مصر:&الوجوه المتلونة وجدت طريقها إلى البرلمان الأول بعد ثورة 30 يونيو… ومصر أصبحت محكومة بعدة رؤوس، وليس واحدا


حسنين كروم
&

&امتلأت الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد بالكثير من الموضوعات والأخبار المهمة، التي ركز عليها المسؤولون والإعلام، لكن الأغلبية لم تولِها الاهتمام نفسه، إن لم نقل أنها لم تهتم بها إطلاقا، استمرارا لحالة عزوفها، منذ مدة، عن القضايا السياسية.


وإذا اهتمت بقضية بسبب سخونتها فإنها سرعان ما تفقد رغبتها في متابعتها، أو الحماسة لها مثل، قضية إذاعة تسجيلات لعضو مجلس النواب والمخرج السينمائي خالد يوسف، التي أحدثت صدمة وموجة غضب عنيفة في البداية، ثم فقدت الأغلبية اهتمامها بها، رغم استمرار الكثير من الزملاء في الصحف في إثارتها. والوحيد من الناس العاديين الذين تأثروا بها هو صديق لزميلنا الرسام في «أخبار اليوم» هاني شمس المشرف على ملحق «النهاردة إجازة» كل سبت إذ كان في زيارة له أثناء حضور أحد المذيعين للتقدم لخطبة ابنته فقال له:


- يا بني أنت صحيح مذيع معروف بس ما أقدرش أجوزك بنتي غير لما تجيب شهادة حسن سير وسلوك إعلامي.


كذلك رغم الاهتمام الواسع من قبل المسؤولين بالتقرير البريطاني حول الإخوان، إلا أن الأغلبية لم تهتم به، ولا بما سبق نشره عن الانشقاقات بينهم، أو تهديداتهم بثورة جديدة في يناير/كانون الثاني. وحتى مجلس النواب والمعارك المشتعلة حوله خاصة تشكيل ائتلاف «دعم الدولة المصرية» والهجمات التي يتعرض لها، سواء في الصحف القومية التي تنافس الخاصة في الهجوم عليه والتحذير منه، أو التي يشنها خفيف الظل رجل الأعمال نجيب ساويرس مؤسس حزب «المصريين الأحرار»، وتعمده تكرار وصف أعضائه بالخرفان، لم تجتذب الاهتمام، ولن يحدث اهتمام شعبي حقيقي بالمجلس إلا بعد الانتهاء من انتخاب الرئيس والوكيلين ورؤساء اللجان، وتعيين الرئيس الثمانية والعشرين عضوا، وبدء جلسة الافتتاح وبعدها بدء مناقشة برنامج حكومة شريف إسماعيل، وما سيقدمه الأعضاء. ومن الواضح أن حزب «المصريين الأحرار» يخطط لأن يبدو أمام الشعب بأنه معارضة حقيقية لا مستأنسة، حتى يحرج الوفد بالذات، وأتوقع أن يؤدي ذلك إلى تردد الوفد في تقديم الدعم الكافي للحكومة، خوفا من اتهام قيادته أمام أعضائه بالخضوع لنظام وإدراجهم تحت بند «الخرفان».


أما القضايا الأكثر إثارة لاهتمامات الأغلبية فكانت أزمة أولتراس الأهلي والاحتفال بالمولد النبوي الشريف يوم الأربعاء المقبل، وهو يوم إجازة رسمية، وستليه احتفالات أعياد الميلاد لإخواننا المسيحيين غير الأرثوذكس في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، واستعدادات الأمن بتأمين الكنائس، ويليه احتفالات رأس السنة الميلادية، ثم عيد الميلاد لإخواننا الأرثوذكس في السابع من يناير/كانون الثاني المقبل، وهو يوم إجازة رسمية أيضا.


كما يتواصل اهتمام الأغلبية بإجازة نصف السنة للطلاب وعروض شركات السياحة المخفضة في الأقصر وأسوان وشرم الشيخ، ومتابعة طرح وزارة التموين ومنافذ الجيش طرح اللحوم والدواجن والخضراوات بأسعار مخفضة. أما رجال الأعمال فاهتماماتهم منحصرة في استمرار الحكومة في التجاوب معهم، وحل مشاكل الطاقة والكهرباء وبحزمة الاستثمارات السعودية الضخمة وتوقع الإجراءات التي ستتخذها لخفض عجز الموازنة.


