أيمـن الـحـمـاد

المملكة بوصفها قلب العالم الإسلامي، وحاضنة وخادمة مقدساته، والفاعل الرئيسي والمؤثر الإيجابي في قضاياه، تعمل على تعزيز واستعادة روح الوحدة والتضامن الإسلامي الذي يشهد عالمه اليوم تقلبات وتحولات عنيفة وتاريخية، وحملة تشويه وتطييف وتمذهب تقودها بعض الدول لتكريس التحزب والفرقة من أجل تسيّد المشهد السياسي في وقت يرى المسلمون اليوم من يخدم القضايا الإسلامية، ومَن يوغل في تأزيمها.

تعزز المملكة من قوة العالم الإسلامي من خلال توطيد وتوثيق عرى التعاون بين دوله، فكانت زيارة وزير الخارجية عادل الجبير إلى ثلاث دول تشكل العمق الاستراتيجي للعالم الإسلامي وهي تركيا وأندونيسيا وماليزيا، هذه الدول تحتضن أكبر تجمع للمسلمين، كما أنها تقع في منطقة مصالح استراتيجية على المستوى السياسي والاقتصادي، وهذا ما يجعل المملكة مصرة على تعزيز وتقوية وترميم ما يطرأ على العلاقات بين الدول الإسلامية، إيماناً منها بحيوية وقدرة دول العالم الإسلامي على التأثير في القرار الدولي، فتركيا مثلاً على المستوى العسكري هي ثاني قوة في حلف الناتو، كما أن أندونيسيا وماليزيا من أهم اقتصادات آسيا، وعضوان فعالان في منظمتيْ آسيان، والتعاون الاقتصادي لدول آسيا – الباسفيك، وكل تلك الدول أعضاء في مجموعة العشرين.

ومن هذا المنطلق تعمل المملكة لأجل الاستفادة من هذا الثقل الاستراتيجي، وتفعيله لمصلحة دول العالم الإسلامي وخدمة المنتمين إليه.

إن العالم اليوم يحترم لغة القوة والتحالف، وإننا نرى بأم أعيننا كيف تتحمل وتتحامل دول مثل فرنسا وألمانيا من أجل تماسك الاتحاد الأوروبي وعدم انفراط عقده، لأنهما تدركان أن ذلك يعني تراجعه وضعفه.

وتعمل المملكة والدول الكبرى في العالم الإسلامي على تنحية الأصوات التي تسعى إلى زعامة أو تسيّد المشهد، والبحث عن دور إقليمي، وإن كان ذلك سينعكس سلباً على بلادها وسمعتها واقتصادها.

تأخذ المملكة بزمام المبادرة وتواجه استحقاقات المنطقة بكل عقل وإنصاف ومسؤولية فهي تدرك أن قوة العالم الإسلامي ستنعكس إيجاباً عليها وعلى المنطقة بشكل عام، وليس من مصلحتها أن تتجه الأوضاع إلى التوتر أو الصدام، كما أن عقيدة أو مبدأ العمل السياسي السعودي المستمد من ثقافة الدين الإسلامي الذي يحث على جمع الكلمة والاتحاد ونبذ الفرقة والانقسام، يحظى بدعم دول المنطقة التي ترى فيما تطرحه المملكة بناءً وإيجابياً بعيداً عن روح الاستقطاب والتجييش والتأزيم.