إميل أمين

هل أضحى اللاجئون العرب في أوروبا وأميركا كبش فداء وضحايا على الجانبين، الإرهابيين من جهة واليمينيين من الناحية الأخرى؟
كان الحديث من قبل عن احتمال أن يكون بين اللاجئين عدد من الإرهابيين الذين يعمدون إلى التسلل إلى الداخل الأوروبي بهدف إلحاق الضرر بالقارة مهد التنوير، فيما الحال الآن بات هو أن كل اللاجئين هم مشاريع إرهابيين، ولم يعد الأمر سرًا بعد، فقد باتت المعادلة الحاكمة «تساوي بين الإسلام والإرهاب».


يسأل أحد الألمان عبر تغريدة له على «تويتر»، وزير العدل هايكو ماس، بالقول: «هل صورة المسلمين بالنسبة للوزير أهم من أمن مواطنيه؟ والسؤال بدا وكأنه عقاب للرجل على تغريدة سابقة قال فيها «إنه لا ينبغي لأحد أن يستغل هجمات باريس للتحريض على اللاجئين أو المسلمين المسالمين في بلادنا».


هل أوضاع اللاجئين «المحتملين» في الولايات المتحدة أفضل حالاً؟
بل أسوأ، فواشنطن التي تخطط لاستقبال عشرة آلاف لاجئ في السنوات القادمة أضحت إدارتها السياسية في مأزق بعد أن رفض حكام 26 ولاية استقبال لاجئين ووافقت 7 ولايات فقط حتى الساعة، والحجة والذريعة أننا لا نريد مزيدًا من الإرهابيين حتى لو كانوا «من الأطفال أو الأيتام، من الأرامل والمجروحين في كرامتهم».. مثلما أعلن حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي.
الصيغة التي تحدث بها رئيس مجلس النواب الأميركي الجديد، بول رايان، لا تنم عن ملامح إنسانية بل هي أعلى درجات الأنانية والنرجسية غير المستنيرة، إذ يدعو إلى وقف خطط استقبال اللاجئين السوريين، معتبرا أنه «من الأفضل أن تكون آمنًا بدلاً من أن تأسف».


أزمة اللاجئين في أميركا تكاد تصب الزيت على النار وتهيئ الأجواء لفتنة دينية.. هل أتتك تصريحات المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية 2016، جيب بوش، في مقابلة له مع محطة «إن بي سي» التلفزيونية؟
يذهب الرجل إلى أن المعيار الديني يجب أن يكون عاملاً حاسمًا في التمييز بين اللاجئين، وحجته أن المسيحيين السوريين هم الأجدر بالمساعدة.. هل الأمر حق يراد به باطل؟
نعم، يحتاج مسيحيو الشرق في بلاد الشام لغوث ومدد سريعين، لكن: هل تتوقف الآلام عندهم وهل النيران لا تمسك بتلابيب ملايين المسلمين الأبرياء من الإرهاب ما بين سوريا والعراق وبقية أرجاء المنطقة؟ ثم من كان الأصل في الدمار والخراب الذي لحق بسكان المنطقة مسيحيين ومسلمين؟
ألم تكن السياسات الغربية من وعد بلفور حتى الآن، وهذا ما أوضحته وزيرة الخارجية السويدية ووستروم بجلاء يهتك ستر الظلام؟
خيرًا فعل الرئيس أوباما هذه المرة، عندما ندد بما سماه القرارات المبنية على الجنون أو تضخيم الأخطار الأمنية التي يشكلها اللاجئون السوريون.


هل النظر إلى اللاجئين بوصفهم إرهابيين يخدم الأمن والسلم الدوليين، أم أنه يعطي لـ«داعش» وأندادها فرصة للنمو واستقطاب متطرفين جدد؟
المؤكد أن «داعش» تنظر إلى اللاجئين نظرة متدنية بوصفهم «هاربين» من جنة الخلافة الإسلامية الموعودة. وعليه، فإنه يصب في صالح البغدادي أن يلقى هؤلاء العنت والرفض من دول الغرب ليعودوا من جديد إلى دائرة الكراهية والموت الداعشيين.


هل انطفأت أنوار الإنسانية في قلوب الأوروبيين؟ إلا قليلا، يمكن الحسم.. «ليس هناك ديانة في مأمن من خطر الانحرافات المتطرفة» هكذا ارتفع صوت البابا فرانسيس الشهر الماضي.
هل أوروبا أمام مفصل تاريخي واختبار حقيقي وجوهري لأصالة مشروعها التنويري؟
الجواب يتصل بمقدرتها على تجاوز ألم الجرح الراهن وملامح آلياتها في المواءمة بين الحريات التي آمنت بها وحقها في تأمين أبنائها وهو حق لا ينكره أحد عليها.


العثور على الإبر قبل أن تزرع في أكوام التبن أمر لا يبرر أبدًا إحراق تلك الأكوام اليوم أو في المستقبل.
&