وواصلت الصحف المصرية الاهتمام بالمؤتمر الصحافي الذي عقده السفير السعودي أحمد قطان، ورفض المحكمة الإدارية العليا الموافقة على طلب إنشاء حزب شيعي باسم حزب التحرير، تقدم به الإخواني السابق والكاتب وأستاذ المسالك البولية الدكتور أحمد راسم النفيس، كما قررت مديرية الأوقاف في الإسكندرية منع ياسر برهامي، نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية التي خرج منها حزب «النور»، من الخطابة وإلقاء الدروس والإعداد لإجراءات مشابهة مع قادة الجمعية، ردا على قيام أعضائها في العامرية منع إمام وخطيب الوزارة من خطبة الجمعة في مسجد أولياء الرحمن. وأفسحت الصحف مجالا لأخبار استقبال الرئيس السيسي أسرتي الشهيدين الشحات فتحي شتا، ومحمد أمين شويقة. وقرار مجلس الأمن بشأن سوريا، ووفاة عميد الجراحين المصريين ووزير الصحة الأسبق الدكتور إبراهيم بدران، وبوفاته نكون قد فقدنا علما من أعلام الطب والأخلاق معا وإنا لله وإنا إليه راجعون. وإلى بعض مما عندنا….


السياسة ينظفها أو يدنسها من يزاولها ويتعامل بها


ونبدأ بأبرز ما نشر عن مجلس النواب، حيث حصل حزب النور على اثني عشر مقعدا فقط، ما دعا البعض إلى مطالبته بالانسحاب من العمل السياسي، والاكتفاء بالعمل الدعوي، وهو ما رفضه القيادي في الحزب أحمد الشحات، في مقال له يوم الجمعة في جريدة «الفتح» لسان حال جمعية الدعوة السلفية، لأن معركة الانتخابات شهدت تحقيق مكاسب لا بأس بها قال عنها: «لماذا يصر حزب النور على البقاء في المشهد السياسي حتى الآن، رغم ضبابية صورة المستقبل؟ والإجابة: أن حزب النور لديه مشروع سياسي جديد. ليس جديدا بمعنى أنه مخترع، ولكنه لون مختلف عن الأطياف السياسية الموجودة، الإسلامية منها وغير الإسلامية. هذا اللون يسعى بقوة ليحفر لنفسه خندقا ثابتا يبرهن فيه للدنيا أنه ثمة ممارسة سياسية نظيفة، وأنه ليس شرطا أن تتخلى عن مبادئك لكي تنجح في المنافسة السياسية، وأن السياسة في ذاتها بريئة من تهمة القذارة والحقارة وغيرها، إنما ينظفها أو يدنسها من يزاولها ويتعامل بها. ومن هنا يسعى حزب النور لخلق نوع جديد من الممارسة السياسية القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية، التي لا ترى تعارضا بين أن يكون السياسي محترفا وماهرا، وان يكون خلوقا ومنضبطا. الحزب لديه مشروع إصلاحي كبير ويسعى لإيجاد نموذج جديد ومختلف في الممارسة السياسية، ويرى ذلك واجبا دينيا ومهمة شرعية لا يمكنه التخلي عنها، ولكنه في المقابل يدرك أثر تغير موازين القوى في القدرة على التسويق لهذا النموذج، ويدرك أيضا مدى التخبط والاهتزاز الذي لحق بالممارسة السياسية خلال الخمس سنوات الأخيرة».
«حناخد كام شاكب راكب وأيه


مميزات العضوية في السلع التموينية؟»


