&

&يوسف المحيميد

&رحل عبدالله بن عبدالعزيز، رحل الرجل الذي استطاع أن يوازن بين الداخل والخارج، كان قائداً شجاعاً وملهماً، امتلك «كاريزما» خاصة، جعلته يقف مع مصر وقفة قائد شجاع؛ لتعود إلى استقرارها، وجعلته يعيد ترتيب البيت الخليجي بحكمة، بعد أن نال الشتات منه لسنوات؛ فأحبته شعوب الخليج، والشعوب العربية، كما شعبه؛ فأصبح زعيماً يتفق عليه العالم أجمع!

رحل القائد صاحب العبارات الشهيرة، النابعة من القلب «أنا بدونكم لا شيء، بدون الشعب السعودي أنا لا شيء، أنا فرد منكم وإليكم، وأستعين بالله ثم بكم»، ومقولته الأثيرة «يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم وأستمد قوتي من الله ثم منكم، فلا تنسوني من دعواتكم». كان يستمد قوته وعزمه من الله سبحانه، ومن شعبه..

لم تكن كلماته العفوية العميقة تلك غير مقرونة بالعمل الجاد، فقد نقل البلاد في سنوات تسع نقلة كبيرة، في التعليم والصحة، والنقل والرياضة، فتح باب الابتعاث واسعاً للجميع؛ حتى لا تكاد تجد بيتاً ليس فيه مبتعث، وأنشأ الجامعات حتى بلغت ثمانياً وعشرين جامعة، من بينها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بقدراتها البحثية والعلمية الفريدة، وغير ذلك من المدن الطبية والصناعية والرياضية، وشبكات الطرق البرية والحديدية.

رحل القائد الفذ، الذي منح المرأة الكثير؛ لأنه أمن بها وبقدراتها، وأنها جزء من المجتمع، حينما قال: «المرأة هي أمي، وأختي، وابنتي، ومنها خُلقت». فأدخلها مجلس الشورى لأول مرة، ولم يفعل ذلك صورياً، بصوت أو صوتين، بل أدخل ثلاثين صوتاً للمجلس، تبث للجميع قيمتها ودورها في موضوعات المجلس وقراراته.

رحل القائد المخلص، الذي خاطب الوزراء بكلماته المؤثرة: «أرجوكم قابلوا الشعب، كبيرهم وصغيرهم، كأنهم أنا». ويضيف «أطلب من الوزراء أن يؤدوا واجبهم بإخلاص وأمانة، ويضعوا الله عز وجل بين أعينهم». ولم يكن يزخرف القول، أو ينمقه، بل كانت كلماته من القلب إلى القلب، وليست مجرد كلمات، بل يمنح الوزراء كافة الصلاحيات، التي جعلت التجارة تمتلك سلطة مطلقة على السوق والتجار، في خدمة المواطن، وجعلت العدل تلغي صكوكاً بالمليارات إلى أملاك الدولة، كيف لا وهو من أعلن ملاحقة الفساد!

رحم الله عبدالله بن عبدالعزيز، وغفر له، وأسكنه الجنة. وخالص العزاء للشعب السعودي الكريم، وللأسرة المالكة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز، اللذان نتمنى لهما التوفيق والسداد، في مسيرة النماء والعطاء، والتقدم لهذا الوطن العظيم.
&