتلكاتها، والمشكل أن المواطن المستفز الذي يرى أن أمنه مستباح، وفي حالة غضب، أن يشمل الاتهام والعداء كل مسلم على الرغم من وجود أكثريات من المواطنين الأوروبيين من يقاوم النزعة العنصرية، أو أخذ المسالم بجريرة المعتدي..

هناك دول استضافت جاليات إسلامية كبيرة، سمحت قوانينها ودساتيرها ببناء المساجد وممارسة الشعائر، واحترام المناسبات الإسلامية بما فيها التهنئة بالأعياد ورمضان وغيرهما من قبل رؤساء دول ورجال دين مسيحي، في الوقت الذي لا نبادلهم نفس التحيات والتي لا تضرّ بنا، وإنما تقيم علاقة ود بدأها الإسلام أثناء انتشاره وحضارته في حماية هؤلاء وكنائسهم ومعابدهم..

وبعيداً عن جدليات التاريخ حين غزا المسلمون بلاداً أوروبية، أو استعمار الغرب لهم، فإنها أحداث ماضية لا يُبنى عليها مستقبل العلاقات المختلفة غير أن البعض من المسلمين، كأمر مؤسف يحاول تكريس هذه العداوات وتأصيلها بناء على ذلك الموروث بينما لم نقدم منجزاً علمياً أو صحياً مساوياً تجسّد في حياتنا كإنجازات عمت البشرية، ونحن هنا لا نريد تغييب الفوارق الثقافية والاجتماعية بيننا وبينهم، وهي نفسها التي تميز غيرنا عنا في الشرق والغرب والشمال والجنوب، غير أن العالم الذي ارتبط بمواثيق ومعاهدات ومصالح عليا فرضت نفسها جعلته متداخل المصالح، وأن العداوات لا شأن لها بقانون المنافع المتبادلة..

صورة المسلم الجديد وصلت إلى أسوأ مراحل حياته، ولذلك هل نشهد من المسلمين بكافة طوائفهم وقفة أخرى تختلف عن خلافاتهم بعقد اجتماعات دورية مع جماعات التأثير الإعلامي، والنشاطات الأخرى في البلدان التي تتواجد فيها أقليات مسلمة بإدارة حوارات ولقاءات مع كافة القوى الدينية والسياسية من أجل إيقاف تنامي العداوات، ولنقرّ عقداً عاماً بإدانة أي عمل ينتهك حقوق الإنسان أو أي اعتداء حتى نفرز ما في سلوكنا ما بين الطبيعي، وغير السوي الإرهابي وتنوعاته؟!
&