أما زميلنا خفيف الظل في «أخبار اليوم» محمد عمر فقد أخبرنا يوم السبت، أنه حائر بالفعل عن ماذا يقول عن أعضاء المجلس ومصائبهم وعدد بعضها قائلا: «أكتب عن الحالة الاستعراضية المسرحية والمرضية التي أصابت بعض الأعضاء «مبكرا» وصورت لهم أنهم «سادة قريش الجدد»، الذين اجتمعوا وهددوا وأنذروا الحكومة بالويل والثبور، لأن وزيرا فيها تجرأ وتطاول وأقال أمين عام مجلس النواب، من دون أخذ رأيهم أو بدون علمهم؟ أم أكتب عن النواب الذين أعلنوا بإرادتهم الحرة و»على بلاطة» أنهم سيكونون «شخشيخة» في يد غيرهم تحت مسمى ائتلاف «دعم الدولة» ولم يتورعوا أو حتى «ينكسفوا» أن يوقعوا «وثيقة ولاء» تؤكد أنهم لن «ينشوا ويهشوا» طوال فترة عضويتهم وسيكونون «بوقا» أو صدى صوت لذلك الائتلاف.
وحينما تسألهم عن برنامج هذا الائتلاف أو رؤيته التي سيساندونها يقولون لك ما «قالولناش حاجــــة» أمـــوت أنا في أدب القرود؟ أم أكتب لك أن أول سؤال سأله النواب الجدد لموظفي المجلس كان « حناخد كام شاكب راكب وأيه مميزات العضوية في السلع التموينية؟» أم أكتب عمن أتي بكل هؤلاء «منه لله» ليكونوا ممثلين عن الشعب؟ أقول لك مش ح اكتب حاجة خالص فهل للكتابة بعد ده كله معنى؟ أشك يبقى السكوت أفضل».


الانتخابات كشفت قوة المال السياسي وشراء الأصوات


وفي «أهرام» يوم السبت نفسه فسر له زميله محمد الأنور الحقيقة بأن قال: «جلسات البرلمان الأولى تبدأ خلال أيام، ومن دون الخوض فى تفصيلات ما قبل الاستحقاق الثالث والأخير من خريطة المستقبل، لابد من التأكيد على أن الانتخابات الأخيرة، رغم انها كانت نزيهة بشهادة الجميع داخليا وخارجيا، ودور الدولة وأجهزتها لم يكن إلا إشرافيا، إلا انها كشفت قوة المال السياسي وشراء الأصوات، كما أنها أعادت وجوها كثيرة ارتبطت بفترة حكم مبارك، وكانت فى الصفوف الثانية أو الثالثة من هذا النظام، الذي كان إنجازه الحقيقي تنمية الفقر وشرعنة الإخوان ومأسسة الفساد، وهو ما يصيب دستورية المجلس في مقتل، بل إن الوجوه المتلونة وجدت طريقها بصيغة أو بأخرى إلى مقاعد البرلمان الأول بعد ثورة 30 يونيو/حزيران.


وأصبحنا نرى الكثير من الأقزام والمتسلقين والمتلونين وورثة الفاسدين والمفسدين يتشدقون بأنهم مفجرو الثورة، ومازال الحبل على الجرار بشأن كثيرين بجانب من نسوا أنفسهم وتجاوزوا كافة الخطوط، عبر مهاجمة رأس الدولة التي أجمع الشعب والجميع على اختياره، على أي الأحوال، فإن المتابع المراقب لا يجد أمامه إلا التعجب والانزعاج والقلق من هؤلاء الذين ارتدوا أثواب البطولة والوطنية وجردوها عن الشعب، لأنهم هم الشعب، وتناسوا أنهم أهم الأسباب الرئيسية للإحجام الشعبى عن المشاركة فى الانتخابات، بجانب أن الشعب المصري بطبعه وطبيعته يميل إلى وحدة الاختيار والمسؤولية والمحاسبة، وهو ما ترجمه فؤ الانتخابات التؤ أسفرت عن اختيار الرئيس عبدالفتاح السيسى، هذا المشهد العبثى لا يمنع من وجود شخصيات وطنية رفيعة المستوى تدرك وتعؤ خطورة المرحلة، وما يواجهه الوطن، وهذه الأخيرة ستكون مصدا أمام أصحاب المصالح الخاصة والمآرب الأخرى المعروف تاريخهم، لقد كنا نتمنى أن يكون الحال بخلاف ذلك، ولكن ما حدث كشف عمق الفجوة بين مطالب البسطاء والمخاطر التي يواجهها الوطن من ناحية، وشبق البعض للسلطة والتستر على الإفساد، ورغم ذلك نتمنى أن يكون البرلمان ساحة للتوافق والاتفاق أساسها المصلحة العليا للوطن لا ساحة للفتن والصراعات التي تعطل ولا تنجز، تهدم ولا تبني وهو بيت القصيد لكثيرين متربصين بالبلد..».


استنساخ برلمانات مبارك


أما زميلنا وصديقنا في «الأهرام» نقيب الصحافيين الأسبق مكرم محمد أحمد فقد صب غضبه في عموده اليومي «نقطة نور» على ائتلاف «دعم الدولة» والتحذير من خطورته بقوله: «قد يكون صحيحا أن فكرة تشكيل ائتلاف برلماني أوسع من حجم قائمة «في حب مصر» عمل قانوني سليم، يصعب الطعن عليه، لأن الائتلافات الحزبية والبرلمانية حق قانوني راسخ ومشروع، سواء كانت لصالح الموالاة أو المعارضة، لكن تشكيل مثل هذا الائتلاف في ظروفنا الراهنة يشكل خطأ بالغا، وربما يمثل خطرا حقيقيا على تجربة ديمقراطية وليدة، تتعرض في مهدها لعملية وأد متعمد بنوع من اسفكسيا الخنق! بسبب الآلية الميكانيكية التي يمكن أن تلجأ إليها الأغلبية في عملها البرلماني، التي يمكن أن تقتل كل مبادرة إصلاح حقيقية لا تروق للسلطة التنفيذية! لنعود مرة أخرى إلى استنساخ برلمانات مبارك».


دعم الدولة أم دعم الفقراء؟


أما سليمان الحكيم فقد كتب في «المصري اليوم» رأيه في ائتلاف «دعم الدولة المصرية» قائلا: «كان شارل ديغول صاحب تعبير «أنا الدولة»، بعد أن أسس للجمهورية الخامسة في فرنسا، في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ثم ذهب ديغول، وبقيت الجمهورية. ودامت الدولة، ولم تنزوِ بزوال حكم ديغول. وثبت للجميع أن الدولة شيء أكبر من ديغول. وأبقى من أي رئيس أو زعيم حتى لو كان هو «الأب المؤسس». رغم أن السيسي لم يقل أنا الدولة. كما قالها ديغول، ولا يقبل أن يكون. إلا أن هناك من يسعى إلى توحد الدولة برئيسها وصولا إلى «دولة الرئيس»، وليست دولة المؤسسات. فإذا اختلفت مع الرئيس، فأنت إذن مختلف مع الدولة. وإذا اعترضت بعض مواقفه أو قراراته، فأنت معترض على الدولة، وما نراه هذه الأيام من محاولات لتشكيل ائتلاف برلماني تحت اسم «دعم الدولة» هو في حقيقته محاولات واضحة ومكشوفة لدعم الرئيس السيسي، تتستر باسم الدولة، وكأن الدولة هي الرئيس، والرئيس هو الدولة، رغم أن الدولة هي دولة المؤسسات، وليست دولة الشخص، حتى لو كان هو الرئيس. فإذا نجح هذا الائتلاف في الظهور إلى العلن، تحت قبة البرلمان، فلن يكون ذلك سوى كيان يرسخ لما يمكن أن نسميه «الاستبداد الديمقراطي»- أي أنه الاستبداد الذي يأخذ الديمقراطية شكلا، وهو ما كان عليه نظام مبارك الذي حكم مستبدا ومنفردا، تحت مظلة حزب اسمه الوطني الديمقراطي. بينما كان في جوهره أبعد ما يكون عن الوطنية والديمقراطية، وإلا ما كانت هناك حاجة للثورة في يناير/كانون الثاني على حكم وطني وديمقراطي بحق! لن نتحدث عن الشرعية الدستورية أو القانونية لمثل هذا الكيان المسخ. ولن نذكر شــــيئا عن التفــــاف أصحابه على إرادة الشعب الذي انتخبهم، ولم يكن في برامجهم الذي جرى العقد على أساسها أي إشارة لدعم من أي نوع. حتى لو كان دعم الفقراء والكادحين، رغم أن أكثرهم من الأثرياء الذين عبروا إلى البهو الفرعوني، عبر بوابة المال السياسي. ودعونا نسأل هؤلاء- أصحاب هذا الكيان المختلق: من الأولى بدعمكم، الدولة التي تقف بكل قوتها وانحيازاتها وقوانينها مع دعم رجال المال والأعمال، أم الفقراء الذين تتربص الدولة بهم، فتلغي دعم القوت الضروري لهم، وتعتبره منحة منها، وليس واجبا عليها؟ من الأولى بدعم السادة النواب: الدولة أم هو المريض الذي لا يجد سريرا في المستشفى، أم الطالب الذي لا يجد مكانا في مدرسة، أم الشاب الذي لا يجد عملا يعصمه من الانحراف والسقوط؟ إذا كنتم تريدون دعم الدولة، فادعموها بأموالكم، وليس بأصواتكم وثرثرتكم تحت القبة الشريفة. ادعموا الشعب بعلاج فقرائه وتوظيف عاطليه وتعليم جهاله! هل أدلكم على أفضل طريقة لدعم الدولة؟ أن تكفوا عن الكلام باسمها».


هل المطلوب «قص ريش» مبكر لخالد يوسف؟


لا تزال معركة عضو مجلس النواب والمخرج السينمائي خالد يوسف وزميلنا وصديقنا أحمد موسى مشتعلة، رغم بوادر تهدئة في الفضائيات، وقال عنها يوم الخميس في «المصري اليوم» أيضا زميلنا الدكتور عمرو الشوبكي: «أن تُعرض صور مشبوهة على شاشات التلفزيون، وهي خارجة على كل القيم والأعراف، يعني أن هناك جهة ما أعطت الضوء الأخضر، وربما تكون أرسلت لهذا الإعلامي هذه الصور، والسؤال: ما هي؟ وما هي مصلحتها إذا كانت من داخل الدولة؟ وهل المطلوب قص ريش مبكر لخالد يوسف؟ أم أن الموضوع له علاقة بطريقة عامة لحكم البلاد، تحرص على إبقاء صورة النخبة السياسية بهذه الطريقة شتائم وصورا بذيئة، متصورين بذلك أن هذا في صالح استقرار النظام السياسي؟ أخطر ما يمكن أن تتعرض له مصر أن يصبح هذا العار نمط حياة وطريقة حكم، لأنه سيعني أن كل الوسائل السياسية لمواجهة الخصوم والمنافسين قد استبعدت لصالح حملات التشهير والسباب التي يروجها «الرباعي المحصن» تحت سمع وبصر أجهزة الدولة».
ولأن عمرو لم يفصح عن أسماء هذا الرباعي لا يمكن لنا التطوع بالقيام بما لم يقم هو به.


صندوق الإعلاميين الفضائيين الأسود


ونغادر «الوطن» إلى «الجمهورية» في يوم السبت نفسه، وقول زميلنا السيد البابلي:


«تحولت قضية المخرج والنائب خالد يوسف إلى أهم حدث مع نهاية عام 2015، فالقضية التي تم التعامل معها على أنها فضيحة تتعلق بتحرش وصور وسيديهات، فجرت الصراع بين الإعلاميين الفضائيين لينقض كل منهم على الآخر. ويخرج من «الصندوق الأسود» ما يدين به مواقف غيره. وما يظهر تجاوزات وتناقضات الماضي ولياليه، وعلى طريقة إذا اختلف اللصوص ظهرت الحقيقة، فإن تبادل الاتهامات و«فرش الملاءة» بين الإعلاميين كشف للرأي العام حقيقة البعض منهم، من الذين يدَّعون الشرف والفضيلة، ويحاولون فرض وصايتهم وأفكارهم على المجتمع. وهذه الحقيقة كنا نعرفها وتحدثنا عنها مراراً وتكراراً عشرات المرات في تحذيرنا من الأوصياء الجدد من الإعلاميين الفضائيين ومفاهيمهم وأفكارهم، التي ستؤدي إلى تشويه المجتمع وإدخاله في منظومة من الفوضى والارتباك، لكن الحقيقة لم تصل لأحد لأن المجموعة الفضائية الإعلامية المقدسة، كانوا على قلب رجل واحد في المصلحة والتوافق، وكانت أكبر فائدة لقضية خالد يوسف هي أنها كسرت هذا التحالف، ففضحوا أنفسهم بأنفسهم!».
«الهنبكة السياسية»


ويوم السبت أشار زميلنا في «أخبار اليوم» صابر شوكت إلى الرباعي وأطلق عليهم اسما آخر وهو الأراجوزات وقال: «البعض يطلق عليهم «الرباعي المحصن»، بعد أن نجحوا في التسلل إلى البرلمان المصري.. وأصبحوا محصنين بالحصانة البرلمانية، رغم أنهم وهم عرايا من الحصانة ارتكبوا من الجرائم في حق هذا الشعب وتاريخ هذه الأمة ما يشيب له الولدان! هم نتاج 30 عاما فسادا عشناها تحت نظام مبارك، هؤلاء الرباعي يشتركون في أمور عديدة تفوقوا فيها طوال حياتهم العملية في كنف هذا النظام الفاسد، الذي أدار شؤون البلاد «بنظام الهنبكة» السياسية، لقد رضعوا لبنها وكونوا لحم أكتافهم من خير هذه «الهنبكة السياسية» التي صارت دستور حياتهم. الأراجوزات الأربعة يجمعهم أن ثلاثة منهم يشكلون الآن الرأي العام المصري. فقد التقطهم رموز فساد مبارك، ليصيروا إعلاميين في فضائياتهم الخاصة بعد ثورة يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران، التي يتحصنون بها ضد الدولة حاليا. الأراجوزات الأربعة للأسف يحضنهم «حكماء الدولة العميقة» التي تدير البلاد سراً حتى الآن منذ عهد مبارك، ويريدون استثمارهم في شغل الرأي العام، هكذا ببساطة هؤلاء الأربعة لا أحد في مصر يعرف قوتهم الخفية التي يتحصنون بها منذ عهد مبارك حتى الآن، ولكن اليوم هم يتولون بالفعل توجيه الرأي العام».
الخطابات الإعلامية مواويل ردح وفرش «الملايات»


ومن «أخبار اليوم» إلى «الوطن» ومستشارها وأستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور محمود خليل وقوله عن قضية كهذه: «ذهب البعض إلى أن أجهزة بعينها هي التي تتولى إشعال هذه المعارك، عبر وكلاء لها داخل الساحتين الإعلامية والسياسية. ولو صح هذا التفسير فمعنى ذلك أن مصر أصبحت محكومة بعدة رؤوس، وليس برأس واحد كما تعودنا عبر العقود الماضية، وأن كل رأس داخل جهاز أو مؤسسة أصبحت له أذرع إعلامية وأخرى سياسية يوظفها لخدمة أغراضه وتحقيق أهدافه التي قد تتمثل في النيل من أو تقزيم أجهزة أخرى، أو التغلغل في مساحات جديدة بما يمكن أن يترتب على ذلك من منافع ومكاسب. آخرون قالوا إن الموضوع يتعلق بالأخلاق، وأننا نعيش خلال الفترة الأخيرة أزمة أخلاق، فالخطابات الإعلامية لدينا أصبحت أقرب إلى مواويل الردح وفرش «الملايات». أياً ما كان التفسير فإن الحالة التي نعيشها تمنحنا مؤشراً على أن نهاية «تحالف 30 يونيو/حزيران» باتت وشيكة. هذا التحالف الذي تعرّض لضربة مبكرة كما ذكرت لك غير مرة عقب موجة الثورة الثانية عندما تم إخراج «الينايرجية» منه جرّاء وصف ثورتهم بالمؤامرة».


انتهاك حرمة الحياة الخاصة


أيضا قال حسن الرشيدي في العدد نفسه «الجمهورية»: «الناس أصبحت «قرفانة» مما يجري على شاشات الفضائيات، من هراء وهلوسة وفوضى وضحالة إعلامية وتبادل سباب وشتائم وردح متواصل، لا يهم المواطن بل يضر الوطن وينتهك قيم المجتمع، ويتبنى قضايا تثير الفتنة وتدفع لمزيد من الصراعات والتشرذم، في مرحلة خطيرة في عمر الوطن. حرية الرأي والتعبير مكفولة وأيضا حرمة الحياة الخاصة للمواطن مصونة بحكم الدستور والقانون، ولكن ما يحزن المرء أن بعض الإعلاميين ينتهكون حرمة الحياة الخاصة، وأيضا بعض الساسة والفنانين يستخفون بعقول الناس ويتصورون أنهم أذكي من باقي البشر. لقد تحول الإعلام إلى «عزب» تسيطر عليه «شلل» وكل شلة تدافع عن مصالحها».


مصر والسعودية


ومن بين القضايا التي اهتمت بها الصحف، العلاقة بين مصر والسعودية، وما كان ينشر عن وجود خلافات سببها تغيير المملكة سياساتها نحو مصر، بعد تولي الملك سلمان الحكم، وهو ما كانت تنفيه باستمرار بتأكيد دعمها لمصر واستمراره، رغم خلافات واضحة بسبب سوريا ثم الإخوان المسلمين، كما نشر، لكن السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان عقد مؤتمرا صحافيا بعد أن أخذ موافقة بلاده على توفير احتياجات مصر خلال السنوات الخمس المقبلة، من البترول واستثمار أكثر من عشرة مليارات دولار، وهو ما ذكر به، وأن العلاقات إستراتيجية ولا يمكن أن يؤثر فيها أي عارض أو هجوم من هنا أو هناك، لكن الجديد في كلامه هو إعادة تأكيد موقف بلاده ضد جماعة الإخوان المسلمين. هذا وقد ناقش هذه العلاقة يوم الخميس زميلنا في «الأخبار» عاطف زيدان بقوله: «وجد البعض في الإعلان السعودي تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب يضم 34 دولة من بينها مصر، فرصة لإشعال نار الفرقة بين البلدين الشقيقين، حيث اعتبره نسفا للمقترح المصري بإنشاء قوة عربية مشتركة، ومحاولة استدعاء ما يتردد عن خلاف قديم حول الوحدة على أساس قومي، دعما للتوجه الناصري أو ديني وفقا للفكر الوهابي، ولا أدري ما هي المصادر التي استند إليها المشككون. فمصر والسعودية يمثلان حتى قبل العهد الناصري حجر الأساس في إنشاء الجامعة العربية. الفارق كبير في رأيي بين تحالف إسلامي مؤقت لمحاربة الإرهاب، وإنشاء قوة عربية مشتركة دائمة للتصدي لكل ما يهدد الأمن القومي العربي، لا أحد يدعي معرفته بتفاصيل التحالف الجديد وشكله وأهدافه وآلياته حتى الآن، فقد تم تشكيله خلال ساعات لأسباب لم يكشف عنها. وتولي السعودية قيادته تمليه الظروف وطبيعة الأهداف وتكاليف تحقيقها. لكن ما أثق فيه أن هذا التحالف لا يستهدف نسف المقترح المصري بتشكيل قوة عربية مشتركة، حيث كانت المملكة من أوائل الدول العربية التي أيدت المقترح المصري والدليل إقراره في قمة شرم الشيخ، وقد أكد ذلك بشكل واضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد، عندما قال في تصريح رسمي أنه لا يوجد تعارض بين تشكيل التحالف الإسلامي العسكري والقوة العربية المشتركة. ما أرجوه أن يكف محللو الفضائيات عن إثارة العصبيات وأن يوقنوا أن علاقة مصر والسعودية الراسخة فوق الدسائس».


العلاقات المصرية ـ السعودية نابعة من حقائق بنيوية


أيضار دار مقال أستاذ العلوم السياسية ورئيس معهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية الأسبق الدكتور أحمد يوسف في يوم الخميس أيضا في «الأهرام» حول القضية ذاتها وقال: «من الحقيقي أن ثمة تبايناً بين الموقفين المصري والسعودي في ما يتعلق ببعض القضايا، كالصراع في سوريا واليمن ومسألة القوة العربية المشتركة، وأبعاد هذا التباين صارت معروفة، ولذلك فإن الأهم من تكرار الحديث عنها قياس تأثيرها المحتمل على العلاقات بين البلدين، ويساعدنا كثيراً في هذا القياس التأكيد على أن العلاقات المصرية – السعودية نابعة من حقائق بنيوية وليس من اعتبارات شخصية أو جزئية، ولهذا فإن المتتبع لمسارها التاريخي المعاصر يلاحظ أن نموذجها العام تميز بالتحالف في وجه تحديات أساسية واجهت النظام العربي، باستثناء العقد الذي قادت فيه مصر موجة التغيير في الوطن العربي، وبالتحديد منذ قيام الوحدة المصرية – السورية في 1958 وحتى وقوع هزيمة يونيو/حزيران 1967، وفي ما عدا هذا تحالف البلدان ضد مشروع حلف بغداد في 1955 ووقفت السعودية مساندة لمصر في وجه العدوان الثلاثي في 1956 وفى دعم الصمود المصري بعد 1967، وقاد الملك فيصل استخدام سلاح النفط في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. يجب على الجانب المصري وبالذات على الصعيد الإعلامي أن يقدر حساسية انتقاد المذهب الوهابي بالنسبة للشرعية السعودية وأهمية مواجهة المشروع الإيراني والعمليات العسكرية الحوثية في المناطق الحدودية السعودية».


أهداف معلنة وأخرى سرية لعقد التحالفات


لكن زميلنا في «الأهرام» محمد أبو الفضل عبر عن قلق المصريين من حكاية التحالف الإسلامي وقال في العدد نفسه: «عندما يسمع كثيرون ولادة تحالف جديد ضد الإرهاب يتوجسون خيفة ويشعرون بأن هناك أهدافا معلنة وأخرى سرية، الأولى تدغدغ مشاعر الناس وتلعب على وتر الهلع من العنف المنتشر في المنطقة. والثانية تخدم أغراضا خفية لا يعرف أحد فحواها وتفاصيلها، إلا أصحاب المبادرات. وفي جميع الحالات تعلن واشنطن شيئا بريئا وتخفي أشياء شريرة، ولعل ما يجري في سوريا واحد من المشاهد العبثية التي استخدم فيها التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، فالتحركات التي ظهرت ملامحها في البيان المؤسس للتحالف الإسلامي العسكري، ترمى للتركيز على سوريا، وجاء على ذكر أماكن أخرى على استحياء، بالتالي فالهدف التدخل وإسقاط نظام بشار حتى لو كانت الدول التي ستشرع في التدخل مسؤولة عن انتشار الإرهاب بالتمويل والتأييد وتسهيل عمليات العبور».


مؤسسة تقريب أم مؤسسة تفريق؟


ونظل مع السعودية والأزهر والشيعة، حيث أبدى زميلنا في «اليوم السابع» سعيد شعيب دهشته مما هو آت: «حتى الآن لا أعرف من هم الجهابذة في مشيخة الأزهر الذين يقفون وراء تنظيم مسابقة للطلبة الوافدين حول موضوع «نشر التشيع في المجتمع السني أسبابه مخاطره كيفية مواجهته»، ولن تكون هذه المسابقة مجانية، وإنما مدفوعة الثمن بجوائز مجموعها 42 ألف جنيه يحصل المركز الأول على 5 آلاف جنيه. والثاني 4 آلاف جنيه. والثالث 3 آلاف جنيه، وتخصيص 10 جوائز بقيمة ألفي جنيه. وعشرة جوائز بقيمة ألف جنيه. هكذا نجد من يريد للأزهر الشريف أن يهدم قيمته الدينية والتاريخية المضيئة، فبدلا من أن يكون مؤسسة تقريب يصبح مؤسسة تفريق. بالطبع هناك أهداف لإيران ومشروعها السياسي الذي يريد الهيمنة على المنطقة، لكن إذا كان هناك مخطئ فهو نحن العرب، فضعفنا يغرى الآخرين ضدنا. في عام 1960 وجه جمال عبد الناصر الدعوة لعلماء المسلمين من المذاهب الثمانية، وليس الأربعة لحضور مؤتمر علماء المسلمين في الأزهر، فانعقد المؤتمر ومثل فيه الشيعة الجعفرية من إيران والأباضية من عمان والزيدية من اليمن والظاهرية في الجزائر، وكان ذلك لأول مرة في التاريخ الإسلامي قديمه وحديثه، وفوق ذلك صدرت في عهد عبد الناصر موسوعة الفقه الإسلامي، وهذه الموسوعة حسب العقالي: تعيد الدماء إلى الفقه والإجتهاد فيه بعد أن كانت أبوابه موصدة لعدة قرون طويلة مضت».


الفتاوى


وأخيرا إلى الفتوى وستكون من صفحة «أنت تسأل والإسلام يجيب» في «اللواء الإسلامي» التي يشرف عليها زميلنا عبد العزيز عبد الحليم، حيث ورد إليه سؤال عن المقصود بالعرش: وأجاب عليه الشيخ خالد الجندي قائلا: «العرش عند أهل العلم وفي اللغة العربية هو السرير العظيم سرير الملك، والمراد بعرش الرحمن سرير عظيم هو أعظم المخلوقات له قوائم وله حملة من الملائكة والله فوق العرش، سبحانه وتعالى، كما قال عزوجل : «الرحمن على العرش استوى». وقال سبحانه: «أن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش». فهو سرير عظيم ومخلوق عظيم لا يعلم مدى عظمته وسعته إلا الذي خلقه، سبحانه وتعالى، وهذا هو العرش العظيم الذي تعرفه العرب كما قال الله سبحانه في قصة بلقيس، ولها عرش عظيم فكراسي الملوك يقال لها عروش، لكن عرش الله سبحانه لا يشابهه شيء من عروش المخلوقين، ولكنه في الجملة يعرف من حيث اللغة، وهو سرير عظيم لا يعلم سعته وعظمته وكنهه ومادته إلا الذي خلقه سبحانه وتعالى. واستواء الله عليه قيل عنه الإستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة».